للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَرَدُّدٌ) الْمَشْهُورُ وُجُوبُهُمَا فِي الْوَاجِبِ أَيْ وَالتَّرَدُّدُ فِي غَيْرِهِ مُسْتَوٍ (وَنُدِبَا) أَيْ نُدِبَ قِرَاءَتُهُمَا (كَالْإِحْرَامِ) أَيْ كَنَدْبِ قِرَاءَةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ (بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى التَّوْحِيدِ فِي مَقَامِ التَّجْرِيدِ (وَ) نُدِبَا أَيْ إيقَاعُهُمَا (بِالْمَقَامِ) أَيْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَيْ خَلْفَهُ لَا دَاخِلَهُ.

(وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ بِالْمُلْتَزَمِ) بَعْدَ الطَّوْفِ وَرَكْعَتَيْهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْحَائِطِ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَعْتَنِقُهُ وَاضِعًا صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ عَلَيْهِ بَاسِطًا كَفَّيْهِ وَيُسَمَّى بِالْحَطِيمِ.

(وَ) نُدِبَ (اسْتِلَامُ) أَيْ تَقْبِيلُ (الْحَجَرِ) الْأَسْوَدِ بِكُلِّ شَوْطٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَلَمْسُ الرُّكْنِ (الْيَمَانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ وَ) نُدِبَ (اقْتِصَارٌ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك، وَكَرِهَ مَالِكٌ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا.

(وَ) نُدِبَ (دُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا) أَيْ ضُحًى (وَ) دُخُولُ (الْبَيْتِ) أَيْ الْكَعْبَةِ نَهَارًا، أَوْ لَيْلًا (وَ) نُدِبَ دُخُولُ مَكَّةَ (مِنْ كَدَاءٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ مُنَوَّنًا (لِمَدَنِيٍّ) أَيْ لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ (وَ) دُخُولُ (الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ (وَ) نُدِبَ (خُرُوجُهُ) أَيْ الْمَدَنِيِّ أَيْضًا (مِنْ كُدًى) بِضَمِّ الْكَافِ وَالْقَصْرِ.

(وَ) نُدِبَ لِمَنْ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَأَمَرْنَاهُ بِتَأْخِيرِ الرُّكُوعِ لِحِلِّ النَّافِلَةِ بِالْغُرُوبِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ (رُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ) صَلَاةِ (الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ غَالِبِ الْعِبَارَاتِ كَذَا ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالثَّانِي اخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَهُوَ أَنَّهُمَا وَاجِبٌ بَعْدَ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَسُنَّةٌ بَعْدَ الطَّوَافِ الْغَيْرِ الْوَاجِبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّنْبِيهِ قَالَ ح وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمَشْهُورِ فَهُوَ اخْتِيَارُ لعج فَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمَقَالَاتِ أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْبِنَاءِ الْمُحِيطِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَجَرِ الَّذِي كَانَ يَقِفُ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَكَانَ إسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَقِيلَ إنَّهُ الْحَجَرُ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ حِينَ أَذَّنَ لِلنَّاسِ بِالْحَجِّ وَقَدْ وَرَدَ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَنَّ فِيهِ أَثَرُ أَقْدَامِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

