(بِالْبِنَاءِ) فِي شُقُوقِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ لِأَرْضِ الْجَمْرَةِ - وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِمَا تَقَدَّمَ -، وَعَدَمِ إجْزَائِهِ (تَرَدُّدٌ) ، ثُمَّ عَطَفَ ثَالِثَ الشُّرُوطِ عَلَى قَوْلِهِ بِحَجَرٍ.
بِقَوْلِهِ (وَ) صِحَّتُهُ (بِتَرَتُّبِهِنَّ) أَيْ الْجِمَارِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى، ثُمَّ بِالْوُسْطَى وَيَخْتِمَ بِالْعَقَبَةِ.
فَإِنْ نَكَّسَ، أَوْ تَرَكَ الْأُولَى مَثَلًا، أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ خُرُوجِ يَوْمِهَا وَرَمَى الْحَاضِرَةَ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَأَعَادَ) نَدْبًا (مَا حَضَرَ) وَقْتُهُ (بَعْدَ) فِعْلِ (الْمَنْسِيَّةِ) وُجُوبًا الْأَوْلَى " الْمَتْرُوكَةِ " أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْمُنَكَّسَةَ (وَ) إعَادَةِ (مَا بَعْدَهَا) وُجُوبًا أَيْضًا لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْكَائِنِ (فِي يَوْمِهَا فَقَطْ) فَلَا يُعِيدُ مَا رَمَاهُ فِي التَّالِي لِيَوْمِهَا فَلَوْ نَسِيَ مِنْ ثَانِي النَّحْرِ الْجَمْرَةَ الْأُولَى فَقَطْ وَفَعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَرَمَى جَمِيعَ جَمَرَاتِ الثَّالِثِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ رَمْيِ الرَّابِعِ فَيَفْعَلُ الْمَنْسِيَّةَ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا مِمَّا هُوَ فِي يَوْمِهَا وَهُوَ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وُجُوبًا وَيُعِيدُ الْيَوْمَ الرَّابِعَ الْحَاضِرَ اسْتِحْبَابًا وَلَا يُعِيدُ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ.
(وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الرَّمْيِ فَإِذَا رَمَى الْأُولَى أَرْدَفَهَا بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ وَلَا يَفْصِلُ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ إلَّا بِقَدْرِ مَا سَيَأْتِي مِنْ الدُّعَاءِ فَالتَّتَابُعُ لَهُ صُورَتَانِ تَتَابُعٌ بَيْنَ الْحَصَيَاتِ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ وَتَتَابُعٌ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ وَهُوَ مَا هُنَا فَلَا تَكْرَارَ وَالْأَصْوَبُ حَمْلُهُ عَلَى تَتَابُعِ الْحَصَيَاتِ بِدَلِيلِ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَالتَّفْرِيعِ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ رَمَى) الْجِمَارَ الثَّلَاثَ (بِخَمْسٍ خَمْسٍ) وَتَرَكَ مِنْ كُلِّ جَمْرَةٍ حَصَاتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ أَوْ غَيْرِهِ (اعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ) مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَكَمَّلَهَا بِحَصَاتَيْنِ وَرَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ وَلَا هَدْيَ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ فَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ " وَصِحَّتُهُ بِتَرَتُّبِهِنَّ "، وَعَلَى قَوْلِهِ " وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ " أَيْ فَلِأَجْلِ نَدْبِ التَّتَابُعِ لَمْ تَبْطُلْ الْخَمْسُ الْأُوَلُ وَلِأَجْلِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَقَعَتَا قَبْلَ إكْمَالِ الْأُولَى وَكَذَا قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ) أَوْ أَكْثَرَ تُرِكَتْ مِنْ أَيُّهَا وَسَوَاءٌ تَيَقَّنَ تَرْكَهَا، أَوْ شَكَّ (اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى) فَإِنْ تَحَقَّقَ إكْمَالَ الْأُولَى وَشَكَّ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَدَحْرَجَتْ فِي مَكَان عَالٍ فَرَجَعَتْ إلَيْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ بَيْنَ شَيْخَيْ الْمُصَنِّفِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ وَسَيِّدِي خَلِيلٍ الْمَكِّيِّ فَالْأَوَّلُ كَانَ يَمِيلُ إلَيْهِ الْمَنُوفِيُّ وَالثَّانِي كَانَ يُفْتِي بِهِ سَيِّدِي خَلِيلٌ الْمَكِّيُّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَّسَ، أَوْ تَرَكَ الْأُولَى مَثَلًا، أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يَجْزِهِ) أَيْ مَا دَامَ يَوْمُ الْجَمْرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْمُنَكَّسِ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عَنْ مَحِلِّهِ، وَإِعَادَةِ مَا بَعْدَهُ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْمُنَكَّسَ وَمَا بَعْدَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ تَارِكِ الرَّمْيِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ. (قَوْلُهُ: