(وَنُفِّذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ بِالْحَجِّ (مِنْ الثُّلُثِ) صَرُورَةً، أَوْ غَيْرَهُ سَمَّى مَالًا، أَوْ ثُلُثًا، أَوْ أَطْلَقَ (وَحُجَّ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُوصِي (حِجَجٌ إنْ) سَمَّى الثُّلُثَ (وَسِعَ) الثُّلُثُ حِجَجًا (وَقَالَ) الْمُوصِي (يُحَجُّ بِهِ) أَيْ بِالثُّلُثِ (لَا) إنْ قَالَ يُحَجُّ عَنِّي (مِنْهُ) فَحَجَّةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (وَإِلَّا) يَسَعْ الثُّلُثُ حِجَجًا بِأَنْ لَا يَسَعَ حَجَّةً، أَوْ قَصَرَ عَنْ ثَانِيَةٍ فَأَكْثَرَ أَوْ وَسِعَ وَقَالَ يُحَجُّ مِنْهُ (فَمِيرَاثٌ) أَيْ فَالْقَاصِرُ عَنْ حَجَّةٍ فَأَكْثَرَ فِي الْأُولَى، وَالْبَاقِي بَعْدَ حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا (كَوُجُودِهِ) أَيْ كَمَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا إنْ سَمَّى مَالًا كَمِائَةٍ فَوَجَدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (بِأَقَلَّ) كَخَمْسِينَ عُيِّنَ الْأَجِيرُ أَمْ لَا (أَوْ تَطَوَّعَ غَيْرٌ) عَنْهُ أَيْ يَحُجُّ عَنْهُ مَجَّانًا سَمَّاهُ أَمْ لَا فَيَرْجِعُ الْبَاقِي فِي الْأُولَى وَالْكُلُّ فِي الثَّانِيَةِ مِيرَاثًا (وَهَلْ) رُجُوعُ الْبَاقِي فِي الْأُولَى مِيرَاثًا مُطْلَقًا قُيِّدَ بِحَجَّةٍ بِأَنْ قَالَ: يُحَجُّ بِهِ عَنِّي حَجَّةٌ، أَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ يُحَجُّ بِهِ، أَوْ حُجُّوا بِهِ عَنِّي، أَوْ يَرْجِعُ مِيرَاثًا (إلَّا أَنْ) يُطْلِقَ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِحَجَّةٍ بِأَنْ (يَقُولَ يُحَجُّ) ، أَوْ حُجُّوا (عَنِّي بِكَذَا) أَيْ بِمِائَةٍ مَثَلًا فَإِنْ أَطْلَقَ (فَحِجَجٌ) حَتَّى يَنْفُذَ وَلَا يَرْجِعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى كَمَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الثَّانِيَةُ - أَعْنِي مَسْأَلَةَ التَّطَوُّعِ - فَالْكُلُّ يَرْجِعُ مِيرَاثًا مُطْلَقًا اتِّفَاقًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ.
(وَدُفِعَ الْمُسَمَّى) جَمِيعُهُ (وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ) أَيْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ (لِمُعَيَّنٍ لَا يَرِثُ) أَيْ غَيْرِ وَارِثٍ بِالْفِعْلِ - وَلَوْ أَخًا - مَعَ وُجُودِ ابْنٍ (فُهِمَ إعْطَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُعَيَّنِ فَلَوْ كَانَ وَارِثًا أَوْ لَمْ يُفْهَمْ بِالنَّصِّ أَوْ الْقَرَائِنِ الْإِعْطَاءُ لَهُ، لَمْ يُزَدْ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْخَيْرِ. (قَوْلُهُ وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنَّمَا نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُجِيزُ النِّيَابَةَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ إذَا كَانَ تَطَوُّعًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَيُصْرَفُ الْقَدْرُ الْمُوصَى بِهِ فِي الْهَدَايَا وَمَحَلُّ نُفُوذِهَا مِنْ الثُّلُثِ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا وَصِيَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ كَوَصِيَّةٍ بِمَالٍ وَلَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ إلَّا إحْدَاهُمَا فَتُقَدَّمُ وَصِيَّةُ الْمَالِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ سَوَاءٌ كَانَ لِمُوصًى صَرُورَةٍ، أَوْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: سَمَّى مَالًا، أَوْ ثُلُثًا، أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ كَأَوْصَيْتُ أَنْ يُحَجَّ عَنِّي بِمِائَةٍ أَوْ بِثُلُثِ مَالِي، أَوْ يُحَجَّ عَنِّي.
(قَوْلُهُ: حُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ) اُنْظُرْ هَلْ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَعْوَامٍ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا يُحَجُّ عَنْهُ تِلْكَ الْحِجَجُ مِنْ بَلَدِهِ إنْ لَمْ يُسَمِّ بَلَدًا، وَإِلَّا فَمِنْهُ فَإِنْ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحُجَّ بِهَا مِنْ بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِهَا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ مَا يَبْلُغُ وَلَوْ مِنْ مَكَّةَ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَسَيَأْتِي فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَا سَمَّى مِنْ مَكَانِهِ حَجَّ مِنْ الْمُمْكِنِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: إنْ سَمَّى الثُّلُثَ) أَيْ أَوْ سَمَّى قَدْرًا مِنْ الْمَالِ وَقَوْلُهُ وَوَسِعَ الثُّلُثُ أَيْ أَوْ الْقَدْرُ الَّذِي سَمَّاهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالثُّلُثِ) أَيْ أَوْ بِالْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَوَسِعَ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِوَسِعَ الْمَالُ إمْكَانَ الْحَجِّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ بَلْ الْمُرَادُ كَثْرَتُهُ جِدًّا بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الثُّلُثُ يُشْبِهُ أَنْ يَحُجَّ بِهِ حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَمْكَنَ أَنْ يَحُجَّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا كَانَ الزَّائِدُ مِيرَاثًا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ فَقَوْلُهُ: كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ فِي غَيْرِ الْوَاسِعِ وَهُوَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَحُجَّ بِهِ حَجَّةً وَأَمْكَنَ أَنْ يَحُجَّ بِهِ أَكْثَرَ وَهُوَ مِمَّا يَنْدَرِجُ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُرْجِعَ لَهُ التَّأْوِيلَيْنِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ بِالثُّلُثِ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَهْرَامُ وتت وَحَمْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ لَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُوصَى بِالْحَجِّ بِهِ وَاسِعًا وَوُجِدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ لَيْسَ الْوَاسِعُ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ حَتَّى يَنْفَدَ الْمَالُ، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُمَا غَيْرُ الْوَاسِعِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ يَرْجِعُ مِيرَاثًا إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ إنْ قَيَّدَ بِحَجَّةٍ رَجَعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا، وَإِنْ أَطْلَقَ حُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ حَتَّى يَنْفَدَ الْمَالُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ رَاجِعَانِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي ح وخش وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَيُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُهُ فِي الْمَنَاسِكِ أَيْضًا وَسَاقَ نُقُولًا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: وَدُفِعَ الْمُسَمَّى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا سَمَّى قَدْرًا مَعْلُومًا وَقَالَ ادْفَعُوهُ لِفُلَانٍ يَحُجَّ بِهِ عَنِّي وَفُلَانٌ غَيْرُ وَارِثٍ بِالْفِعْلِ لِلْمُوصِي فَإِنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ يُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمُوصِي وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ بِالْمُسَمَّى يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ إذَا فُهِمَ مِنْ حَالِ الْمُوصِي إعْطَاءُ ذَلِكَ الْقَدْرِ لِلْمُوصَى لَهُ وَكَانَ ثُلُثُ الْمَالِ يَحْمِلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَرْضَ بِأَقَلَّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْوَصِيَّةِ، وَإِلَّا فَالْبَاقِي يَرْجِعُ مِيرَاثًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ دَفْعِ الْمُسَمَّى لِلْمُعَيَّنِ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا رَضِيَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ رَجَعَ ذَلِكَ الْمُسَمَّى مِيرَاثًا فَعُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ دَفْعِ الْمُسَمَّى بِتَمَامِهِ لِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ - إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ - مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَنْ يَرْضَى ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ بِذَلِكَ الْمُسَمَّى، وَأَنْ لَا يَكُونَ وَارِثًا، وَأَنْ يُفْهَمَ مِنْ حَالِ الْمُوصِي إعْطَاءُ ذَلِكَ الْقَدْرِ لَهُ، وَأَنْ يَحْمِلَهُ الثُّلُثُ، وَأَنْ لَا يَرْضَى بِأَقَلَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ رُتْبَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِمُعَيَّنٍ مُتَعَلِّقٌ بِدُفِعَ فَرُتْبَتُهُ التَّقْدِيمُ. (قَوْلُهُ: لَا يَرِثُ) هَذَا قَيْدٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَأَمَّا قَدْرُ الْأُجْرَةِ فَيُدْفَعُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ يَرِثُ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ عَلَى إنْ كَانَ أَحْسَنَ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ لِلْحَالِ وَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute