(وَ) حَنِثَ إذَا خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ مَثَلًا (بِلَا) عِلْمِ (إذْنِهِ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي) ، وَأَذِنَ لَهَا، وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ لَا بِسَبَبِ إذْنِي، وَهِيَ لَمْ تَخْرُجْ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ إلَّا إنْ أَذِنْتُ، وَأَذِنَ وَخَرَجَتْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا حِنْثَ
(وَ) حَنِثَ (بِعَدَمِ عِلْمِهِ) أَيْ إعْلَامِهِ الْمَحْلُوفِ لَهُ لَمْ يَبَرَّ (فِي) حَلِفِهِ لِشَخْصٍ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِكَذَا (لَأُعْلِمَنَّهُ) بِهِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ فَلَا يَبَرُّ الْحَالِفُ إلَّا بِالْإِعْلَامِ (وَإِنْ بِرَسُولٍ) يُرْسِلُهُ إلَيْهِ وَأَوْلَى بِكِتَابٍ فَإِنَّهُ يَبَرُّ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ (وَهَلْ) الْحِنْثُ إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) الْحَالِفُ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهُ (عَلِمَ) بِالْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْإِعْلَامِ، وَمُطْلَقُ عِلْمِ الْحَالِفِ أَنَّهُ عَلِمَ أَوَّلًا (تَأْوِيلَانِ) الْأَظْهَرُ مُرَاعَاةُ الْبِسَاطِ (أَوْ) بِعَدَمِ (عِلْمٍ) أَيْ إعْلَامِ (وَالٍ) مِنْ وُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ (ثَانٍ) تَوَلَّى بَعْدَ أَوَّلٍ (فِي حَلِفِهِ) طَوْعًا (لِأَوَّلٍ فِي نَظَرٍ) أَيْ فِي مَصْلَحَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فَمَاتَ الْأَوَّلُ أَوْ عُزِلَ فَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِلْوَالِي نَفْسِهِ فَلَا حِنْثَ بِعَدَمِ إعْلَامِ الثَّانِي بَلْ بِعَدَمِ إعْلَامِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَيَكْفِي إعْلَامُهُ، وَإِنْ بِرَسُولٍ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ.
(وَ) حَنِثَ (بِمَرْهُونٍ) مِنْ الثِّيَابِ (فِي) حَلِفِهِ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ إعَارَتُهُ (لَا ثَوْبَ لِي) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ الْمَرْهُونِ (وَ) حَنِثَ (بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا بِكُلِّ مَا يَنْفَعُهُ بِهِ مِنْ إسْكَانٍ أَوْ تَحْبِيسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَعَارَهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ حَلِفُهُ لَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَهَبَهُ فَأَعَارَهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ عَدَمُ نَفْعِهِ، وَفُهِمَ مِنْهُ حِنْثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ، وَعَكْسُهُ بِالْأَوْلَى (وَنُوِّيَ) أَيْ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ إنْ أَعَادَهَا عِنْدَ حَاكِمٍ، وَلَوْ فِي عِتْقٍ لِمُعَيِّنٍ وَطَلَاقٍ (إلَّا فِي صَدَقَةٍ) تَصَدَّقَ بِهَا بَدَلًا (عَنْ هِبَةٍ) بِأَنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَا كَلَّمْت فُلَانًا بِفَتْحٍ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ الْفَتْحُ وَاجِبًا بِأَنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إمَامًا، وَفَتَحَ الْحَالِفُ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ.
