للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَضَالَّةُ الْإِبِلِ، نَعَمْ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ، وَكَذَا الْخَمْرُ (إلَّا لِغُصَّةٍ) فَيَجُوزُ إزَالَتُهَا بِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُسِيغُهَا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَقُدِّمَ) وُجُوبًا (الْمَيِّتُ) مِنْ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ (عَلَى خِنْزِيرٍ) عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ لِذَاتِهِ وَحُرْمَةُ الْمَيْتَةِ عَارِضَةٌ (وَ) عَلَى (صَيْدٍ لِمُحْرِمٍ) أَيْ صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ عَانَ عَلَيْهِ وَوَجَدَهُ حَيًّا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لَحْمَهُ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ مُحْرِمًا فَإِنْ كَانَ حَلَالًا قُدِّمَ صَيْدُ الْمُحْرِمِ عَلَى الْمَيْتَةِ قَالَ الْبَاجِيَّ مَنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَكَلَ الْمَيْتَةَ، وَلَمْ يُذَكِّ الصَّيْدَ (لَا لَحْمُهُ) أَيْ لَا يُقَدِّمُ الْمُحْرِمُ الْمُضْطَرُّ الْمَيْتَةَ عَلَى لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ أَوْ صِيدَ لَهُ بِأَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ مَا ذُبِحَ بَلْ يُقَدَّمُ لَحْمُ الصَّيْدِ عَلَى الْمَيْتَةِ (وَ) لَا يُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَى (طَعَامِ غَيْرٍ) بَلْ يُقَدَّمُ نَدْبًا طَعَامُ الْغَيْرِ عَلَى الْمَيْتَةِ (إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ) أَوْ الضَّرْبَ أَوْ الْأَذَى وَإِلَّا قَدَّمَ الْمَيْتَةَ (وَقَاتَلَ) الْمُضْطَرُّ جَوَازًا رَبَّ الطَّعَامِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ لَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَخْذِهِ بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَ رَبَّهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ مَا يَحْفَظُ الْحَيَاةَ فَالْمُرَادُ بِالرَّمَقِ الْحَيَاةُ وَبِسَدِّهَا حِفْظِهَا قَالَ الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يَعْزُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَنَصِّ الْمُوَطَّإِ.

وَمِنْ أَحْسَنِ مَا سَمِعْتُ فِي الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إلَى الْمَيْتَةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ، وَيَتَزَوَّدَ مِنْهَا فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ عَزْوَ تت وخش مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَالِكٍ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. بْن لَكِنْ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ نَقَلَ عَنْ عِيَاضٍ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ نَقَلَهُ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ، وَتَنَاوَلَ قَوْلَهُ وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ الْمُتَلَبِّسَ بِالْمَعْصِيَةِ كَمَا هُوَ مُخْتَارُ ابْنِ يُونُسَ وَشَهَرَهُ الْقَرَافِيُّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يُبَاحُ لَهُ تَنَاوُلَ الْمَيْتَةِ وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة: ١٧٣] {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} [المائدة: ٣] ، وَأَجَابَ الْمَشْهُورُ بِأَنَّ الْمُرَادَ غَيْرَ بَاغٍ فِي نَفْسِ الضَّرُورَةِ بِأَنْ يَتَجَانَفَ، وَيَمِيلَ فِي الْبَاطِنِ لِشَهْوَتِهِ، وَيَتَمَسَّكَ فِي الظَّاهِرِ بِالضَّرُورَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ فَمَنْ اُضْطُرَّ اضْطِرَارًا صَادِقًا فَإِذَا عَصَى فِي نَفْسِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ كَأَنْ كَذَبَ فِي الضَّرُورَةِ وَبَغَى وَتَعَدَّى فِيهَا وَتَجَانَفَ الْإِثْمَ كَانَتْ كَالْعَدَمِ.

(قَوْلُهُ: وَضَالَّةُ الْإِبِلِ) وَدَخَلَ أَيْضًا جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ الْمَيِّتَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى ضَالَّةِ الْإِبِلِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ضَالَّةَ الْإِبِلِ تَتَعَيَّنُ عِنْدَ انْفِرَادِهَا وَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا الْمَيْتَةُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيْتًا، وَلَوْ مَاتَ الْمُضْطَرُّ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ آخِرَ الْجَنَائِزِ أَنَّ بَعْضَهُمْ صَحَّحَ أَكْلَهُ لِلْمُضْطَرِّ إذَا كَانَ مَيْتًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ مَا يُسِيغُهَا بِهِ) ، وَيَصْدُقُ فِي أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلْغُصَّةِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا، وَإِلَّا فَلَا إلَّا لِقَرِينَةٍ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا. اهـ. خش (قَوْلُهُ: عَلَى خِنْزِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْخِنْزِيرُ حَيًّا أَوْ مَيْتًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ) الْمُرَادُ بِالصَّيْدِ هُنَا الْمَصِيدُ يَعْنِي الْحَيَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لَحْمَهُ، وَأَمَّا الِاصْطِيَادُ فَهُوَ أَحْرَى بِتَقْدِيمِ الْمَيْتَةِ عَلَيْهِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا كَانَ مُحْرِمًا وَوَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا حَيًّا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى الصَّيْدِ الْحَيِّ الَّذِي صَادَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ أَعَانَهُ عَلَيْهِ، وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ الْمَيْتَةُ مُتَغَيِّرَةً يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَكْلِهَا، وَإِلَّا قَدَّمَ الصَّيْدَ الْمَذْكُورَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ.

كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَلَالًا فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ صَيْدَ الْمُحْرِمِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُذَكَّ الصَّيْدُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِذَكَاتِهِ يَكُونُ مَيْتَةً.

(قَوْلُهُ: لَا لَحْمِهِ) أَيْ إذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ الْمُحْرِمُ مَيْتَةً وَصَيْدًا قَدْ صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ وَصَارَ لَحْمًا فَلَا يُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَيْهِ بَلْ يُقَدِّمُهُ عَلَيْهَا، وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ الْأُولَى الِاصْطِيَادُ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ حُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ وَحُرْمَةِ ذَبْحِ الصَّيْدِ. الثَّانِيَةُ الصَّيْدُ الْحَيُّ الَّذِي صَادَهُ الْمُحْرِمُ قَبْلَ اضْطِرَارِهِ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ أَيْضًا عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَبَحَهُ صَارَ مَيْتَةً فَلَا فَائِدَةَ فِي ارْتِكَابِ هَذَا الْمُحَرَّمِ. الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ صَادَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ لِمُحْرِمٍ، وَذُبِحَ قَبْلَ اضْطِرَارِهِ فَهَذَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَيْتَةِ، وَلَا تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَحْمَ صَيْدِ الْمُحْرِمِ وَحُرْمَتُهُ عَارِضَةٌ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ فَحُرْمَتُهَا أَصْلِيَّةٌ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ لَا لَحْمِهِ هَذَا أَحْسَنُ مَا يُقَرَّرُ بِهِ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُقَدِّمُ) أَيْ طَعَامَ الْغَيْرِ نَدْبًا عَلَى الْمَيْتَةِ هَذَا عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَأَمَّا عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَيَتَعَيَّنُ مَا وُجِدَ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَكَلَ مَالَ مُسْلِمٍ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ طُولَ الطَّرِيقِ فَلْيَتَزَوَّدْ؛ لِأَنَّ مُوَاسَاتَهُ تَجِبُ إذَا جَاعَ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ خَوْفِ الْقَطْعِ إنَّمَا هُوَ إذَا وَجَدَ الْمَيْتَةَ، وَإِلَّا أَكَلَهُ، وَلَوْ خَافَ الْقَطْعَ كَمَا فِي عج؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ مُقَدَّمٌ عَلَى حِفْظِ الْعُضْوِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَحَيْثُ أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْأَكْثَرِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يَضْمَنُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُضْطَرُّ مُعْدَمًا وَقْتَ الْأَكْلِ أَمَّا إنْ وُجِدَ مَعَهُ الثَّمَنُ أُخِذَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ) أَيْ فِيمَا فِي سَرِقَتِهِ الْقَطْعُ كَتَمْرِ الْجَرِينِ وَغَنَمِ الْمَرَاحِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الضَّرْبَ أَوْ الْأَذَى فِيمَا لَا قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ. فَإِنْ قُلْت الْمُضْطَرُّ إذَا ثَبَتَ اضْطِرَارُهُ لَا يُقْطَعُ، وَلَا يُضْرَبُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَيْتَةٌ فَكَيْفَ يَخَافُ الْقَطْعَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>