للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِصَامَ أَيْ وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى بِسَبَبِ نَقْصٍ بِحَجٍّ إنْ تَقَدَّمَ النَّقْصُ عَلَى الْوُقُوفِ كَتَعَدِّي مِيقَاتٍ وَتَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ وَمَذْيٍ وَقُبْلَةٍ بِفَمٍ وَفَوَاتِ الْوُقُوفِ نَهَارًا أَمَّا نَقْصٌ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْوُقُوفِ أَوْ وَقَعَ يَوْمَ الْوُقُوفِ كَتَرْكِ مُزْدَلِفَةَ، أَوْ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ، أَوْ مَبِيتٍ بِمِنًى أَوْ وَطْءٍ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَيَصُومُ لَهُ مَتَى شَاءَ (وَ) صِيَامُ (سَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى) سَوَاءٌ أَقَامَ بِمَكَّةَ أَمْ لَا وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا حَتَّى يَرْجِعَ لِأَهْلِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ (وَلَمْ تُجْزِ) السَّبْعَةُ بِضَمِّ التَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مِنْ الْإِجْزَاءِ (إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ) أَوْ عَلَى رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى ثُمَّ شُبِّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ قَوْلُهُ (كَصَوْمٍ أَيْسَرَ) بِالْهَدْيِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ، أَوْ قَبْلَ كَمَالِ يَوْمٍ (أَوْ وَجَدَ) قَبْلَهُ (مُسْلِفًا) يُسْلِفُهُ مَا يُهْدِي بِهِ وَيُنْظِرُهُ (لِمَالٍ بِبَلَدِهِ) فَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْهَدْيِ (وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ) أَيْ لِلْهَدْيِ إنْ أَيْسَرَ (بَعْدَ) صَوْمِ يَوْمٍ، أَوْ (يَوْمَيْنِ) وَكَذَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْلَ إكْمَالِهِ وَأَمَّا بَعْدَ إكْمَالِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهَا قَسِيمَةٌ فَكَانَتْ كَالنِّصْفِ.

(وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ بِهِ) أَيْ بِالْهَدْيِ (الْمَوَاقِفَ) كُلَّهَا وَهِيَ عَرَفَةُ وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ وَمِنًى؛ لِأَنَّهُ يَقِفُ فِيهَا عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَمَصَبُّ النَّدْبِ عَلَى الْجَمِيعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ شَرْطٌ وَهَذَا فِيمَا يُنْحَرُ بِمِنًى وَأَمَّا مَا يُنْحَرُ بِمَكَّةَ فَالشَّرْطُ فِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

النَّقْصُ عَلَى الْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ عبق وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَنَازَعَ فِيهِ الْمَصْدَرُ وَالْفِعْلُ فَيَكُونُ مُرَادُهُ أَنَّ تَقَدُّمَ النُّقْصَانِ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ شَرْطٌ فِي أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا كَوْنُ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ مِنْ إحْرَامِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَالثَّانِي كَوْنُهُ إذَا فَاتَهُ صَوْمُهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ صَامَ أَيَّامَ مِنًى. (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ يَوْمَ الْوُقُوفِ) أَيْ كَمَذْيٍ، أَوْ قُبْلَةٍ بِفَمٍ حَصَلَ يَوْمَ الْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ: مَتَى شَاءَ) أَيْ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى الثَّلَاثَةِ فَلَوْ صَامَهَا لَمْ تُجْزِهِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَصِيَامُ سَبْعَةٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ سَبْعَةً بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ أَيْ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الْهَدْيِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى، وَإِنْ لَمْ يَصِلْهَا بِالرُّجُوعِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْمُولِ صَامَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْيِيدَ السَّبْعَةِ بِالْقُيُودِ الَّتِي قَيَّدَ بِهَا قَوْلُهُ: صَامَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ السَّبْعَةُ تُصَامُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تَقَدَّمَ النَّقْصُ عَلَى الْوُقُوفِ أَوْ تَأَخَّرَ نَعَمْ قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ السَّبْعَةِ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى) الْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى الْفَرَاغُ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ سَوَاءٌ رَجَعَ لِمَكَّةَ، أَوْ رَجَعَ لِأَهْلِهِ مِنْ مِنًى، أَوْ أَقَامَ بِمِنًى لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهَا مَثَلًا. (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الرُّجُوعِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] فَفَسَّرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى سَوَاءٌ كَانَ لِمَكَّةَ، أَوْ لِبَلَدِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفَسَّرَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِالرُّجُوعِ لِلْأَهْلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ فَإِذَا أَخَّرَ صِيَامَهَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ لِأَهْلِهِ أَجْزَأَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ أَخَّرَ لِلرُّجُوعِ لِمَكَّةَ مِنْ مِنًى فَتُجْزِئُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُجْزِ إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ) وَهَلْ يَجْتَزِئُ مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ لَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِلتُّونُسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَصُمْ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ بَلْ قَدَّمَ السَّبْعَةَ أَيَّامٍ عَلَى الْوُقُوفِ وَأَرَادَ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ وَأَمَّا لَوْ قَدَّمَ الْعَشَرَةَ فَإِنَّهُ يَجْتَزِئُ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ وَيَصِيرُ مُطَالَبًا بِالسَّبْعَةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى رُجُوعِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ صَامَ بَعْضَهَا فِي أَيَّامِ مِنًى ابْنُ عَاشِرٍ: اُنْظُرْ لَوْ أَوْقَعَ بَعْضَهَا فِي أَيَّامِ مِنًى وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِقَوْلِهِ فِي الصَّوْمِ لَا سَابِقِيَّةَ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ إلَخْ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِمَنْ وَجَدَ الْهَدْيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ أَنْ يَرْجِعَ لِلْهَدْيِ قَالَ طفى وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ: وَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ، ثُمَّ وَجَدَ ثَمَنَ الْهَدْيِ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلْيَمْضِ عَلَى صَوْمِهِ فَإِنْ وَجَدَ ثَمَنَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ شَاءَ أَهْدَى، أَوْ تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ اهـ فَقَدْ أَمَرَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ بِالتَّمَادِي وَخَيَّرَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وَكُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا مِنْ نَدْبِ الرُّجُوعِ لِلْهَدْيِ إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ قُلْت قَدْ يُقَالُ: يَصِحُّ حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَتْبُوعَاهُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنْ يُرَادَ بِاسْتِحْبَابِ الرُّجُوعِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَيْ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّالِثِ كَمَا نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخْيِيرِ الَّذِي فِيهَا عَدَمُ اللُّزُومِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ تَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِمَا ذُكِرَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِوُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْهَدْيِ إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَقَبْلَ كَمَالِ يَوْمٍ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ بْن فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُنْدَبُ الرُّجُوعُ لِلْهَدْيِ إنْ أَيْسَرَ بِثَمَنِهِ قَبْلَ كَمَالِ صَوْمِ الثَّالِثِ سَوَاءٌ أَيْسَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ وَأَمَّا إنْ أَيْسَرَ بَعْدَ كَمَالِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ لَهُ لَكِنْ لَوْ رَجَعَ لَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.

(قَوْلُهُ: فَمَصَبُّ النَّدْبِ عَلَى الْجَمِيعِ) نَحْوُهُ فِي ح وتت وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفى بِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ لَا يَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ بَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ وُقُوفَهُ بِهِ بِكُلِّ مَوْقِفٍ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِنَحْرِهِ بِمِنًى وَلَيْسَ شَرْطًا فِي كَوْنِهِ هَدْيًا بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ بَطَلَ كَوْنُهُ هَدْيًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ اسْتِحْبَابِ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ كَوْنِهِ شَرْطًا فِي نَحْرِهِ بِمِنًى؛ لِأَنَّ النَّحْرَ بِمِنًى لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ إنْ شَاءَ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>