(وَ) حَنِثَ (بِهِ) أَيْ بِالضَّمَانِ (لِوَكِيلٍ) عَنْ شَخْصٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَضْمَنُ لَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (إنْ كَانَ) الْوَكِيلُ الْمَضْمُونُ لَهُ (مِنْ نَاحِيَتِهِ) أَيْ لِلشَّخْصِ كَقَرِيبِهِ وَصَدِيقِهِ (وَهَلْ) الْحِنْثُ (إنْ عَلِمَ) الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ لِيَكُونَ بِذَلِكَ كَأَنَّهُ عَلِمَ بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا حِنْثَ أَوْ الْحِنْثُ مُطْلَقًا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا (تَأْوِيلَانِ) أَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَالْحِنْثُ اتِّفَاقًا.
(وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ الْمُخْبَرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ (بِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْته) أَيْ ذَلِكَ الشَّخْصَ (قَالَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْخَبَرَ (لِغَيْرِي) أَوْ لِأَحَدٍ بِدُونِ غَيْرِي (لِمُخْبِرٍ) بِالْكَسْرِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ لِمَنْ أَخْبَرَ بِخَبَرٍ نَاقِلًا لَهُ عَنْ شَخْصٍ كَانَ قَدْ أَسَرَّ بِهِ الْحَالِفُ وَحَلَّفَهُ لَيَكْتُمَنَّهُ وَلَا يُبْدِيهِ لِأَحَدٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فِي) حَلِفِهِ (لَيُسِرَّنَّهُ) ، وَلَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا فَنَزَلَ قَوْلُهُ: مَا ظَنَنْته. . . إلَخْ مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ.
(وَ) حَنِثَ (بِاذْهَبِي) أَيْ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا اذْهَبِي أَوْ انْصَرِفِي (الْآنَ) ظَرْفٌ لَحَنِثَ الْمُقَدَّرِ، وَلَوْ حَذَفَهُ مَا ضَرَّ (إثْرَ) أَيْ عَقِبَ حَلِفِهِ (لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَفْعَلِي) كَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامٌ قَبْلَ الْفِعْلِ
(وَلَيْسَ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ كَلَامِهِ (لَا أُبَالِي) بِك (بَدَأَ) يُوجِبُ حَلَّ الْيَمِينِ (لِقَوْلٍ آخَرَ) فِي حَلِفِهِ (لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَبْدَأَنِي) لِلِاحْتِيَاطِ فِي جَانِبِ الْبِرِّ.
(وَ) حَنِثَ بَائِعٌ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الْمُشْتَرِي (بِالْإِقَالَةِ فِي) حَلِفِهِ حِينَ سَأَلَهُ الْمُشْتَرِي حَطِيطَةَ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ (لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا إنْ لَمْ تَفِ) قِيمَةُ السِّلْعَةِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصْته، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ تَفِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَنْوَاعِ الضَّمَانِ الثَّلَاثَةِ كُلِّهَا.
(قَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَضْمَنُ فُلَانًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِضَمَانِهِ لِوَكِيلِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِوَكَالَتِهِ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْمَضْمُونُ فِي الْوَاقِعِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُوَكِّلِ صَدِيقًا مُلَاطِفًا أَوْ قَرِيبًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَلَا حِنْثَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَفَّلَ لِفُلَانٍ بِكَفَالَةٍ فَتَكَفَّلَ لِوَكِيلِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِوَكَالَتِهِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مِنْ سَبَبِ فُلَانٍ وَنَاحِيَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ. اهـ.، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ كَانَ مِنْ سَبَبِ فُلَانٍ وَنَاحِيَتِهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا أَنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ قَيَّدَ الْحِنْثَ نَقْلًا عَنْ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ بِمَا إذَا عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ بِأَنْ عَلِمَ بِقَرَابَتِهِ أَوْ صَدَاقَتِهِ لَهُ فَذَكَرَ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ حَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَحَمَلَهَا هُوَ عَلَى ظَاهِرِهَا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ إذَا ادَّعَى الْحَالِفُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْوَكِيلَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مَعَ الْمُرَافَعَةِ، وَتُقْبَلُ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِهِمَا أَوْ بِهِمَا مَعَ الْفَتْوَى اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَالْحِنْثُ اتِّفَاقًا) الْأَوْلَى مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا عَلِمَ بِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتُهُ أَوْ لَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالْوَكَالَةِ فَالْحِنْثُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فِي الْوَاقِعِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا. خِلَافٌ، وَكُلُّ هَذَا إذَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ ضَمِنَ الْحَالِفُ الْوَكِيلَ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ عَلِمَ حِينَ الضَّمَانِ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ إلَخْ) صُورَتُهَا أَعْلَمَ زَيْدٌ خَالِدًا بِأَمْرٍ وَاسْتَحْلَفَهُ عَلَى كِتْمَانِهِ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا أَسَرَّهُ لِغَيْرِ خَالِدٍ فَأَسَرَّهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ لِخَالِدٍ، وَأَخْبَرَهُ بِهِ فَقَالَ خَالِدٌ لِلْمُخْبِرِ لَهُ مَا ظَنَنْت أَنَّ زَيْدًا قَالَ ذَلِكَ الْأَمْرَ لِغَيْرِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ لِتَنْزِيلِ قَوْلِهِ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ.
(قَوْلُهُ: وَبِاذْهَبِي إلَخْ) صُورَتُهَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَلَّمْتُك قَبْلَ أَنْ تَفْعَلِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا اذْهَبِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ الْآنَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامٌ قَبْلَ أَنْ تَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى فِعْلِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا حَلَفَ لَا كَلَّمْتِينِي حَتَّى تَقُولِي أُحِبُّكَ فَقَالَتْ: لَهُ: عَفَا اللَّهُ عَنْك إنِّي أُحِبُّك فَيَحْنَثُ بِقَوْلِهَا عَفَا اللَّهُ عَنْك؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ صَدَرَ مِنْهَا قَبْلَ قَوْلِهَا أُحِبُّك (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ فَحَنِثَ الْمُقَدَّرُ) أَيْ أَنَّهُ يَحْنَثُ مِنْ الْآنَ عَقِبَ قَوْلِهِ اذْهَبِي، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْحِنْثُ عَلَى كَلَامٍ آخَرَ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِاذْهَبِي تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ قَوْلُهُ: لَا أُبَالِي إلَخْ) صُورَتُهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا حَتَّى يَبْدَأَهُ بِالْكَلَامِ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ إذًا وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي بِك فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ تَبْدِئَةً مُعْتَدًّا بِهَا فِي حِلِّ الْيَمِينِ فَإِنْ كَلَّمَهُ قَبْلَ صُدُورِ كَلَامٍ غَيْرِ هَذَا حَنِثَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ لَا أُبَالِي بِك كَلَامًا؛ لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْبِرِّ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِكَلَامٍ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَجَعَلَ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامًا؛ لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْحِنْثِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَدْنَى سَبَبٍ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنْ لَا أُبَالِيَ لَا يُعَدُّ بَدْءًا مُعْتَدًّا بِهِ، وَلَوْ كَرَّرَ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ
(قَوْلُهُ: وَبِالْإِقَالَةِ إلَخْ) .
حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي سَأَلَهُ فِي حَطِّ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَحَلَفَ الْبَائِعُ لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا فَتَقَايَلَا فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا حِينَ الْإِقَالَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ فَأَكْثَرَ تَحْقِيقًا فَلَا حِنْثَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصَتْهُ الْقِيمَةُ، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ، وَإِلَّا