للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِطُوًى) مُثَلَّثُ الطَّاءِ وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَبِطُوًى لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ (وَ) نُدِبَ أَيْضًا (لِلْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ وَلَوْ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَوَقْتُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيَتَدَلَّكُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ تَدْلِيكًا خَفِيفًا.

(وَ) ثَانِي السُّنَنِ (لُبْسُ إزَارٍ) فِي وَسَطِهِ (وَرِدَاءٍ) عَلَى كَتِفَيْهِ (وَنَعْلَيْنِ) أَيْ أَنَّ السُّنَّةَ هَذِهِ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّجَرُّدَ وَاجِبٌ فَلَوْ الْتَحَفَ بِرِدَاءٍ، أَوْ كِسَاءٍ أَجْزَأَهُ وَخَالَفَ السُّنَّةَ.

(وَ) ثَالِثُ السُّنَنِ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (تَقْلِيدُ هَدْيٍ) إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ تَطَوُّعًا، أَوْ لِعَامٍ مَضَى وَكَانَ مِمَّا يُقَلَّدُ لَا غَنَمًا، وَأَمَّا مَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّمَا يُقَلَّدُ بَعْدَهُ (ثُمَّ إشْعَارُهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُشْعَرُ كَالْإِبِلِ فَالتَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ سُنَّةٌ لِلْإِحْرَامِ بِالْقَيْدَيْنِ لَا مُطْلَقًا.

(ثُمَّ) رَابِعُ السُّنَنِ (رَكْعَتَانِ وَالْفَرْضُ مُجْزٍ) عَنْهُمَا وَفَاتَهُ الْأَفْضَلُ وَأَفَادَ بِثُمَّ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِشْعَارَ عَنْ التَّقْلِيدِ وَالرَّكْعَتَيْنِ عَنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ أَيْ نَدْبًا فِيهِمَا لَكِنَّ النَّصَّ تَقْدِيمُ الرُّكُوعِ عَلَى التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ.

ثُمَّ بَيَّنَ الْوَقْتَ الَّذِي يُحْرِمُ فِيهِ نَدْبًا بَعْدَ فِعْلِ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ (يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى) عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشْيِهَا (وَالْمَاشِي إذَا مَشَى) وَلَا يَنْتَظِرُ الْخُرُوجَ إلَى الْبَيْدَاءِ.

(وَتَلْبِيَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ خَامِسَةٌ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي " وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ فَدَمٌ " أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَاتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ يَسِيرُ الْفَصْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ السُّنَّةَ اتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ حَقِيقَةً فَإِنْ تَرَكَهُ فَإِنْ انْضَمَّ لِذَلِكَ طُولٌ لَزِمَهُ الدَّمُ فَقَوْلُهُ " وَتَلْبِيَةٌ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَاتِّصَالُ تَلْبِيَةٍ (وَجُدِّدَتْ) نَدْبًا (لِتَغَيُّرِ حَالٍ) كَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَرُكُوبٍ وَمُلَاقَاةِ رِفَاقٍ (وَخَلْفَ صَلَاةٍ) وَلَوْ نَافِلَةً (وَهَلْ) يَسْتَمِرُّ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ يُلَبِّي (لِمَكَّةَ) أَيْ لِدُخُولِهَا.

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: بِطُوًى) أَيْ إنْ أَتَى مِنْ جِهَتِهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ جِهَتِهَا فَيُقَدِّرُ مَا بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَيَتَدَلَّكُ) فِيهِمَا أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُسْلًا إلَّا مَعَ الدَّلْكِ وَقَوْلُهُ: تَدْلِيكًا خَفِيفًا أَيْ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ فَيُخَافُ مِنْ شِدَّةِ الدَّلْكِ قَتْلُ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ أَوْ قَلْعُ شَيْءٍ مِنْ الشَّعْرِ وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَتَدَلَّكُ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ: يَتَدَلَّكُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ غُسْلُ الْإِحْرَامِ فَيَتَدَلَّكُ فِيهِ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ السُّنَّةَ هَذِهِ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ أَصْلُهُ لح وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبَحَثَ فِيهِ طفى بِأَنَّ جَعْلَ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ سُنَّةً يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ وَإِنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ أَنَّ تِلْكَ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَمَا نَسَبَهُ التَّوْضِيحُ لِابْنِ شَاسٍ وَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ مِنْ السُّنِّيَّةِ قَالَ طفى الظَّاهِرُ مِنْهُمَا خِلَافُهُ فَالْأَوْلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَهْرَامُ وتت مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ السُّنَّةِ التَّجَرُّدُ وَمِثْلُهُ لِعِيَاضٍ وَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَبِهِ عَبَّرَ فِي مَنَاسِكِهِ، وَقَوْلُ ح - يَبْعُدُ أَنْ يُرِيدَ التَّجَرُّدَ مِنْ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ يَأْثَمُ تَارِكُهُ - غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُنْجَبِرَةِ بِالدَّمِ مُخْتَلِفٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْوَاجِبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالسُّنَّةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّأْثِيمِ وَعَدَمِهِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ مِمَّا يُقَلَّدُ) أَيْ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَأَمَّا مَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا إذَا لَزِمَهُ لِأَجْلِ تَمَتُّعٍ، أَوْ قِرَانٍ وَقَوْلُهُ: إنَّمَا يُقَلَّدُ بَعْدَهُ أَيْ فَإِنْ قُلِّدَ قَبْلَهُ خَالَفَ الْأَوْلَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدَيْنِ) أَيْ كَوْنِ الْهَدْيِ مَسُوقًا لِتَطَوُّعٍ، أَوْ لِأَجْلِ مَا لَزِمَهُ عَنْ مَاضٍ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقَلَّدُ، أَوْ يُشْعَرُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَكْعَتَانِ) أَيْ فَأَكْثَرُ فَهُوَ اقْتِصَارٌ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ رَكْعَتَانِ فَقَطْ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ وَقْتَ جَوَازٍ، وَإِلَّا انْتَظَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهَقًا، وَإِلَّا أَحْرَمَ وَتَرَكَهُمَا كَمَا أَنَّ الْمَعْذُورَ مِثْلَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ يَتْرُكُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْضُ مُجْزِئٌ) أَيْ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ عَقِبَ نَافِلَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلِلْإِحْرَامِ صَلَاةٌ تَخُصُّهُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِإِيقَاعِ الْإِحْرَامِ عَقِبَ صَلَاةٍ وَلَوْ فَرْضًا لَكِنْ إنْ كَانَتْ نَفْلًا فَقَدْ أَتَى بِسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ، وَإِنْ فَعَلَهُ بَعْدَ فَرْضٍ فَقَدْ أَتَى بِسُنَّةٍ فَقَطْ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ خُصُوصُ الْعَيْنِيِّ، أَوْ وَلَوْ بِالْعُرُوضِ كَجِنَازَةٍ تَعَيَّنَتْ وَنَذْرِ نَفْلٍ وَهَلْ السُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ كَالْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِشْعَارَ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْهَدْيُ يَجُوزُ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ كَالْإِبِلِ وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْإِشْعَارُ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ التَّقْلِيدُ كَالْبَقَرِ فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ. (قَوْلُهُ: أَيْ نَدْبًا فِيهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُنْصَبَّةٌ عَلَى ذَاتِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ التَّعْبِيرَ بِثُمَّ يُفِيدُ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ مَنْدُوبٌ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ النَّصَّ أَيْ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: نَدْبًا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى وَالْمَاشِي إذَا مَشَى " عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَوْ أَحْرَمَ الرَّاكِبُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَحْرَمَ الْمَاشِي قَبْلَ مَشْيِهِ كَفَاهُ ذَلِكَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْبَيْدَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ وَبَطْنِ الْوَادِي.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ السُّنَّةَ اتِّصَالُهَا) أَيْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ذَاتِهَا وَأَنَّ تَجْدِيدَهَا مُسْتَحَبٌّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلْبِيَةَ فِي ذَاتِهَا وَاجِبَةٌ، وَعَدَمَ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِحْرَامِ بِكَثِيرٍ وَاجِبٌ أَيْضًا، وَمُقَارَنَتَهَا لِلْإِحْرَامِ، وَاتِّصَالَهَا بِهِ سُنَّةٌ، وَتَجْدِيدَهَا مُسْتَحَبٌّ هَذَا هُوَ أَرْجَحُ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ الِاتِّصَالَ وَلَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ الدَّمُ أَيْ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ وَانْضِمَامِ الطُّولِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْفَصْلُ يَسِيرًا فَلَا دَمَ إذْ لَمْ يَحْصُلْ سِوَى تَرْكِ السُّنَّةِ وَهُوَ يَسِيرُ الْفَصْلِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ دَمًا. (قَوْلُهُ: أَيْ وَاتِّصَالُ تَلْبِيَةٍ) أَيْ اتِّصَالُهَا وَمُقَارَنَتُهَا لِلْإِحْرَامِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ التَّلْبِيَةَ وَاجِبَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>