للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبَطَلَ) اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ بِرِجْلَيْهِ مَعًا سَوَاءٌ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ أَمْ لَا وَيَقْضِيهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ عَلَى الظَّاهِرِ إذْ لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ قَوْلُهُ (كَمَرَضِ) أَحَدِ (أَبَوَيْهِ) دَنِيَّةً فَيَخْرُجُ لِبِرِّهِمَا الْآكَدِ مِنْ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَيَقْضِيهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بَطَلَ لِلْعُقُوقِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ (لَا جِنَازَتِهِمَا مَعًا) فَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ، وَأَمَّا لِجِنَازَةِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَيًّا خَرَجَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْخُرُوجِ مَظِنَّةُ عُقُوقِ الْحَيِّ وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ مَا يَشْمَلُ مَوْتَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ

(وَكَشَهَادَةٍ) تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهَا فَإِنْ خَرَجَ بَطَل اعْتِكَافُهُ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ الْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ لِيَكُونَ مُشَبَّهًا بِقَوْلِهِ لَا جِنَازَتِهِمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (وَإِنْ وَجَبَتْ) الشَّهَادَةُ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ غَيْرُهُ أَوْ لَا يَتِمَّ النِّصَابُ إلَّا بِهِ فَلَا يَخْرُجُ (وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ) بِأَنْ يَأْتِيَ إلَيْهِ الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا (أَوْ تُنْقَلَ عَنْهُ) ، وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ شُرُوطُ النَّقْلِ مِنْ بَعْدِ غَيْبَةٍ وَمَرَضٍ لِلضَّرُورَةِ وَعُطِفَ عَلَى مَا يُبْطِلُهُ قَوْلُهُ

(وَكَرِدَّةٍ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافٌ إذَا تَابَ وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً وَرَجَعَ قَبْلَ مُضِيِّهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا لِتَقْدِيرِهِ كَافِرًا أَصْلِيًّا (وَكَمُبْطِلٍ) بِالتَّنْوِينِ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ وَكَشَخْصٍ مُبْطِلٍ (صَوْمَهُ) مَفْعُولٌ لَهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ تَعَمَّدَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا فَمَرِضَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ شَرَعَ ثُمَّ خَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ يُتِمُّ فَصَادَفَ الْجُمُعَةَ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ هَذَا يَخْرُجُ إلَيْهَا وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ شَارِحِنَا أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا نَسَبَ هَذَا التَّفْصِيلَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ، وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَهُوَ فِي مُعْتَكَفِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لَهَا وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ لَهَا وَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ بِذَلِكَ الْخُرُوجُ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْجَهْمِ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ) أَيْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ بِرِجْلَيْهِ مَعًا أَيْ لَا بِإِحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ دَخَلَ إلَخْ) أَيْ الْمَسْجِدَ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ عَازِمًا عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ لِلْجُمُعَةِ وَقَوْلُهُ وَيَقْضِيهِ أَيْ يَقْضِي ذَلِكَ الِاعْتِكَافَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) أَيْ لِلْجُمُعَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ أَيْ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ) أَيْ بِعَدَمِ خُرُوجِهِ لِلْجُمُعَةِ كَبِيرَةً حَتَّى إنَّ الِاعْتِكَافَ يَبْطُلُ، وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ صَغِيرَةً، وَهِيَ لَا تُبْطِلُهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ لَا يَكُونُ كَبِيرَةً إلَّا إذَا كَانَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَيَجْرِي عَلَى خِلَافِ الْكَبَائِرِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَيْ وَأَحْرَى هُمَا وَقَوْلُهُ فَيَخْرُجُ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَعُودَهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوجُ لِلْعِيَادَةِ لِأَجْلِ بِرِّهِمَا أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ كَمَا فِي عج وَقَوْلُهُ دَنِيَّةً خَرَجَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمُعْتَكَفِ لِعِيَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الِاعْتِكَافِ وَلَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ لِلْمُعْتَكِفِ عَنْهَا فَهُوَ عَارِضٌ كَالْخُرُوجِ لِتَخْلِيصِ الْغَرْقَى فَإِنَّهُ وَاجِبٌ وَمُبْطِلٌ لِلِاعْتِكَافِ فَكَذَا مَا كَانَ مِثْلَهُ، وَهُوَ الْخُرُوجُ لِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ) أَيْ مِنْ بُطْلَانِهِ بِالْكَبَائِرِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ بِهَا وَالْعُقُوقُ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ.

(قَوْلُهُ لَا جِنَازَتِهِمَا مَعًا فَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ خُرُوجِهِ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا يَجِبُ خُرُوجُهُ لِزِيَارَتِهِمَا وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ إذَا خَرَجَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَقُيِّدَ الْمَشْهُورُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ التَّجْهِيزُ عَلَى خُرُوجِهِ وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَيًّا خَرَجَ) أَيْ وُجُوبًا وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْخُرُوجِ مَظِنَّةُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ يَقُولُ إنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ لِجِنَازَةِ أُمِّهِ فَأَنَا كَذَلِكَ لَا يَمْشِي خَلْفَ جِنَازَتِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الْآخَرُ حَيًّا فَلَا يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ ذَلِكَ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا

(قَوْلُهُ وَكَشَهَادَةٍ) عَطْفٌ عَلَى جِنَازَتِهِمَا أَيْ لَا جِنَازَتِهِمَا وَلَا كَشَهَادَةٍ أَيْ وَلَا مِثْلُ شَهَادَةٍ فَالْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلُ وَمِثْلُ الشَّهَادَةِ الدَّيْنُ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُوَفِّهِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ لِأَدَائِهِ (قَوْلُهُ لِيَكُونَ مُشَبَّهًا بِقَوْلِهِ لَا جِنَازَتِهِمَا) أَيْ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا لَا يَخْرُجُ لِلشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ) مُبَالَغَةً فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ مِنْ بَعْدِ غَيْبَةٍ إلَخْ) أَيْ غَيْبَةِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ مَوْتِهِ

(قَوْلُهُ وَكَرِدَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي أَحَدِ حُكْمَيْهِ، وَهُوَ الْبُطْلَانُ لَا فِي مَجْمُوعِ حُكْمَيْهِ مِنْ وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافٌ) أَيْ لِذَلِكَ الِاعْتِكَافِ الَّذِي بَطَلَ بِالرِّدَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ بْن لَكِنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَلْيَقُ بِالْقَوَاعِدِ إذْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَكَفَّارَتُهُ إذَا ارْتَدَّ فِي رَمَضَانَ وَتَابَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ) أَيْ لِلْإِسْلَامِ بَعْدَ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَكَشَخْصٍ مُبْطِلٍ) أَيْ وَكَإِبْطَالِ شَخْصٍ مُبْطِلٍ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْمُبْطِلَاتِ (قَوْلُهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ تَعَمَّدَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>