للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ تَرَكَ) الْمَبِيتَ بِهَا وَبَاتَ دُونَهَا جِهَةَ مَكَّةَ (جُلَّ لَيْلَةٍ) فَأَكْثَرَ (فَدَمٌ) وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ (أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ) وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ.

(وَلَوْ بَاتَ) الْمُتَعَجِّلُ (بِمَكَّةَ، أَوْ مَكِّيًّا) . لَكِنْ يُكْرَهُ التَّعْجِيلُ لِلْإِمَامِ (قَبْلَ الْغُرُوبِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَجَّلَ (مِنْ) الْيَوْمِ (الثَّانِي) مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِمِنًى لَمْ يُبَحْ لَهُ التَّعْجِيلُ بَلْ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ وَرَمْيُ الثَّالِثِ وَبَيَّنَ ثَمَرَةَ التَّعْجِيلِ بِقَوْلِهِ (فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) وَمَبِيتُ لَيْلَتِهِ.

(وَرُخِّصَ) جَوَازًا (لِرَاعٍ) لِإِبِلٍ فَقَطْ (بَعْدَ) رَمْيِ (الْعَقَبَةِ) يَوْمَ النَّحْرِ (أَنْ يَنْصَرِفَ) إلَى رَعْيِهِ وَيَتْرُكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ (وَيَأْتِيَ) الْيَوْمَ (الثَّالِثَ) مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (فَيَرْمِيَ) فِيهِ (لِلْيَوْمَيْنِ) الْيَوْمِ الثَّانِي الَّذِي فَاتَهُ وَهُوَ فِي رَعْيِهِ وَالثَّالِثِ الَّذِي حَضَرَ فِيهِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ تَعَجَّلَ وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ لِرَمْيِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالثَّالِثِ فِي الْمُصَنَّفِ ثَالِثَ أَيَّامِ الرَّمْيِ إذْ لَوْ أَخَّرَ لَهُ لَمْ يَجُزْ إذْ لَمْ يَتَعَدَّ التَّرْخِيصَ إلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ وَأَتَى ثَالِثَ أَيَّامِ الرَّمْيِ رَمَى لِلْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَ الْحَاضِرَ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ وَكَذَا يُرَخَّصُ لِصَاحِبِ السِّقَايَةِ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ خَاصَّةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ نَهَارًا لِلرَّمْيِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ؛ لِأَنَّ ذَا السِّقَايَةِ يَنْزِعُ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ لَيْلًا وَيُفْرِغُهُ فِي الْحِيَاضِ.

(وَ) رُخِّصَ نَدْبًا (تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ) مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَرْضَى وَنَحْوِهِمْ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَرَفَةَ أَوْ فِي مَكَّةَ لَكِنَّ الشَّارِحَ الْتَفَتَ لِلشَّأْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ) أَيْ لَا نِصْفَهَا وَالْمُرَادُ إنْ تَرَكَ غَيْرُ الْمُتَعَجِّلِ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ أَوْ تَرَكَ الْمُتَعَجِّلُ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ أَيِّ لَيْلَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ لِلْمُتَعَجِّلِ وَغَيْرِهِ إذْ الْمُتَعَجِّلُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَاتُ الثَّالِثَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِوُجُوبِ بَيَاتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَعَدَمِ وُجُوبِ بَيَاتِهَا قَصْدُ التَّعْجِيلِ وَعَدَمُ قَصْدِهِ فَإِنْ قَصَدَ التَّعْجِيلَ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيَاتٌ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْجِيلَ لَزِمَهُ الْبَيَاتُ بِهَا وَيَلْزَمُهُ الدَّمُ إنْ تَرَكَ الْبَيَاتَ جُلَّ لَيْلَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَجِّلِ مَنْ قَصَدَ الذَّهَابَ لِمَكَّةَ كَانَ عُذْرٌ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةً كَامِلَةً، أَوْ الثَّلَاثَ لَيَالِي فَاللَّازِمُ دَمٌ وَاحِدٌ وَلَا يَتَعَدَّدُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ) أَيْ كَخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ حَسْبَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِيمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ فَبَاتَ فِي مَكَّةَ فَإِنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْلَتَيْنِ) أَيْ أَوْ عَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ لَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَلَا خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاتَ الْمُتَعَجِّلُ بِمَكَّةَ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ هَذَا إذَا أَرَادَ الْمُتَعَجِّلُ الْبَيَاتَ لَيْلَةَ رَابِعِ النَّحْرِ بِغَيْرِ مَكَّةَ بَلْ وَلَوْ أَرَادَ الْبَيَاتَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِمَكَّةَ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُتَعَجِّلُ آفَاقِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مَكِّيًّا وَرَدَّ بِلَوْ فِي الْأُولَى قَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ مَنْ بَاتَ بِمَكَّةَ فَقَدْ خَرَجَ بِهِ عَنْ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَرْمِيَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ لِمَبِيتِهِ بِمَكَّةَ وَرَدَّ بِلَوْ فِي الثَّانِي مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا أَرَى التَّعْجِيلَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ عُذْرٌ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَرَضٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِتَعْجِيلِهِمْ وَهُمْ كَأَهْلِ الْآفَاقِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُكْرَهُ التَّعْجِيلُ لِلْإِمَامِ) أَيْ لِأَمِيرِ الْحَجِّ وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْجَوَازَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا هُوَ فَيُكْرَهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْغُرُوبِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ التَّعْجِيلِ أَنْ يُجَاوِزَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهَا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمْيُ الثَّالِثِ وَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَهُ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ شَرْطِ التَّعْجِيلِ إذَا كَانَ الْمُتَعَجِّلُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ مِنْ مِنًى قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ إنَّ مَنْ تَعَجَّلَ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ هَلْ يُتِمُّ، أَوْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالْإِتْمَامُ أَحْوَطُ وَأَمَّا مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ الْحُجَّاجِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النُّسُكِ كَالرُّعَاةِ إذَا رَمَوْا الْعَقَبَةَ وَتَوَجَّهُوا لِلرَّعْيِ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْحُجَّاجِ كَذَا فِي كَبِيرِ خش.

(قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ لِرَاعٍ) هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقَبَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ لَا بِرَاعٍ أَيْ لِرَاعٍ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي بَعْدَ الْعَقَبَةِ إذْ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ رَاعٍ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ وَقَوْلُهُ: وَيَأْتِي الثَّالِثَ أَيْ فِي الثَّالِثِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا لَيْلًا فَيَرْمُوا مَا فَاتَهُمْ رَمْيُهُ نَهَارًا وَاسْتَظْهَرَهُ ح وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ طفى لِقِصَرِ الرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا. (قَوْلُهُ: جَوَازًا) أَيْ مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِرَاعٍ لِإِبِلٍ فَقَطْ) أَيْ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرُعَاةِ الْإِبِلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا، وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهَا نِزَاعٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي الْيَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ) الَّذِي هُوَ ثَانِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ لِرَمْيِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ) أَيْ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ وَلَا لِتَأْخِيرِ رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّانِي لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ خَاصَّةً) أَيْ لَا فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ وَتَرْكِ الْإِتْيَانِ فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالْإِتْيَانِ فِي الثَّانِيَ عَشَرَ كَالرُّعَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ نَدْبًا تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ) مَعْنَى التَّرْخِيصِ لَهُمْ فِي عَدَمِ الْبَيَاتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابُ الْبَيَاتِ بِهَا فَلَا يُعْتَرَضُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>