(لَمْ يَصِلْ) الذَّوَاقُ بِمَعْنَى الْمَذُوقِ (جَوْفَهُ) ، وَإِلَّا حَنِثَ
(وَبِوُجُودِ) دَرَاهِمَ (أَكْثَرَ) مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ (فِي) حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا لَا لَغْوَ فِيهِ (لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْقَدْرِ الْمُسَمَّى كَعَشَرَةٍ (لِمُتَسَلِّفٍ) أَوْ سَائِلٍ أَوْ مُقْتَضٍ لِحَلِفِهِ، وَأَمَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَلَغْوٌ، وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْيَقِينِ قَرِيبًا (لَا) بِوُجُودِ (أَقَلَّ) عَدَدًا أَوْ وَزْنًا، وَلَوْ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ اتِّفَاقًا إذْ الْمُرَادُ لَيْسَ مَعِي مَا يَزِيدُ عَلَى مَا حَلَفْت عَلَيْهِ.
(وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ) لِدَابَّةٍ (وَ) دَوَامِ (لُبْسِهِ) لِثَوْبٍ وَسُكْنَاهُ دَارًا مَعَ إمْكَانِ التَّرْكِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَرْكَبُ، وَأَلْبَسُ) وَأَسْكُنُ مَا ذُكِرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ (لَا) يَحْنَثُ بِالدَّوَامِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى (كَدُخُولٍ) لِدَارٍ مَثَلًا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا، وَهُوَ مَاكِثٌ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ، وَهُوَ دَاخِلٌ وَاسْتَمَرَّ دَاخِلًا فَيَحْنَثُ (وَ) حَنِثَ (بِدَابَّةِ عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ عَبْدَ نَفْسِهِ إنْ حَلَفَ لَا أَرْكَبُ دَابَّتِي (فِي) حَلِفِهِ عَلَى (دَابَّتِهِ) لَا يَرْكَبُهَا إذْ مَالُ الْعَبْدِ مَالٌ لِلسَّيِّدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلِذَا لَا يَحْنَثُ بِدَابَّةِ وَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ اعْتِصَارُهَا وَرَجَحَ الْحِنْثُ حِينَئِذٍ.
(وَبِجَمْعِ الْأَسْوَاطِ) وَضَرْبِهِ بِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً (فِي) حَلِفِهِ لِعَبْدِهِ مَثَلًا (لَأَضْرِبَنَّهُ كَذَا) عِشْرِينَ سَوْطًا مَثَلًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ فِي الْبِرِّ مِنْ ضَرْبِهِ بِالسَّوْطِ الْعَدَدَ مُتَفَرِّقًا عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُحْتَسَبُ بِالضَّرْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ جَمْعِهَا حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إيلَامٌ كَإِيلَامِ الْمُنْفَرِدَةِ، وَإِلَّا حُسِبَتْ وَاحِدَةً.
(وَ) حَنِثَ (بِلَحْمِ الْحُوتِ) وَالطَّيْرِ لِصِدْقِ اللَّحْمِ عَلَيْهِمَا (وَ) حَنِثَ بِأَكْلِ (بَيْضِهِ) أَيْ بَيْضِ الْحُوتِ بِمَعْنَى مَا يَبِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ كَالتُّرْسِ وَالتِّمْسَاحِ (وَ) حَنِثَ بِأَكْلِهِ (عَسَلَ الرُّطَبِ فِي) حَلِفِهِ عَلَى (مُطْلَقِهَا) أَيْ مُطْلَقِ اللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَالْعَسَلِ بِأَنْ قَالَ لَا آكُلُ لَحْمًا أَوْ بَيْضًا أَوْ عَسَلًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ.
(وَ) حَنِثَ (بِكَعْكٍ وَخُشْكَنَانٍ) ، بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الْكَافِ كَعْكٌ مَحْشُوٌّ بِكُسَّرٍ (وَهَرِيسَةٍ، وَإِطْرِيَةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ قِيلَ هِيَ مَا تُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالشِّعْرِيَّةِ، وَقِيلَ مَا يُسَمَّى بِالرِّشْتَةِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ (خُبْزٍ) قَالُوا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَجْرِي عَلَى عُرْفِ زَمَانِنَا وَالْجَارِي عَلَيْهِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا ذُكِرَ (لَا) يَحْنَثُ فِي (عَكْسِهِ) ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْخَاصَّةِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْخُبْزِ.
(وَ) حَنِثَ (بِضَأْنٍ، وَمَعْزٍ) أَيْ بِأَكْلِهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِلْ جَوْفَهُ) أَيْ، وَلَوْ وَصَلَ لِحَلْقِهِ
(قَوْلُهُ: وَبِوُجُودِ أَكْثَرَ) أَيْ كَمَا لَوْ سَأَلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا عَشَرَةٌ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ فَوَجَدَ مَا مَعَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَيَحْنَثُ حَيْثُ كَانَتْ الْيَمِينُ لَا لَغْوٌ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهَا اللَّغْوُ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَلَا حِنْثَ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ مَعَهُ أَقَلَّ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ سَوَاءٌ كَانَ يَمِينُهُ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ اللَّغْوُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ لَيْسَ مَعِي مَا يَزِيدُ عَلَى مَا حَلَفْت عَلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِسَاطُ يَمِينِهِ.
(قَوْلُهُ: وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ) أَيْ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ حَيْثُ أَطْلَقَ بَلْ، وَلَوْ لَحْظَةً (قَوْلُهُ: فِي حَلِفِهِ لَا أَرْكَبُ، وَلَا أَلْبَسُ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَأَرْكَبَنَّ، وَأَلْبَسَنَّ بَرَّ بِدَوَامِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ أَيْ بِدَوَامِ الرُّكُوبِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَظُنُّ الرُّكُوبَ فِيهَا، وَدَوَامِ اللُّبْسِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَظُنُّ اللُّبْسَ فِيهَا فَإِذَا كَانَ مُسَافِرًا يَوْمَيْنِ، وَقَالَ وَاَللَّهِ لَأَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ رَاكِبٌ لَهَا فَلَا يَبَرُّ إلَّا إذَا رَكِبَهَا الْمَسَافَةَ بِتَمَامِهَا، وَلَا يَضُرُّ نُزُولُهُ لَيْلًا، وَلَا فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي حَلِفِهِ لَأَلْبَسَنَّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ دَاخِلًا فَيَحْنَثُ) أَيْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى ذَلِكَ كَالدُّخُولِ ابْتِدَاءً، وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا أَرْكَبُهَا، وَكَالدَّارِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا فَإِذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ السَّفِينَةَ فَيَحْنَثُ بِدَوَامِ رُكُوبِهِ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِ الْمُكْثِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَبِدَابَّةِ عَبْدِهِ فِي دَابَّتِهِ) قَالَ فِيهَا، وَمَنْ حَلَفَ إنَّهُ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ حَنِثَ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ لَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِنْثِ بِرُكُوبِ دَابَّةِ مُكَاتَبِهِ، وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَاخْتَارَ غَيْرُهُ الْحِنْثَ بِرُكُوبِهَا نَظَرًا لِلُحُوقِ الْمِنَّةِ بِهَا كَلُحُوقِهَا بِدَابَّةِ سَيِّدِهِ الَّذِي هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ هَذَا التَّعْلِيلِ لَا يَحْنَثُ بِدَابَّةِ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْوَلَدِ لَيْسَ مَالًا لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ اعْتِصَارُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَدْ وَهَبَهَا لَهُ لَكِنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي دَابَّةِ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ لِوَالِدِهِ اعْتِصَارُهَا ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِدَابَّةِ الْوَلَدِ إنْ كَانَتْ مَوْهُوبَةً مِنْ وَالِدِهِ، وَلَهُ اعْتِصَارُهَا لِتَحَقُّقِ الْمِنَّةِ فِيهَا لَا مَا لَا اعْتِصَارَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِحِنْثِهِ بِذَلِكَ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ بَلْ الْمُرَادُ بِحِنْثِهِ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَالِفِ زِيَادَةُ الْإِيلَامِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ عِنْدَ جَمْعِهَا فَلَوْ حَلَفَ لَأَضْرِبَنَّهُ عِشْرِينَ سَوْطًا فَجَمَعَ الْأَسْوَاطَ، وَضَرَبَ بِهَا مَرَّةً حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ
(قَوْلُهُ: لِصِدْقِ اللَّحْمِ عَلَيْهِمَا) أَيْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤] ، وَقَالَ أَيْضًا {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: ٢١] ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحِنْثِ بِلَحْمِ الْحُوتِ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا عُرْفٌ مَضَى، وَأَمَّا عُرْفُ زَمَانِنَا خُصُوصًا بِمِصْرَ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْحُوتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَحْمًا عُرْفًا قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَهَرِيسَةٍ) هِيَ أَنْ يُطْبَخَ اللَّحْمُ مَعَ الْقَمْحِ طَبْخًا جَيِّدًا حَتَّى يُعْزَلَ الْعَظْمُ عَنْ اللَّحْمِ فَيُؤْتَى بِعَصًا فِيهَا غِلَظٌ، وَيَعْرُكُونَ بِهَا ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ كَالْعَصِيدَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ الْحِنْثِ بِأَكْلِ الْكَعْكِ وَالْخُشْكَنَانِ -