إنْ قُلْت إذَا لَمْ يَحْنَثْ بِسَلَامِ الرَّدِّ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ اسْتِنَانًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْفَتْحِ عَلَى إمَامِهِ إذَا وَجَبَ قُلْت الْفَتْحُ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ إذْ هُوَ فِي مَعْنَى قُلْ كَذَا وَاقْرَأْ كَذَا بِخِلَافِ سَلَامِ الصَّلَاةِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحِنْثِ بِالْفَتْحِ مُطْلَقًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَحْنَثُ بِالْفَتْحِ فِي السُّورَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالْفَتْحِ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ
(قَوْلُهُ: وَبِلَا عِلْمٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهَا وَخَرَجَتْ بَعْدَ إذْنِهِ لَكِنْ قَبْلَ عِلْمِهَا بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، سَوَاءٌ أَذِنَ لَهَا، وَهُوَ حَاضِرٌ أَوْ فِي حَالِ سَفَرِهِ أَشْهَدَ عَلَى الْإِذْنِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي) حَذَفَ مِنْهُ النُّونَ لِغَيْرِ جَازِمٍ، وَهُوَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ جَوَابًا لِلْقَسَمِ يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ خَبَرٌ لَا نَهْيٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِسَبَبِ إذْنِي) أَيْ، وَلَيْسَ قَصْدُهُ لَا تَخْرُجِي إلَّا مُصَاحِبَةً لِإِذْنِي، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا مُصَاحِبٌ لِإِذْنِهِ فَلَوْ أَذِنَ لَهَا ثُمَّ رَجَعَ فِي إذْنِهِ فَخَرَجَتْ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْنَثُ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ.
(قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ عِلْمِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ لَيُعْلِمَنَّ بِهِ زَيْدًا فَعَلِمَ بِهِ، وَلَمْ يُعْلِمْ بِهِ زَيْدًا حَتَّى عَلِمَهُ زَيْدٌ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ بِذَلِكَ حَتَّى يُعْلِمَ زَيْدًا، وَالْمُرَادُ بِحِنْثِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ عَلَى حِنْثٍ، وَيَطْلُبُ بِمَا يَبَرُّ بِهِ وَاَلَّذِي يَبَرُّ بِهِ إعْلَامُهُ زَيْدًا مُشَافَهَةً أَوْ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِحِنْثِهِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي وَرْطَةِ الْيَمِينِ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ) وَالْمَعْنَى فَإِنْ أَعْلَمَهُ بَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْإِعْلَامُ بِرَسُولٍ وَبَالَغَ عَلَى الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْحِنْثُ إلَّا أَنْ يُعْلِمَ أَنَّهُ عَلِمَ بِالْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ) فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَلِمَ بِالْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِتَنْزِيلِ عِلْمِهِ بِإِعْلَامِ غَيْرِهِ مَنْزِلَةَ إعْلَامِهِ هُوَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِعَدَمِ عِلْمٍ وَالثَّانِي) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَلَفَ طَوْعًا لِوَالٍ أَوْ لِمُتَوَلٍّ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ إنْ رَأَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِيهِ ظَفَرُ الْمُسْلِمِينَ، وَمَصْلَحَةٌ لَهُمْ لَيُخْبِرَنَّهُ بِهِ فَمَاتَ ذَلِكَ الْوَالِي الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْحَالِفَ رَأَى الْأَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْوَالِيَ الثَّانِيَ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ لَمْ يَبَرَّ، وَأَمَّا إعْلَامُ الْأَوَّلِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لِلْوَالِي أَنَّهُ إذَا رَأَى الْأَمْرَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَك لَأُخْبِرَنَّكَ بِهِ ثُمَّ إنَّهُ عُزِلَ الْوَالِي وَتَوَلَّى غَيْرُهُ وَرَأَى الْحَالِفُ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِإِخْبَارِ الْوَالِي الْأَوَّلِ بِهِ دُونَ الثَّانِي، وَيَكْفِي إعْلَامُ الْأَوَّلِ، وَإِنْ بِرَسُولٍ فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ الْحَالِفُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يُفَرِّطْ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ عَقْلِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ إعْلَامُ وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ بِذَلِكَ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِلْوَالِي) أَيْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ بَلْ بِعَدَمِ إعْلَامِ الْأَوَّلِ أَيْ بَلْ يَحْنَثُ بِعَدَمِ إعْلَامِ الْأَوَّلِ الْمَعْزُولِ.
(قَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِمَرْهُونٍ فِي حَلِفِهِ لَا ثَوْبَ لِي) أَيْ سَوَاءٌ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ الْمَرْهُونِ) أَيْ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا فَإِنْ نَوَى لَا ثَوْبَ لِي تُمْكِنُ إعَارَتُهُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ فَقَوْلَانِ بِالْحِنْثِ، وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى فَكِّ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ أَوْ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ فَلَا حِنْثَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَنَوَى) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْعَكْسُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ -