رَاجِعٌ لِلْجَسَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ وَافْتَدَى فِي دَهْنِهَا بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا (أَوْ) بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (لِغَيْرِ عِلَّةٍ) بَلْ لِلتَّزَيُّنِ (وَ) بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (لَهَا) أَيْ لِلْعِلَّةِ أَيْ الضَّرُورَةِ مِنْ شُقُوقٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ قُوَّةِ عَمَلٍ (قَوْلَانِ) بِالْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَكِنْ فِي الْجَسَدِ لَا فِي بَاطِنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ وَأَمَّا هُمَا فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا (اُخْتُصِرَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ دَهَنَ مَا ذُكِرَ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لَا لِعِلَّةٍ افْتَدَى وَأَمَّا بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَفِي بَاطِنِ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ لَا فِدْيَةَ، وَفِي الْجَسَدِ قَوْلَانِ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمِثْلِ هَذَا لَأَفَادَ الْمُرَادَ.
(وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (تَطَيُّبٌ بِكَوَرْسٍ) مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُؤَنَّثٍ كَزَعْفَرَانٍ وَمِسْكٍ وَعِطْرٍ وَعُودٍ (وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ) فَيَحْرُمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ (أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) فَالْفِدْيَةُ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ هَذَا مُرَادُهُ بِهَاتَيْنِ الْمُبَالَغَتَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَتَطَيُّبٌ بِكَوَرْسٍ تَضَمَّنَ حُكْمَيْنِ: الْحُرْمَةَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ فَالْمُبَالَغَةُ الْأُولَى نَاظِرَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ نَاظِرَةٌ لِلثَّانِي (وَلَوْ) وُضِعَ (فِي طَعَامٍ) أَوْ شَرَابٍ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ فِيهِ فَالْفِدْيَةُ (أَوْ) مَسَّهُ وَ (لَمْ يَعْلَقْ) بِهِ بِفَتْحِ اللَّامِ (إلَّا) مَنْ مَسَّ، أَوْ حَمَلَ (قَارُورَةً) ، أَوْ خَرِيطَةً (سُدَّتْ) سَدًّا وَثِيقًا بِحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا رِيحٌ فَلَا فِدْيَةَ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ (وَ) إلَّا طِيبًا (مَطْبُوخًا) إنْ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَسَاقَطَ الشَّعْرُ لِلْوُضُوءِ، أَوْ الْغُسْلِ الْمُبَاحِ كَاَلَّذِي يُفْعَلُ لِلتَّبَرُّدِ لَا يُغْتَفَرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ قَتَلَ فِيهِ قَمْلًا كَثِيرًا افْتَدَى، وَإِنْ قَتَلَ قَلِيلًا كَعَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لَزِمَهُ قَبْضَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ الطَّعَامِ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ بَاطِنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَافْتَدَى فِي دَهْنِهَا بِمُطَيِّبٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْإِدْهَانُ لِعُذْرٍ، أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ سَوَاءٌ كَانَ الْإِدْهَانُ لِكُلِّ الْجَسَدِ، أَوْ لِبَعْضِهِ أَوْ لِبَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ الرِّجْلِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، وَبِجَعْلِ قَوْلِهِ: بِمُطَيِّبٍ مُتَعَلِّقًا بِالْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ لَا بِقَوْلِهِ وَحَرُمَ دَهْنُ الْجَسَدِ كَكَفٍّ وَرِجْلٍ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِهَا.
وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجَسَدَ وَبَاطِنَ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ يَحْرُمُ دَهْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا إنْ كَانَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ مُطَيِّبًا افْتَدَى مُطْلَقًا كَانَ الْإِدْهَانُ لِعِلَّةٍ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَيِّبٍ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ افْتَدَى أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ لِعِلَّةٍ فَقَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: بَلْ لِلتَّزَيُّنِ) أَيْ وَالتَّحْسِينِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِدْهَانُ لِكُلِّ الْجَسَدِ، أَوْ بَعْضِهِ، أَوْ لِبَاطِنِ الْكَفِّ، أَوْ الرِّجْلِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْجَسَدِ) أَيْ لَكِنْ الْقَوْلَانِ فِي دَهْنِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُمَا) أَيْ وَأَمَّا بَاطِنُ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ إذَا دَهَنَهُمَا بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِمَا كَظَاهِرِ الْجَسَدِ. (قَوْلُهُ: اُخْتُصِرَتْ عَلَيْهِمَا) أَيْ فَالْبَرَاذِعِيُّ اخْتَصَرَهَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ اخْتَصَرَهَا عَلَى وُجُوبِ الْفِدْيَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ دَهَنَ مَا يُذْكَرُ) أَيْ مِنْ الْجَسَدِ، أَوْ بَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ الرِّجْلِ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ لِعِلَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا إنْ كَانَ الْإِدْهَانُ لِكُلِّ مَا ذُكِرَ أَوْ لِبَعْضِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمِثْلِ هَذَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ وَافْتَدَى فِي دَهْنِ الْجَسَدِ وَلَوْ بَعْضًا كَبَعْضِ بَطْنِ كَفٍّ، أَوْ رِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا كَبِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ لَا لَهَا بِبَطْنِ كَفَّيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَفِي جَسَدِهِ قَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ: وَعُودٍ) جَعَلَهُ مِنْ الْمُؤَنَّثِ اعْتِبَارُ دُخَانِهِ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ حِينَ وَضْعِهِ عَلَى النَّارِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ) أَيْ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْمَنْعُ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ الْحُكْمُ فِي حَالَةِ وُجُوبِ رِيحِهِ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالْأَصْلُ وَتَطَيَّبَ بِكَوَرْسٍ، وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ وَافْتَدَى إنْ اسْتَعْمَلَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ لِضَرُورَةٍ كَكُحْلٍ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَمْنُوعِ؛ إذْ لَا مَنْعَ مِنْ الضَّرُورَةِ، أَوْ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَمْنُوعِ أَيْ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ وَيُرْتَكَبُ التَّوْزِيعُ فِي الْمُبَالَغَتَيْنِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ.
وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْكُحْلَ إذَا كَانَ فِيهِ طِيبٌ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً إذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَالزِّينَةِ وَلَا حُرْمَةَ إذَا اسْتَعْمَلَهُ لِضَرُورَةِ حَرٍّ وَنَحْوِهِ وَالْفِدْيَةُ لَازِمَةٌ لِمُسْتَعْمِلِهِ مُطْلَقًا اسْتَعْمَلَهُ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْكُحْلُ لَا طِيبَ فِيهِ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ الضَّرُورَةِ وَافْتَدَى فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَسَّهُ وَلَمْ يَعْلَقْ) أَيْ أَوْ مَسَّهُ بِيَدٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ أَيْ فَيَحْرُمُ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ مَسَّ، أَوْ حَمَلَ قَارُورَةً) أَيْ وَكَذَا حَمْلُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَشْقُوقَةٍ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا إنَّ الْفَأْرَةَ نَفْسَهَا طِيبٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ) أَيْ فِي مَسِّهَا وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ) أَيْ إنْ جُعِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسَّ الطِّيبِ وَالْمُسْتَثْنَى مَسَّ الْقَارُورَةِ الَّتِي فِيهَا الطِّيبُ وَالْمَعْنَى حَرُمَ مَسُّ طِيبٍ لَمْ يَعْلَقْ إلَّا مَسَّ قَارُورَةٍ فِيهَا طِيبٌ وَسُدَّتْ، فَمَا بَعْدَ " إلَّا " غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهَا وَأَمَّا إنْ جُعِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُلَابَسَةَ الطِّيبِ أَيْ وَحَرُمَ مُلَابَسَةُ طِيبٍ لَمْ يَعْلَقْ إلَّا مُلَابَسَةَ قَارُورَةٍ سُدَّتْ، كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ الْمُلَابَسَةَ تَعُمُّ الْمَسَّ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَطْبُوخًا) أَيْ مَعَ طَعَامٍ وَقَوْلُهُ: إنْ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ إلَخْ هَذَا التَّفْصِيلُ لِلْبِسَاطِيِّ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاعْتَمَدَهُ ح وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَذْهَبُ نَفْيُ الْفِدْيَةِ فِي الْمَطْبُوخِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَالْمُخْتَصَرِ الْجَوَازَ فِي الْمَطْبُوخِ وَأَبْقَاهُ الْأَبْهَرِيُّ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَيَّدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute