للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ تَقْوِيمِهِ بِكَبِيرٍ صَحِيحٍ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً (وَ) إذَا كَانَ مَمْلُوكًا (قُوِّمَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ) الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِهِ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ الْجَزَاءُ لِحَقِّ اللَّهِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَتَانِ قِيمَةٌ لِرَبِّهِ مَلْحُوظٌ فِيهَا الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِهِ وَقِيمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ غَيْرُ مَلْحُوظٍ فِيهَا الْوَصْفُ (وَاجْتَهَدَ) أَيْ الْحَكَمَانِ فِيمَا لَهُمَا فِيهِ دَخْلٌ (وَإِنْ رُوِيَ) عَنْ الشَّارِعِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْجَزَاءِ " فِيهِ " مُتَعَلِّقٌ بِاجْتَهَدَا وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ بِلَصْقِهِ أَيْ وَاجْتَهَدَا فِيهِ مِنْ سِمَنٍ وَسِنٍّ وَضِدِّهِ، وَإِنْ وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فَالنَّعَامَةُ فِيهَا الْبَدَنَةُ كَمَا وَرَدَ لَكِنْ تَارَةً تَكُونُ صَغِيرَةً وَتَارَةً كَبِيرَةً وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَفَاوِتٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَدَنَةٍ تُجْزِئُ فِي الْهَدَايَا، ثُمَّ يَجْتَهِدَانِ هَلْ يَكْفِي أَوَّلُ الْأَسْنَانِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ جَذَعَةٍ سَمِينَةٍ جِدًّا أَوْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (أَنْ يَنْتَقِلَ) عَمَّا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ لِغَيْرِهِ فَإِذَا خَيَّرَاهُ فِي أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فَاخْتَارَ أَحَدَهَا وَحَكَمَا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَهُ، وَيَحْكُمَانِ بِهِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ) مَا حَكَمَا بِهِ وَيَعْرِفَهُ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي الِانْتِقَالِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الِانْتِقَالَ مُطْلَقًا (وَإِنْ) (اخْتَلَفَا) فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا بِهِ، أَوْ نَوْعِهِ (اُبْتُدِئَ) الْحُكْمُ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ وَلِذَا بَنَى " اُبْتُدِئَ " لِلْمَجْهُولِ (وَالْأَوْلَى كَوْنُهُمَا) حَالَ الْحُكْمِ (بِمَجْلِسٍ) لِيَطَّلِعَ كُلٌّ عَلَى حُكْمِ صَاحِبِهِ (وَنُقِضَ) حُكْمُهُمَا (إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ) تَبَيُّنًا وَاضِحًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَحُكْمِهِمَا بِشَاةٍ فِيمَا فِيهِ بَقَرَةٌ، أَوْ عَكْسِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُوجِبُ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ فَالصَّغِيرُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ وَالْمَرِيضُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ وَالْقَبِيحُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ جَمِيلٌ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: مِنْ تَقْوِيمِهِ بِكَبِيرٍ صَحِيحٍ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً) أَيْ فَالنَّعَامَةُ الصَّغِيرَةُ أَوْ الْقَبِيحَةُ، أَوْ الْمَرِيضَةُ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ وَاخْتَارَ مِثْلَهَا مِنْ الْأَنْعَامِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِبَدَنَةٍ صَحِيحَةٍ كَبِيرَةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهَا طَعَامًا فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ بِطَعَامٍ عَلَى أَنَّهَا صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ وَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَمَّا فِيهَا مِنْ وَصْفِ الصِّغَرِ، أَوْ الْمَرَضِ، أَوْ الْقُبْحِ وَيَدْفَعُ الْقِيمَةَ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ يَصُومُ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا إنْ اخْتَارَ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ مَمْلُوكًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ الَّذِي قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ مَمْلُوكًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: قُوِّمَ لِرَبِّهِ مَلْحُوظٌ إلَخْ) أَيْ فَيُقَوَّمُ لِرَبِّهِ بِدَرَاهِمَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ صِغَرٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ أَوْ صِحَّةٍ وَيُقَوَّمُ لِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ صَحِيحٌ إنْ لَمْ يُخْرِجْ مِثْلَهُ مِنْ النَّعَمِ فَإِذَا كَانَ الصَّيْدُ صَغِيرًا لَمْ يَصِلْ لِسِنِّ الْإِجْزَاءِ ضَحِيَّةً كَثَعْلَبٍ صَغِيرٍ لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِطَعَامٍ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً وَكَذَا يُقَالُ إذَا كَانَ مَرِيضًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ لِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ صَحِيحٌ وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَغِيرًا كَمَا فِي خش. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَهُمَا فِيهِ دَخْلٌ) بِأَنْ كَانَ الصَّيْدُ غَيْرَ حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْدَ إنْ كَانَ لَمْ يُرْوَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ وَلَا عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ كَالدُّبِّ وَالْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجْتَهِدَانِ فِي الْوَاجِبِ فِيهِ وَفِي أَحْوَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ كَالنَّعَامَةِ وَالْفِيلِ فَإِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بَدَنَةٌ ذَاتُ سَنَامٍ وَفِي الثَّانِي بَدَنَةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ فَالِاجْتِهَادُ فِي أَحْوَالِ ذَلِكَ الْمُقَرَّرِ مِنْ سِمَنٍ وَسِنٍّ وَهُزَالٍ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ الْمَقْتُولَةِ بَدَنَةً سَمِينَةً، أَوْ هَزِيلَةً مَثَلًا كَسِمَنِ النَّعَامَةِ أَوْ هُزَالِهَا. (قَوْلُهُ: هَلْ يَكْفِي أَوَّلُ الْأَسْنَانِ) أَيْ مِنْ الْإِبِلِ وَهِيَ بِنْتُ مَخَاضٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ سَمِينَةٌ لَا جِدًّا.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ كَالنَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَخْيِيرٌ قَالَهُ عبق وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ التَّخْيِيرُ فِي الْجَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَحَكَمَا عَلَيْهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمَا لَا يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُخَيِّرَاهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَاخْتِيَارِهِ وَاحِدًا مِنْهَا وَقَوْلُهُ " فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَهُ وَيَحْكُمَانِ بِهِ عَلَيْهِ " مَحِلُّ حُكْمِهِمَا عَلَيْهِ إذَا انْتَقَلَ لِغَيْرِ الْأَوَّلِ إذَا انْتَقَلَ مِنْ الْمِثْلِ لِلْإِطْعَامِ، أَوْ إلَى الصَّوْمِ وَأَمَّا لَوْ انْتَقَلَ مِنْ الْإِطْعَامِ لِلصَّوْمِ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ صَوْمَهُ عِوَضٌ عَنْ الْإِطْعَامِ لَا عِوَضٌ عَنْ الصَّيْدِ أَوْ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الِالْتِزَامَ يَكُونُ بِاللَّفْظِ بِأَنْ يَقُولَ الْتَزَمْت ذَلِكَ لَا بِالْجَزْمِ الْقَلْبِيِّ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَتَأْوِيلَانِ) مَحِلُّهُمَا إذَا عَلِمَ مَا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ وَالْتَزَمَهُ لَا إنْ الْتَزَمَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ - وَهُوَ الِانْتِقَالُ لِلْأَكْثَرِ -، وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي - وَهُوَ عَدَمُ الِانْتِقَالِ - لِابْنِ الْكَاتِبِ وَابْنِ مُحْرِزٍ اهـ بْن.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ: لَهُ الِانْتِقَالُ مُطْلَقًا سَوَاءً عَرَفَ مَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا الْتَزَمَهُ أَمْ لَا، وَالثَّانِي يَقُولُ: لَهُ الِانْتِقَالُ مَا لَمْ يَعْرِفْ مَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ وَيَلْتَزِمْهُ وَإِلَّا لَمْ يَنْتَقِلْ. (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا بِهِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: حَكَمْنَا بِشَاةٍ بِنْتِ ثَلَاثَةِ سِنِينَ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ بِنْتِ سَنَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ " أَوْ نَوْعِهِ " أَيْ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: حَكَمْنَا بِشَاةٍ وَقَالَ الْآخَرُ: حَكَمْنَا بِبَقَرَةٍ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: اُبْتُدِئَ الْحُكْمُ) أَيْ أُعِيدَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً حَتَّى يَقَعَ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى أَمْرٍ لَا خُلْفَ فِيهِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْحُكْمُ ثَانِيًا وَثَالِثًا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: تَبَيُّنًا وَاضِحًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخَطَأُ غَيْرَ بَيِّنٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ كَمَا لَوْ حَكَمَ فِي الضَّبُعِ بِعَنْزٍ ابْنِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ يَرَى إجْزَاءَ ذَلِكَ، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُنْقَضُ إذَا وَقَعَ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ قَوْلٌ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى تَبَيَّنَ الْخَطَأَ فِي الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ سَوَاءٌ كَانَ وَاضِحًا، أَوْ غَيْرَ وَاضِحٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>