(قَوْلُهُ: بِالْمُلْتَزَمِ) عِنْدَهُ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى " عِنْدَ ". (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى بِالْحَطِيمِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُدْعَى عِنْدَهُ عَلَى الظَّالِمِ فَيُحْطَمُ أَيْ يُهْلَكُ أَوْ لِأَنَّهُ أَيْ تُحْطَمُ عِنْدَهُ الذُّنُوبُ بِالْمَغْفِرَةِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا اسْتِلَامُهُ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ فَسُنَّةٌ وَقَوْلُهُ: وَلَمْسُ الرُّكْنِ الْيَمَانِي أَيْ فِي كُلِّ شَوْطٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَأَمَّا لَمْسُهُ فِي الْأَوَّلِ فَسُنَّةٌ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَبَّيْكَ) مَعْنَاهُ إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ أَيْ أَجَبْتُك لِلْحَجِّ حِينَ أَذَّنَ إبْرَاهِيمُ بِهِ فِي النَّاسِ كَمَا أَجَبْتُك أَوَّلًا حِينَ خَاطَبْتَ الْأَرْوَاحَ بِأَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ كَذَا قِيلَ وَالْأَحْسَنُ أَنَّ مَعْنَاهُ امْتِثَالًا لَك بَعْدَ امْتِثَالٍ فِي كُلِّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْحَمْدَ) رُوِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَبِفَتْحِهَا عَلَى التَّعْلِيلِ وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ ثَعْلَبٌ لِأَنَّ مَنْ كَسَرَ جَعَلَ مَعْنَاهُ إنَّ الْحَمْدَ لَك عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمَنْ فَتَحَ قَالَ مَعْنَاهُ لَبَّيْكَ لِهَذَا السَّبَبِ. (فَائِدَةٌ) تُكْرَهُ الْإِجَابَةُ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ بِالتَّلْبِيَةِ لِقَوْلِ التَّهْذِيبِ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُلَبِّيَ مَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَرَآهُ خُرْقًا مِمَّنْ فَعَلَهُ وَالْخُرْقُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْحُمْقُ وَسَخَافَةُ الْعَقْلِ وَأَمَّا إجَابَةُ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّلْبِيَةِ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي التَّوْضِيحِ. وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ هَارُونَ أَنَّ الَّذِي كَرِهَهُ الْإِمَامُ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُ تَلْبِيَةِ الْحَجِّ فِي غَيْرِهِ كَاِتِّخَاذِهَا وِرْدًا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِهَا وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِمَنْ نَادَاهُ لَبَّيْكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلْ هُوَ حُسْنُ أَدَبٍ، وَفِي الشِّفَاءِ عَنْ عَائِشَةَ «مَا نَادَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا أَهْلِ مِلَّتِهِ إلَّا قَالَ لَبَّيْكَ» وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَهُمْ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: نَهَارًا، أَوْ لَيْلًا) أَيْ كَمَا هُوَ النَّقْلُ وَلِذَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الظَّرْفَ عَلَى الْمَعْطُوفِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَذْفِ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ مُقْتَضَى كَوْنِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَقَدْ أَتَى بِهَذَا الْمُسْتَحَبِّ بَلْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحِجْرَ كُلَّهُ مِنْ الْبَيْتِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَيُقْصَرُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَدَّتْ الزَّحْمَةُ عَلَى الْبَيْتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَدَاءٍ) أَيْ وَهِيَ الطَّرِيقُ الصُّغْرَى الَّتِي أَعْلَى مَكَّةَ الَّتِي يُهْبَطُ فِيهَا إلَى الْأَبْطَحِ وَالْمَقْبَرَةُ بَعْضُهَا عَنْ يَسَارِك وَبَعْضُهَا عَنْ يَمِينِك فَإِذَا دَخَلْت مِنْهَا أَخَذْتَ كَمَا أَنْتَ لِلْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ لَا وَأَمَّا مَنْ أَتَى مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الدُّخُولُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مَدَنِيًّا وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِكُلِّ حَاجٍّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ طَرِيقَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا فِيهِ إبْرَاهِيمُ رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَمُفَادُ عج اعْتِمَادُ مَا لِلْفَاكِهَانِيِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَحَلُّ نَدْبِ دُخُولِ مَكَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِزَحْمَةٍ، أَوْ ضِيقٍ أَوْ أَذِيَّةِ أَحَدٍ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ تَرْكُ الدُّخُولِ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَنُدِبَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الدَّاخِلِ. (قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ كُدًى) وَهِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ الْمَعْرُوفَةُ بِبَابِ شُبَيْكَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>