وَرَمَى الْحَاضِرَةَ) أَيْ وَبَعْدَ رَمْيِ الْحَاضِرَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ مَا حَضَرَ وَقْتُهُ) أَيْ وَأَعَادَ الرَّمْيَ الَّذِي حَضَرَ وَقْتُهُ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ فِعْلِ الْمَنْسِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِعَادَةِ) أَيْ وَبَعْدَ إعَادَةِ مَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ فِي يَوْمِهَا فَقَطْ نَعْتٌ لِمَا بَعْدَهَا أَيْ وَمَا بَعْدَهَا الْكَائِنِ فِي يَوْمِهَا. (قَوْلُهُ: الْجَمْرَةَ الْأُولَى) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمِثْلُ مَا لَوْ نَكَّسَ بِأَنْ قَدَّمَ الْوُسْطَى عَلَى الْأُولَى فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةَ وُجُوبًا وَيُعِيدُ رَمْيَ الْيَوْمِ الْحَاضِرِ اسْتِحْبَابًا. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْمَنْسِيَّ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ فَلِذَا أَعَادَ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ الْكَائِنَ فِي يَوْمِهَا وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا) لِأَنَّ إعَادَةَ الرَّابِعِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْمَنْسِيِّ وَمَا حَضَرَ وَقْتُهُ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ لَا مَعَ النِّسْيَانِ فَلِذَا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرَتُّبَ مَا حَضَرَ وَقْتُهُ مَعَ الْفَائِتِ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ وَأَمَّا تَرْتِيبُ الْفَائِتِ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي يَوْمِهِ فَوَاجِبٌ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ) أَيْ لِأَنَّ رَمْيَهُ صَحِيحٌ وَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهُ اهـ وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لَوْ نَسِيَ الصُّبْحَ وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِبَقَاءِ وَقْتِهِمَا وَلَا يُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ لِخُرُوجِ وَقْتِهِمَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ الرَّمْيِ) أَيْ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ) أَيْ ثُمَّ أَرْدَفَ الثَّانِيَةَ بِالْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ) أَيْ فِي دَرْسِ: وَلِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا وَلَفْظُهَا. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْوَبُ حَمْلُهُ عَلَى تَتَابُعِ الْحَصَيَاتِ) فَالْمَعْنَى وَنُدِبَ تَتَابُعُ الرَّمْيِ فِي حَصَيَاتِ كُلِّ جَمْرَةٍ مِنْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا فَهُوَ فِي تَتَابُعِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهَذَا التَّقْرِيرُ لعج وَمَا تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ فَإِنْ رَمَى بِخَمْسٍ خَمْسٍ أَيْ فَإِنْ رَمَى كُلَّ جَمْرَةٍ مِنْ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ بِخَمْسٍ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ: وَلَا هَدْيَ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ) وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ فِي ثَانِي يَوْمٍ كَمَّلَ الْأُولَى بِحَصَاتَيْنِ وَرَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ وَلَزِمَهُ هَدْيٌ لِتَأْخِيرِ الرَّمْيِ لِوَقْتِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصِحَّتُهُ بِتَرَتُّبِهِنَّ وَعَلَى قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ فَلِأَجْلِ نَدْبِ التَّتَابُعِ لَمْ تَبْطُلْ السِّتُّ الْأُولَى وَلِأَجْلِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَقَعَا قَبْلَ كَمَالِ الْأُولَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ تَتَابُعِهِ طَرِيقَةٌ شَهَّرَهَا الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهَا، وَطَرِيقَةُ سَنَدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ أَنَّ الْفَوْرَ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ مَعَ النِّسْيَانِ وَعَلَيْهَا فَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ حَصَاةً مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيُّهَا تَرَكَهَا، أَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ مِنْ وَاحِدَةٍ وَعَدَمِ تَرْكِهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِهَا لَمْ يَدْرِ مِنْ أَيُّهَا تَرَكَهَا فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِسِتٍّ مِنْ الْجَمْرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute