للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَزِيدِ التَّوَاضُعِ وَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الذَّبْحِ

(وَ) نُدِبَ (لِلْوَارِثِ) إنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ قَبْلَ ذَبْحِهَا (إنْفَاذُهَا) كَسَائِرِ الْقُرَبِ الَّتِي مَاتَ قَبْلَ إنْفَاذِهَا حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا تَعَيَّنَتْ وَعَلَى الْوَرَثَةِ إنْفَاذُهَا فَيُقَسِّمُونَ لَحْمَهَا، وَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنٍ، وَلَوْ سَابِقًا عَلَى الذَّبْحِ.

(وَ) نُدِبَ لِلْمُضَحِّي (جَمْعُ أَكْلٍ) أَيْ جَمْعٌ بَيْنَ أَكْلٍ مِنْهَا (وَصَدَقَةٍ، وَإِعْطَاءٍ) أَيْ إهْدَاءٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ أَعَمُّ (بِلَا حَدٍّ) فِي ذَلِكَ بِثُلُثٍ، وَلَا غَيْرِهِ (وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ) لِغُرُوبِهِ أَفْضَلُ مِمَّا عَدَاهُ ثُمَّ أَوَّلُ الثَّانِي مِنْ فَجْرِهِ إلَى الزَّوَالِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِ الثَّالِثِ (وَفِي أَفْضَلِيَّةِ) (أَوَّلَ الثَّالِثِ) إلَى زَوَالِهِ (عَلَى آخِرِ الثَّانِي) مِنْ زَوَالِهِ لِلْغُرُوبِ أَوْ عَكْسِهِ، وَهُوَ أَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي جَمِيعِهِ عَلَى أَوَّلِ الثَّالِثِ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ.

(وَ) نُدِبَ (ذَبْحُ وَلَدٍ) لِلضَّحِيَّةِ (خَرَجَ) أَيْ، وُلِدَ (قَبْلَ الذَّبْحِ) لَهَا، وَلَوْ مَنْذُورَةً وَلَا يَجِبُ (وَ) الْوَلَدُ الْخَارِجُ مِنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ (جُزْءٌ) أَيْ كَجُزْءٍ مِنْهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا إنْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا بَعْدَ ذَبْحِهَا حَيَاةً مُحَقَّقَةً وَجَبَ ذَبْحُهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِنَفْسِهِ.

(وَكُرِهَ) لِلْمُضَحِّي (جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الذَّبْحِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ جَمَالِهَا (إنْ لَمْ يَنْبُتْ) مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ (لِلذَّبْحِ) أَيْ لِوَقْتِ الذَّبْحِ (وَلَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْجَزَّ حِينَ أَخَذَهَا بِشِرَاءٍ، وَكَذَا (حِينَ أَخَذَهَا) مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ مُعْطِيهَا لَهُ أَوْ تَعْيِينِهَا مِنْ غَنَمِهِ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا فَرْقَ فَإِنْ نَبَتَ مِثْلُهُ لِلذَّبْحِ أَوْ نَوَاهُ حِينَ الْأَخْذِ لَمْ يُكْرَهْ (وَ) كُرِهَ لِلْمُضَحِّي (بَيْعُهُ) أَيْ الصُّوفِ الْمَكْرُوهِ الْجَزُّ (وَشُرْبُ لَبَنٍ) مِنْهَا، وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ الْأَخْذِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ قُرْبَةً لِلَّهِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَعُودُ فِي قُرْبَتِهِ.

(وَإِطْعَامُ كَافِرٍ) مِنْهَا (وَهَلْ) مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ (إنْ بُعِثَ لَهُ) مِنْهَا فِي بَيْتِهِ لَا إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ كَأَجِيرٍ، وَقَرِيبٍ وَزَوْجَةٍ فَلَا يُكْرَهُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (أَوْ) الْكَرَاهَةُ (وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (فِي عِيَالِهِ) أَيْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ (تَرَدُّدٌ)

(وَ) كُرِهَ (التَّغَالِي فِيهَا) أَيْ فِي كَثْرَةِ ثَمَنِهَا زِيَادَةً عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ ذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ، وَكَذَا زِيَادَةُ الْعَدَدِ فَإِنْ نَوَى بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْعَدَدِ الثَّوَابَ وَكَثْرَةَ الْخَيْرِ جَازَ، بَلْ نُدِبَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(وَ) كُرِهَ (فِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الذَّبْحِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الذَّبْحَ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ اسْتَنَابَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ نَائِبِهِ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا) أَيْ إذَا عَيَّنَهَا مُوَرِّثُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِغَيْرِ النَّذْرِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إنْفَاذُهَا كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا، وَإِذَا أَنْفَذَهَا الْوَارِث فَلَا تُجْزِئُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَجَمْعُ أَكْلٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ جَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَ أَشَقَّ عَلَى النَّفْسِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَدِيثُ «أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحَمْزُهَا» لَيْسَ كُلِّيًّا، وَقَالَ عج الْقَوْلُ بِأَنَّ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِهَا أَفْضَلُ مُتَّجَهٌ إذْ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحَمْزُهَا أَيْ أَشَقُّهَا عَلَى النَّفْسِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ إلَّا بِالذَّبْحِ، وَلَا تَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ، وَإِذَا عَمِلَ بِالْمَنْدُوبِ، وَذَبَحَ ذَلِكَ الْوَلَدَ مَعَ أُمِّهِ فَحُكْمُ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ حُكْمُهَا مِنْ جَوَازِ الْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْإِهْدَاءِ وَنُدِبَ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، وَمُنِعَ الْبَيْعُ، وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِالْمَنْدُوبِ، وَأَبْقَى ذَلِكَ الْوَلَدَ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ لِعَامٍ آخَرَ صَحَّ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا) أَيْ سَوَاءٌ جَزَّهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ أَوْ لَا خِلَافًا فالعبق حَيْثُ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الْجَزُّ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ التَّصَرُّفَ الْمَمْنُوعَ، وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا وَنَسَبَ ذَلِكَ لتت وح وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَبَتَ مِثْلُهُ لِلذَّبْحِ أَوْ نَوَاهُ حِينَ الْأَخْذِ لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْجَزُّ إذَا تَضَرَّرَتْ بِبَقَاءِ الصُّوفِ لِحَرٍّ وَنَحْوِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ، وَمَفْهُومِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الضَّحِيَّةُ مَنْذُورَةً أَمْ لَا وَارْتَضَاهُ عج، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ بِغَيْرِ الْمَنْذُورَةِ، وَأَمَّا الْمَنْذُورَةُ فَيَحْرُمُ جَزُّهَا سَوَاءٌ نَوَاهُ أَمْ لَا وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهَا، وَلَدٌ) أَيْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْإِنْسَانُ لَا يَعُودُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ الْعَوْدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ) الْأَوْلَى كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا يُشِيرُ الْمُصَنِّفُ لِلْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِالتَّرَدُّدِ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ رُوِيَ عَنْهُ إبَاحَةُ أَكْلِ الْكَافِرِ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا إلَى الْكَرَاهَةِ، وَهِيَ الْأَشْهَرُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ اخْتِلَافُ قَوْلَيْ مَالِكٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ أَمَّا إنْ كَانَ فِيهِمْ أَوْ غَشِيَهُمْ، وَهُمْ يَأْكُلُونَ فَلَا بَأْسَ بِهِ دُونَ خِلَافٍ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْخِلَافُ الْمَرْوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مُطْلَقٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ بُعِثَ إلَيْهِ، وَأَمَّا ابْنُ حَبِيبٍ فَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ قَوْلَيْ مَالِكٍ فَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ وَبُعِثَ إلَيْهِمْ وَالْقَوْلُ بِالْإِبَاحَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَأْنَ ذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَخَافُ مِنْهُ قَصْدَهَا فَإِنْ تَحَقَّقَ قَصْدُهَا بِالتَّغَالِي حُرِّمَ، وَإِنْ تَحَقَّقَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمُ قَصْدِهَا، وَإِنَّمَا قَصَدَ كَثْرَةَ اللَّحْمِ أَوْ الْأَجْرِ كَانَ التَّغَالِي مَنْدُوبًا، لِلْحَدِيثِ، فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ خَوْفُ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ، وَقَصْدِهَا بِالْفِعْلِ، وَتَحَقُّقِ عَدَمِ قَصْدِهَا، وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي التَّغَالِي فِيهَا، وَفِي زِيَادَةِ عَدَدِهَا.

(قَوْلُهُ: وَفَعَلَهَا عَنْ مَيِّتٍ) فَإِنْ فُعِلَتْ عَنْهُ، وَعَنْ الْمَيِّتِ لَمْ يُكْرَهْ قَالَهُ عبق، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلَّلُوا كَرَاهَةَ فِعْلِهَا عَنْ الْمَيِّتِ بِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا شَامِلٌ لِصُورَةِ الْإِفْرَادِ وَالتَّشْرِيكِ، وَأَيْضًا شُرُوطُ التَّشْرِيكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>