للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَذَا إنْ قَوِيَ الظَّنُّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ، وَكَذَا إذَا قَالَ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّيٍّ (وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ) وُجُوبًا بِأَنْ يَعْزِمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ نَادِمًا عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ فِي هُوَ يَهُودِيٌّ، وَمَا بَعْدَهُ (وَإِنْ) (قَصَدَ) فِي حَلِفِهِ (بِكَالْعُزَّى) مِنْ كُلِّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (التَّعْظِيمَ) مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ (فَكُفْرٌ) وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَحَرَامٌ.

(وَلَا) كَفَّارَةَ فِي يَمِينٍ (لَغْوٍ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى غَمُوسٍ أَيْ لَا بِغَمُوسٍ، وَلَا لَغْوٍ تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ أَوْ حَالٍ بِأَنْ حَلَفَ (عَلَى مَا) أَيْ عَلَى شَيْءٍ (يَعْتَقِدُهُ) أَيْ يَجْزِمُ بِهِ (فَظَهَرَ) لَهُ (نَفْيُهُ) فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ كُفِّرَتْ كَالْغَمُوسِ، فَاللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا إنْ تَعَلَّقَا بِمَاضٍ، وَفِيهِمَا الْكَفَّارَةُ إنْ تَعَلَّقَا بِالْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ تَعَلَّقَا بِالْحَالِ كُفِّرَتْ الْغَمُوسُ دُونَ اللَّغْوِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْأُجْهُورِيِّ:

كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا ... لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا

(وَلَمْ يُفِدْ) لَغْوُ الْيَمِينِ (فِي غَيْرِ) الْحَلِفِ بِ (اللَّهِ) وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَزِمَهُ.

(كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَيُفِيدُ فِي اللَّهِ، وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ فَإِنْ قَالَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَزِمَهُ، وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَفَعَهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (إنْ قَصَدَهُ) أَيْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْ حَلَّ الْيَمِينِ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ أَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ سَهْوًا (كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدُ أَوْ يَقْضِي عَلَى الْأَظْهَرِ) فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَلَا يُفِيدُ فِي غَيْرِهِ (وَأَفَادَ) الِاسْتِثْنَاءُ (بِكَإِلَّا) مِنْ خَلَا، وَعَدَا وَحَاشَا وَلَيْسَ، وَلَا يَكُونُ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ غَايَةٍ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي جَمِيعِ مُتَعَلِّقَاتِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مُسْتَقْبَلَةً أَوْ مَاضِيَةً كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً أَوْ غَمُوسًا كَمَنْ حَلَفَ أَنْ يَشْرَبَ الْبَحْرَ ثُمَّ اسْتَثْنَى نَحْوَ إلَّا أَكْثَرَهُ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى الْجَمِيعِ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً لَكِنْ يَخُصُّ الِاسْتِثْنَاءَ حِينَئِذٍ بِغَيْرِ الْمَشِيئَةِ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يَعُمُّهَا وَغَيْرَهَا نَحْوُ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَكْثَرَهُ.

ثُمَّ أَشَارَ لِشُرُوطِ الِاسْتِثْنَاء الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ (إنْ اتَّصَلَ) الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ لَمْ يُفِدْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَا يَسْقُطُ عَنْهُ إذَا تَبَيَّنَ صِدْقُهُ، وَإِنَّمَا تُزِيلُهُ التَّوْبَةُ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قَوِيَ الظَّنُّ) أَيْ لَمْ يَكُنْ غَمُوسًا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا لَا يَكُونُ غَمُوسًا إذَا لَمْ يَقْوَ ظَنُّهُ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ، وَلَكِنْ قَالَ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّي، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ بِأَنْ شَكَّ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ، وَهُوَ تَعَلُّقُهَا بِمَاضٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ ظَنَّ مُقَيَّدٌ بِثَلَاثِ قُيُودٍ تَعَلُّقُهَا بِمَاضٍ، وَعَدَمُ قُوَّةِ الظَّنِّ، وَعَدَمُ قَوْلِهِ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّي (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ بَكَالْعُزَّى التَّعْظِيمَ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ كُلَّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِثْلُ الْلَاتِ وَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ، وَمَا نُسِبَ لَهُ فِعْلٌ كَالْأَزْلَامِ، وَهِيَ الْأَقْدَاحُ وَاحِدُهَا زَلَمٌ كَجَمَلٍ فَكَانُوا إذَا قَصَدُوا فِعْلًا ضَرَبُوا ثَلَاثَةَ أَقْدَاحٍ مَكْتُوبٌ عَلَى أَوَّلِهَا أَمَرَنِي رَبِّي، وَعَلَى الثَّانِي نَهَانِي رَبِّي، وَعَلَى الثَّالِثِ غُفْلَ وَالْمُرَادُ بِضَرْبِهَا تَحْرِيكُهَا فِي كِيسٍ مِنْ جِلْدٍ فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مَضَى، وَإِنْ خَرَجَ الثَّانِي تَرَكَ، وَإِنْ خَرَجَ الثَّالِثُ أَعَادُوا الضَّرْبَ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ) ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِالْحَلِفِ بِهَا تَعْظِيمَهَا لَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَفَرَ فِي الْأَصْنَامِ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ) الْمُرَادُ بِهِ النَّذْرُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا فَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَعَلَيَّ نَذْرٌ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ مُعْتَقِدٌ أَنَّهُ فِي الدَّارِ وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ، وَمَا بَعْدَهُ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَزِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ لَقَدْ دَفَعَ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ لِبَائِعِهَا فَبَانَ أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ لِأَخِيهِ فَقَالَ مَا كُنْت ظَنَنْت أَنِّي دَفَعْته إلَّا لِلْبَائِعِ قَالَ مَالِكٌ يَحْنَثُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَيُفِيدُ اللَّغْوَ فِيهَا فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] الْمُرَادُ بِهَا الْأَيْمَانَ الشَّرْعِيَّةَ، وَهِيَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالْمَشْيُ وَالصَّدَقَةُ فَلَيْسَتْ أَيْمَانًا شَرْعِيَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ إلْزَامَاتٌ، وَلِذَلِكَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمَا حُرُوفُ الْقَسَمِ، وَكَانَ الْحَلِفُ بِهَا مَمْنُوعًا

(قَوْلُهُ: كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ (قَوْلُهُ: وَيُفِيدُ فِي اللَّهِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ غَمُوسًا، وَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهُ) هَذَا شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ، وَهُوَ الْإِفَادَةُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ أَوْ يَقْضِي اللَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِكَإِلَّا) أَيْ بِإِلَّا، وَمَا مَاثَلَهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوَ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ مَا خَلَا اللَّهَ أَوْ مَا حَاشَا اللَّهَ أَوْ مَا عَدَا اللَّهَ أَوْ لَيْسَ اللَّهُ أَوْ لَا يَكُونُ اللَّهُ (قَوْلُهُ: مِنْ شَرْطٍ) نَحْوُ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ إنْ كَانَ فِيهَا أَوْ لَا أَدْخُلُ دَارِهِ الْفُلَانِيَّةَ أَوْ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبَلَةً) أَيْ نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا تَطْلُعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>