(أَكْلُ مَا دُقَّ عُنُقُهُ أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ) ، وَهَذَا شَاهِدُ الْأَوَّلِ (إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا) أَيْ يَقْطَعْ نُخَاعَهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَخَعَهَا لَمْ تَعْمَلْ فِيهَا الذَّكَاةُ، وَهُوَ شَاهِدٌ لِلثَّانِي
(وَذَكَاةُ الْجَنِينِ) يُوجَدُ مَيْتًا بِسَبَبِ ذَكَاةِ أُمِّهِ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا لَا إنْ كَانَ مَيْتًا مِنْ قِبَلِ حَاصِلِهِ (بِذَكَاةِ أُمِّهِ) فَذَكَاةُ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ (إنْ تَمَّ) خَلْقُهُ أَيْ اسْتَوَى خَلْقُهُ، وَلَوْ كَانَ نَاقِصَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِشَعْرٍ) أَيْ مَعَ نَبَاتِ شَعْرِهِ أَيْ شَعْرِ جَسَدِهِ، وَلَوْ بَعْضَهُ لَا شَعْرِ عَيْنَيْهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ حَاجِبِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ (وَإِنْ) (خَرَجَ) تَامًّا بِشَعْرِهِ (حَيًّا) حَيَاةً مُحَقَّقَةً أَوْ مَشْكُوكَةً (وَذُكِّيَ) وُجُوبًا، وَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ (إلَّا أَنْ يُبَادَرَ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ إلَّا أَنْ يُسَارَعَ لِذَكَاتِهِ (فَيَفُوتُ) أَيْ يُسْبَقُ بِالْمَوْتِ فَيُؤْكَلُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ حَيَاتَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِضَعْفِهَا بِأَخْذِهِ فِي السِّيَاقِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ وُجِدَ مَيْتًا فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ حَيًّا لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ مَا لَمْ يُبَادَرْ فَيَفُوتُ فَإِنْ لَمْ يُبَادَرْ حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ بُودِرَ لَمْ يُدْرَكْ كُرِهَ أَكْلُهُ (وَذُكِّيَ) الْجَنِينُ (الْمُزْلِقُ) ، وَهُوَ مَا أَلْقَتْهُ أُمُّهُ فِي حَيَاتِهَا لِعَارِضٍ (إنْ حَيِيَ مِثْلُهُ) أَيْ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَعِيشُ بِأَنْ كَانَ تَامَّ الْخِلْقَةِ مَعَ نَبَاتِ شَعْرٍ، وَكَانَتْ حَيَاتُهُ مُحَقَّقَةً أَوْ مَظْنُونَةً لَا مَشْكُوكَةً (وَافْتَقَرَ) عَلَى الْمَشْهُورِ (نَحْوُ الْجَرَادِ) مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ (لَهَا) أَيْ لِلذَّكَاةِ بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ لَكِنَّ ذَكَاتَهُ (بِمَا) أَيْ بِأَيِّ فِعْلٍ (يَمُوتُ بِهِ) إنْ عَجَّلَ الْمَوْتَ كَقَطْعِ الرَّقَبَةِ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ) أَيْ كَانَ شَأْنُهُ عَدَمَ تَعْجِيلِهِ (كَقَطْعِ جَنَاحٍ) أَوْ رِجْلٍ أَوْ إلْقَاءٍ فِي مَاءٍ بَارِدٍ، وَلَا يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَعْجِيلٌ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاةٍ أُخْرَى بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ، كَذَا قَيَّدَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ الْإِطْلَاقَ. وَلَمَّا كَانَتْ الذَّكَاةُ سَبَبًا فِي إبَاحَةِ أَكْلِ الْحَيَوَانِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ فَقَالَ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ مُنْقَطِعًا أَوْ مُفَرَّقًا لَمْ تُؤْكَلْ (قَوْلُهُ: أُكِلَ مَا دُقَّ عُنُقُهُ) أَيْ بِضَرْبٍ بِعَصَا أَوْ بِتَرَدٍّ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَا عُلِمَ أَيْ أَوْ أَصَابَهُ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: شَاهِدٌ لِلثَّانِي) فَأَوَّلُ الْكَلَامِ دَلِيلٌ لِمَنْطُوقِهِ لِلْجَوَازِ وَآخِرُهُ دَلِيلٌ لِمَفْهُومِهِ لِلْمَنْعِ.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مَيْتًا مِنْ قَبْلِ) أَيْ مِنْ قَبْلِ ذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: فَذَكَاةُ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْكَلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ اكْتِفَاءً بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَفِي الْمَشِيمَةِ، وَهِيَ وِعَاؤُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْوَلَدِ إنْ أُكِلَ الْوَلَدُ أُكِلَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا بَيْضُ الدَّجَاجَةِ الْمُذَكَّاةِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَلَوْ لَمْ يَتِمَّ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَّ) أَيْ، وَإِلَّا فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ نَبَاتِ شَعْرِهِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ وَالْقَيْدُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى تَمَّ خَلْقُهُ نَبَتَ شَعْرُهُ عَادَةً فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ جَعْلُ الْبَاءِ لِلْمَعِيَّةِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ انْفِرَادُ تَمَامِ الْخَلْقِ عَنْ نَبَاتِ الشَّعْرِ وَانْفِرَادِ نَبَاتِ الشَّعْرِ عَنْ تَمَامِ الْخَلْقِ مَعَ أَنَّهُ مَتَى نَبَتَ شَعْرُهُ لَزِمَ تَمَامُ خَلْقِهِ وَالْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا) أَيْ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: حَيَاةً مُحَقَّقَةً أَوْ مَشْكُوكَةً) لَوْ قَالَ كَغَيْرِهِ حَيَاةً مُحَقَّقَةً أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا أَوْ مَيْئُوسًا مِنْهَا كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ ذُكِّيَ وُجُوبًا أَيْ فِي الْمَرْجُوِّ وَالْمَشْكُوكِ وَاسْتِحْبَابًا فِي الْمَيْئُوسِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ، وَإِلَّا يُذَكَّ لَمْ يُؤْكَلْ أَيْ فِي الْأَوَّلَيْنِ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُبَادِرَ) أَيْ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِ فَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ ضَعِيفَةً بِأَنْ كَانَتْ مَيْئُوسًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ وُجِدَ مَيْتًا) أَيْ بِمَنْزِلَةِ مَا نَزَلَ مَيْتًا مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَ ذَكَاتِهَا فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّ ذَكَاتَهُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُدْرَكْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ بُودِرَ لَأُدْرِكَ فَلَا يُؤْكَلُ، وَذَلِكَ فِي حَالَةِ الرَّجَاءِ وَالشَّكِّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَنِينَ إذَا خَرَجَ حَيًّا بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ حَيَاتُهُ مَرْجُوًّا بَقَاؤُهَا أَوْ مَشْكُوكًا فِي بَقَائِهَا أَوْ مَيْئُوسًا مِنْ بَقَائِهَا فَفِي الْأَوَّلَيْنِ تَجِبُ ذَكَاتُهُ، وَلَا يُؤْكَلُ إذَا مَاتَ بِدُونِهَا، وَفِي الثَّالِثِ تُنْدَبُ ذَكَاتُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ نَقْلًا عَنْ عِيسَى مَتَى خَرَجَ حَيًّا لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا شَامِلٌ لِلْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ أَيْ إنْ خَرَجَ حَيًّا حَيَاةً مَرْجُوًّا بَقَاؤُهَا أَوْ مَشْكُوكًا فِي بَقَائِهَا أَوْ مَيْئُوسًا مِنْ بَقَائِهَا، وَقَوْلُهُ ذُكِّيَ أَيْ وُجُوبًا فِي الْأَوَّلَيْنِ وَنَدْبًا فِي الثَّالِثِ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ خَاصٌّ بِالْمَيْئُوسِ مِنْهُ أَيْ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ لِذَكَاتِهِ فَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يُذَكَّى فَيَفُوتُ نَدْبُ ذَكَاتِهِ، وَيُؤْكَلُ بِدُونِهَا فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ إلَيْهِ حَتَّى مَاتَ كُرِهَ أَكْلُهُ (قَوْلُهُ: إنْ حَيِيَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَحْيَا أَوْ شُكَّ فِي أَمْرِهِ هَلْ تَسْتَمِرُّ حَيَاتُهُ أَمْ لَا لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ ذُكِّيَ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِزْلَاقِ، وَقَوْلُهُ، وَكَانَتْ حَيَاتُهُ مُحَقَّقَةً أَوْ مَظْنُونَةً لَا مَشْكُوكَةً يَعْنِي أَنَّهُ تَحَقَّقَ اسْتِمْرَارُ حَيَاتِهِ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ لَا إنْ شَكَّ فِي اسْتِمْرَارِهَا، وَعَدَمِهِ، وَأَوْلَى إذَا تَوَهَّمَ اسْتِمْرَارَهَا فَلَا يُؤْكَلُ، وَلَوْ ذُكِّيَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ مِنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ دُونَ نِصْفٍ أُبِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّأْسُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ عبق أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَدُونَ نِصْفٍ أُبِينَ مَيْتَةٌ مَخْصُوصٌ بِمَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ بِهِ) أَيْ بِمَا شَأْنُهُ أَنْ يُعَجِّلَ الْمَوْتَ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ. اهـ كَلَامُهُ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَمْ يُرِدْ التَّعْجِيلَ الْحَقِيقِيَّ بَلْ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْهُ لَا مِنْ إنْزَائِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قَيَّدَهَا) أَيْ بِقَوْلِهِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute