للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْفِعْلِ أَوْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَوْ عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ كَمَا سَيَأْتِي وَسُمِّيَتْ يَمِينُ حِنْثٍ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ.

(إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) هَذَا مُبْتَدَأٌ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَفِي النَّذْرِ إلَخْ خَبَرُهُ بِالْإِطْعَامِ التَّمْلِيكُ وَبِالْمِسْكِينِ مَا يَعُمُّ الْفَقِيرَ وَشَرْطُهُ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ لُزُومِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْمُخْرِجِ (لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ (مُدٌّ) مِمَّا يُخْرَجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ ثُلُثِهِ) قَالَ أَشْهَبُ (أَوْ نِصْفِهِ) قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ فَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ الزِّيَادَةُ بِالِاجْتِهَادِ لَا بِحَدٍّ، وَهُوَ الْوَجْهُ (أَوْ) لِكُلٍّ (رِطْلَانِ خُبْزًا) بِالْبَغْدَادِيِّ أَصْغَرُ مِنْ رِطْلِ مِصْرَ بِيَسِيرٍ (بِأُدْمٍ) نَدْبًا فَيُجْزِئُ بِلَا إدَامٍ عَلَى الرَّاجِحِ، وَالتَّمْرُ وَالْبَقْلُ إدَامٌ (كَشِبَعِهِمْ) مَرَّتَيْنِ كَغَدَاءٍ، وَعَشَاءٍ أَوْ غَدَاءَيْنِ أَوْ عَشَاءَيْنِ، وَسَوَاءٌ تَوَالَتْ الْمَرَّتَانِ أَمْ لَا فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِطُولٍ أَمْ لَا مُجْتَمِعِينَ - الْعَشَرَةَ - أَوْ مُتَفَرِّقِينَ مُتَسَاوِينَ فِي الْأَكْلِ أَمْ لَا وَالْمُعْتَبَرُ الشِّبَعُ الْوَسَطُ فِي الْمَرَّتَيْنِ، وَلَوْ أَكَلُوا أَكْثَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ الْأَمْدَادِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ الْأَمْدَادُ الْعَشَرَةَ.

وَأَشَارَ إلَى النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي عَلَى التَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) أَيْ الْعَشَرَةِ وَيَكْفِي الْمَلْبُوسُ الَّذِي فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى الظَّاهِرِ (لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ) يَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِهِ لَا إزَارٌ أَوْ عِمَامَةٌ (ولِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ) أَيْ قَمِيصٌ سَاتِرٌ (وَخِمَارٌ، وَلَوْ غَيْرَ وَسَطِ) كِسْوَةِ (أَهْلِهِ، وَالرَّضِيعُ كَالْكَبِيرِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ بِنَوْعَيْهِ الْأَمْدَادِ وَالْخُبْزِ بِشَرْطِ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيُعْطَى رِطْلَيْنِ خُبْزًا وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْهُ إلَّا فِي مَرَّاتٍ، وَلَا يَكْفِي إشْبَاعُهُ الْمَرَّتَيْنِ إلَّا إذَا اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ، وَيُعْطَى كِسْوَةَ كَبِيرٍ.

وَأَشَارَ إلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ (أَوْ عِتْقِ الرَّقَبَةِ) بِقَوْلِهِ (أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ كَالظِّهَارِ) لَا جَنِينٍ، وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ مُؤْمِنَةً

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ) أَيْ فَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ الْفِعْلِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْهُ شَرْعِيٌّ أَوْ عَادِيٌّ لَا إنْ كَانَ عَقْلِيًّا فَلَا حِنْثَ.

(قَوْلُهُ: عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) أَيْ فَإِنْ انْتَهَبُوهَا فَإِنْ عَلِمَ مَا أَخَذَ كُلٌّ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً فَأَقَلَّ بَنَى عَلَى وَاحِدٍ. اهـ. شب (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ الْحُرِّيَّةُ إلَخْ) أَيْ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مِنْ مَحَلِّ الْحِنْثِ، وَقَدْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّارَ عَلَى أَيِّ مَسَاكِينَ كَانُوا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ لُزُومِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْمُخْرِجِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ مِنْهَا الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ الْفَقِيرِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ الزَّوْجَةُ مِنْهَا لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا الْفَقِيرَيْنِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُخْرَجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ) ، وَهِيَ الْأَنْوَاعُ التِّسْعَةُ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالزَّبِيبُ وَالدُّخْنُ وَالذُّرَةُ وَالْأَرُزُّ وَالْعَلْسُ وَالتَّمْرُ. انْتَهَى.

وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِهِمْ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُدَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ الْبُرِّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ، وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ مِنْ الشَّعِيرِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُخْرِجْ وَسَطَ الشِّبَعِ مِنْهُ. اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ) أَيْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَلَا تُنْدَبُ لَهُمْ الزِّيَادَةُ لِقِلَّةِ الْقُوتِ فِيهَا، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ شَامِلٌ لِمَكَّةَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْإِمَامِ إلَخْ) لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ بِوُجُوبِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: مُتَسَاوِينَ فِي الْأَكْلِ أَمْ لَا) وَاشْتَرَطَ التُّونُسِيُّ تَقَارُبَهُمْ فِي الْأَكْلِ كَذَا فِي الْبَدْرِ لَا تَسَاوِيهِمْ فِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق.

(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الْمَلْبُوسُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْكِسْوَةِ أَنْ تَكُونَ جَدِيدَةً (قَوْلُهُ: ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِهِ) عِبَارَةُ ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ يُعْطَى لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ، وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ الَّذِي يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ. اهـ. فَقَوْلُ شَارِحِنَا لَا إزَارَ أَوْ عِمَامَةَ أَيْ زَائِدٌ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْمُرَادُ لَا إزَارَ فَقَطْ يَعْنِي لَا يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْكِسْوَةُ لَيْسَتْ مِنْ كِسْوَةِ وَسَطِ أَهْلِ بَلَدِهِ بَلْ دُونَ كِسْوَتِهِمْ، وَهَذَا بِخِلَافِ الطَّعَامِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ عَيْشُ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ عَيْشُ الْمُكَفِّرِ، وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ الْأَعْلَى مِنْهُمَا إنْ قَدَرَ عَلَى الْأَعْلَى.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إشْبَاعُهُ الْمَرَّتَيْنِ إلَّا إذَا اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ إلَخْ) صَوَابُهُ، وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ فَفِي طفى قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُغَدِّيَ الصِّغَارَ، وَيُعَشِّيَهُمْ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ يُعْطِي الرَّضِيعَ فِي الْكَفَّارَةِ إذَا كَانَ قَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ بِقَدْرِ مَا يُعْطِي الْكَبِيرَ ثُمَّ قَالَ وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلًا بِأَنَّ الصَّغِيرَ يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ خَاصَّةً. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ نَقْلُهُ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إعْطَاءُ الصَّغِيرِ مَا يَكْفِيهِ لَا أَعْرِفُهُ بَلْ تَوْجِيهُ الْبَاجِيَّ كَوْنُ كَسَوْته كَكَبِيرٍ بِالْقِيَاسِ عَلَى كَوْنِ إطْعَامِهِ كَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ فِي الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ: وَيُعْطِي كِسْوَةَ كَبِيرٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ، وَقِيلَ إنَّ الصَّغِيرَ يُعْتَبَرُ فِي نَفْسِهِ فَيُعْطَى ثَوْبًا بِقَدْرِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كِسْوَةِ الصَّغِيرِ قَوْلَيْنِ كَمَا عَلِمْت، وَأَمَّا الْإِطْعَامُ فَإِنْ كَانَ يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ اللَّبَنِ كَفَى إشْبَاعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ اللَّبَنِ فَلَا يَكْفِي إشْبَاعُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُدِّ أَوْ رِطْلَيْنِ خُبْزًا كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَالنَّقْلُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت، وَهُوَ أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ سَوَاءٌ اسْتَغْنَى بِهِ عَنْ اللَّبَنِ أَوْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُعْطَى مَا يُعْطَاهُ الْكَبِيرُ الثَّانِي مَا حَكَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّ الصَّغِيرَ يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ خَاصَّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>