لَكَانَ أَحْسَنَ (وَإِلَّا يَقِفْ مَعَهُ فَكُلٌّ) مِنْ الْفَرْضَيْنِ يُصَلَّى (لِوَقْتِهِ) أَيْ فِي وَقْتِهِ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ (وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النُّزُولِ بِمُزْدَلِفَةَ وَقَدْ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّفَقِ (أَعَادَهُمَا) بِمَحَلِّ النُّزُولِ وَهُوَ مُزْدَلِفَةُ نَدْبًا، وَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلشَّفَقِ فَقَوْلُهُ أَعَادَهُمَا أَيْ الْمَغْرِبَ نَدْبًا إنْ بَقِيَ وَقْتُهَا وَالْعِشَاءَ وُجُوبًا لِبُطْلَانِهَا.
(وَ) نُدِبَ (ارْتِحَالُهُ) مِنْ مُزْدَلِفَةَ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ مُغَلِّسًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِغَلَسٍ أَيْ قَبْلَ حُصُولِ الضَّوْءِ.
(وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يُكَبِّرُ) اللَّهَ (وَيَدْعُو) لِنَفْسِهِ وَالْمُسْلِمِينَ أَيْ لِلتَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ (لِلْإِسْفَارِ وَ) نُدِبَ (اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ الْوَاقِفُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَشْعَرِ جَاعِلًا لَهُ عَلَى يَسَارِهِ (وَلَا وُقُوفَ) مَشْرُوعٌ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى (وَلَا قَبْلَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) بَلْ يُكْرَهُ (وَ) نُدِبَ (إسْرَاعٌ) بِدَابَّةٍ، أَوْ مَشْيٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا (بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُشَدَّدَةً وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى بِقَدْرِ رَمْيَةِ الْحَجَرِ.
(وَ) نُدِبَ (رَمْيُهُ الْعَقَبَةَ) أَيْ جَمْرَتَهَا (حِينَ وُصُولِهِ) مِنًى (وَإِنْ رَاكِبًا) وَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَنْزِلَ.
(وَ) نُدِبَ (الْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَيَشْمَلُ الْمَشْيَ فِيهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ (وَحَلَّ بِهَا) أَيْ بِرَمْيِهَا وَكَذَا بِخُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهَا (غَيْرُ نِسَاءٍ) بِجِمَاعٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحٍ (وَ) غَيْرُ (صَيْدٍ) فَحُرْمَتُهُمَا بَاقِيَةٌ وَسَيَأْتِي الْوَاجِبُ فِيهِمَا (وَكُرِهَ الطِّيبُ) فَلَا فِدْيَةَ فِي فِعْلِهِ وَهَذَا هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ.
(وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ مَعَ) رَمْيِ (كُلِّ حَصَاةٍ) تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً.
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي جَمْعِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ إنَّمَا هُوَ وُقُوفُهُ مَعَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ نَفَرَ مَعَهُ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ النَّقْلُ وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ نُفُورُهُ مَعَ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْفِرْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْجَمْعِ لِكَوْنِهِ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى النُّزُولِ) هَذَا الْحَلُّ هُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ وُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) أَيْ فَإِذَا وَصَلَ لِلْمَشْعَرِ الْحَرَامِ نُدِبَ وُقُوفُهُ بِهِ إلَخْ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوُقُوفَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ سُنَّةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَشَهَّرَهُ الْقَلْشَانِيُّ بَلْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّ الْوُقُوفَ بِهِ فَرِيضَةٌ وَلِذَا جَعَلَ الْبِسَاطِيُّ النَّدْبَ مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ اُنْظُرْ طفى قَالَ عج وَهَلْ النَّدْبُ يَحْصُلُ بِالْوُقُوفِ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ وَيَدْعُ فَهُمَا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ، أَوْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوُقُوفِ مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ مَعًا بَلْ يَكْفِي مُقَارَنَتُهُ لِأَحَدِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ هُوَ الْبِنَاءُ الْمَعْلُومُ وَهُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ لِمِنًى الَّذِي بَيْنَ جَبَلِ الْمُزْدَلِفَةِ وَالْجَبَلِ الْمُسَمَّى بِقُزَحَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَشْعَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّعَائِرِ أَيْ الطَّاعَاتِ وَمَعَالِمِ الدِّينِ وَمَعْنَى الْحَرَامِ أَيْ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ وَغَيْرُهُ كَقَطْعِ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَرَمِ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُهُ: بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ أَيْ عِنْدَهُ أَوْ أَنَّ الْمَشْعَرَ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْبِنَاءِ يُطْلَقُ عَلَى مَا قَرُبَ مِنْهُ مِنْ الْفَضَاءِ. (قَوْلُهُ: لِلْإِسْفَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُقُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ اسْتِقْبَالُهُ أَيْ الْوَاقِفِ بِهِ) أَيْ نُدِبَ اسْتِقْبَالُ الْوَاقِفِ عِنْدَهُ لِلْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا وُقُوفَ مَشْرُوعٌ بَعْدَهُ) أَيْ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ وُقُوفِهِمْ بِهِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْوُقُوفِ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مُسْتَفَادٌ مِنْ إغْيَائِهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لِلْإِسْفَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا وُقُوفَ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: ذَهَابًا) أَيْ فِي حَالَةِ الذَّهَابِ مِنْ مِنًى لِعَرَفَةَ فِي حَالَةِ الْإِيَابِ أَيْ الرُّجُوعِ مِنْ عَرَفَةَ لِمِنًى. (قَوْلُهُ: بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) قِيلَ إنَّهُ سُمِّيَ ذَلِكَ الْوَادِي بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ لِحَسْرِ فِيلِ أَصْحَابِ الْفِيلِ فِيهِ أَيْ إعْيَائِهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ نَزَلَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ فِيهِ اهـ خش قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْحَقُّ أَنَّ قَضِيَّةَ الْفِيلِ لَمْ تَكُنْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ بَلْ كَانَتْ خَارِجَ الْحَرَمِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.
. (قَوْلُهُ: حِينَ وُصُولِهِ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ وَأَمَّا رَمْيُهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ رَمْيِهَا حِينَ وُصُولِهِ إذَا وَصَلَ لِمِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنْ وَصَلَ قَبْلَ الطُّلُوعِ كَاَلَّذِي يُرَخَّصُ لَهُ فِي التَّقْدِيمِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ لِمِنًى فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مِنًى قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَا يَصِحُّ رَمْيُهُ حِينَئِذٍ فَيَنْتَظِرُ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الرَّمْيَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَسَيَأْتِي أَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَمْتَدُّ وَقْتُ أَدَائِهَا إلَى الْغُرُوبِ وَأَنَّ تَأْخِيرَهَا لِلطُّلُوعِ مَنْدُوبٌ وَأَنَّ اللَّيْلَ وَقْتٌ لِقَضَائِهَا فَإِنْ أَخَّرَ إلَيْهِ قُدِّمَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَاكِبًا) أَيْ هَذَا إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مَاشِيًا بَلْ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا رَاكِبًا وَهَذَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ النَّدْبِ أَيْ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَرْمِيَهَا حِينَ وُصُولِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَصَلَ عَلَيْهَا مِنْ رُكُوبٍ أَوْ مَشْيٍ فَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَنْزِلَ إذَا وَصَلَ رَاكِبًا وَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَرْكَبَ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مَاشِيًا؛ لِأَنَّ فِيهِ عَدَمَ الِاسْتِعْجَالِ بِرَمْيِهَا.
(قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْمَشْيَ فِيهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ وَيَوْمَانِ لَهُ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْحَاجُّ رَجُلًا وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ فَيَحِلُّ بِرَمْيِهَا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ غَيْرُ رِجَالٍ وَصَيْدٍ.
(قَوْلُهُ: وَتَكْبِيرُهُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّكْبِيرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ سُنَّةٌ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ قَبْلَ رَمْيِهَا وَلَا بَعْدَهُ وَيَفُوتُ الْمَنْدُوبُ بِمُفَارَقَةِ الْحَصَاةِ لِيَدِهِ قَبْلَ النُّطْقِ بِالتَّكْبِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَقِفُ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ رَمْيِ تِلْكَ الْجَمْرَةِ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَنْصَرِفَ.