للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْنَثُ (وَإِنْ قَالَ) الْبَائِعُ (حِينَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت) أَنْ لَا أَبِيعَ لِزَيْدٍ وَخَافَ أَنْ تَكُونَ وَكِيلَهُ (فَقَالَ هُوَ) أَيْ الْبَيْعُ (لِي) لَا لَهُ (ثُمَّ صَحَّ) أَيْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ (أَنَّهُ ابْتَاعَ) أَوْ بَاعَ (لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ، وَلَوْ حَذَفَ ابْتَاعَ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَشْمَلَ (حَنِثَ، وَلَزِمَ الْبَيْعُ) لِلْحَالِفِ مَعَ الْحِنْثِ مَا لَمْ يَقُلْ الْحَالِفُ إنْ كُنْت تَشْتَرِي لَهُ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك لَمْ يَحْنَثْ، وَلَمْ يَلْزَمْ الْبَيْعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(، وَأَجْزَأَ) الْحَالِفَ فَلَا يَحْنَثُ (تَأْخِيرُ الْوَارِثِ) أَيْ وَارِثِ الْمَحْلُوفِ لَهُ إنْ كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا (فِي) حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك إلَى أَجَلِ كَذَا (إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي) فَمَاتَ رَبُّ الْحَقِّ الْمَحْلُوفِ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يُورَثُ

(لَا) إذْنُهُ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى (دُخُولِ دَارٍ) لَا أَدْخُلُهَا إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ رَبِّهَا فَمَاتَ زَيْدٌ فَأَذِنَ وَارِثُهُ فِي الدُّخُولِ فَلَا يَكْفِي إذْ الْإِذْنُ لَيْسَ بِحَقٍّ يُورَثُ فَلَوْ كَانَ زَيْدٌ رَبَّهَا كَفَى إذْنُ وَارِثِهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلدُّخُولِ (وَ) أَجْزَأَ (تَأْخِيرُ وَصِيٍّ) فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ إذَا كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ رَشِيدٍ، وَأَخَّرَ وَصِيَّهُ (بِالنَّظَرِ) لِلصَّغِيرِ كَكَوْنِ التَّأْخِيرِ يَسِيرًا أَوْ خَوْفَ جَحْدٍ أَوْ لَدَدٍ أَوْ مُخَاصَمَةٍ فَإِنْ أَخَّرَ لِغَيْرِ نَظَرٍ أَجْزَأَ الْحَالِفُ، وَإِنْ حَرَّمَ عَلَى الْوَصِيِّ فَالتَّقْيِيدُ بِالنَّظَرِ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّأْخِيرِ، وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ (وَلَا دَيْنَ) أَيْ مُحِيطٌ عَلَى الْمَيِّتِ قُيِّدَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ إنَّمَا هُوَ لِلْغَرِيمِ لَا لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ، وَلِذَا قَالَ.

(وَ) أَجْزَأَ (تَأْخِيرُ غَرِيمٍ) لِلْمَحْلُوفِ لَهُ (إنْ أَحَاطَ) الدَّيْنُ بِمَالِهِ (وَأَبْرَأَ) الْغَرِيمُ ذِمَّةَ الْمَدِينِ الْمَحْلُوفِ لَهُ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخَّرَ بِهِ الْحَالِفُ حَتَّى يَكُونَ كَالْقَابِضِ مِنْ الْمَدِينِ الْحَالِفِ فَإِنْ لَمْ يُحِطْ فَلَا يُجْزِي تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ، وَلَوْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَانَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ قَرِيبًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ صَدِيقًا مُلَاطِفًا لَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ لَيْسَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَلَا يَحْنَثَ، وَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْحِنْثُ عَلَى عِلْمِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ قَوْلَانِ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ ذِكْرِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمُوَافَقَتِهَا لَهَا فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا.

(قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ) أَيْ، وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْنَثُ، وَإِنْ قَالَ إلَخْ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْحِنْثِ.

(قَوْلُهُ: بِالْبَيِّنَةِ) احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَشْتَرِي لِنَفْسِي ثُمَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَالَ اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ الْحَالِفُ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ غَيْرَ مُصَدَّقٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ كَذَا فِي خش وعبق نَقْلًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التُونُسِيِّ، وَمِثْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ إذَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِطَلَاقٍ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ حَمَّامًا مَثَلًا فَقَالَتْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلْتُهُ فَلَا تُصَدَّقُ، وَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَالتُّونُسِيِّ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ وَيَحْنَثُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَيْ فِي حَالِ الْبَيْعِ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك كَانَ الْبَيْعُ مَاضِيًا وَالشَّرْطُ بَاطِلًا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْأَجَلِ) أَيْ، وَأَخَّرَهُ الْوَارِثُ أَجَلًا ثَانِيًا فَلَا يَحْنَثُ بِفَرَاغِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَلَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ الْوَارِثُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفَرَاغِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَارِثٍ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك إلَى أَجَلِ كَذَا، وَمَاتَ رَبُّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَقَضَى الْحَالِفُ وَرَثَتَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إجْزَاءِ تَأْخِيرِ الْوَارِثِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا، وَكَانَ الْمَيِّتُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِلَّا كَانَ تَأْخِيرُهُ غَيْرَ مُجْزٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ حَقٌّ يُورَثُ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَبْضَهُ كَمَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا إذْنُهُ) أَيْ لَا يُجْزِئُ إذْنُ الْوَارِثِ فِي دُخُولِ دَارٍ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ رَبِّهَا فَمَاتَ زَيْدٌ فَأَذِنَ لَهُ وَارِثُهُ فِي الدُّخُولِ فَإِذَا دَخَلَهَا مُسْتَنِدًا لِإِذْنِ الْوَارِثِ حَنِثَ إلَّا لِبِسَاطٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمْتِعَةُ زَيْدٍ فِي الدَّارِ فَحَلَفَ لِذَلِكَ فَكَفَى إذْنُ وَارِثِهِ الَّذِي وَرِثَ الْأَمْتِعَةَ (قَوْلُهُ: كَفَى إذْنُ وَارِثِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَرِثَهَا صَارَ الْإِذْنُ حَقًّا يُورَثُ فَيَكْفِي إذْنُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِلدُّخُولِ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ سَائِرُ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا تُورَثُ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ تَأْخِيرُ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَوَرَثَتُهُ صِغَارٌ فَأَخَّرَهُ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ الْحَالِفَ، وَلَا يَحْنَثُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِتَأْخِيرِ الْغُرَمَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ تَأْخِيرُ الْوَصِيِّ لِنَظَرٍ كَخَوْفِ لَدَدٍ أَوْ خِصَامٍ أَوْ كَانَ لِغَيْرِ نَظَرٍ غَايَتُهُ أَنَّ تَأْخِيرَ الْوَصِيِّ إنْ كَانَ لِغَيْرِ نَظَرٍ كَانَ مُوجِبًا لِإِثْمِهِ فَقَطْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ حَالًا فَتَقْيِيدُ الْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرَ الْوَصِيِّ بِالنَّظَرِ لِأَجَلِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّأْخِيرِ لَا لِإِجْزَائِهِ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفِ قَوْلَهُ: بِالنَّظَرِ، لَوَافَقَ النَّقْلَ (قَوْلُهُ: أَيْ مُحِيطٌ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الدَّيْنِ أَصْلًا بَلْ نَفْيُ الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحِيطٍ فَالْكَلَامُ لِلْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُحِيطًا فَالْكَلَامُ لِلْغُرَمَاءِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ غَرِيمٍ إلَخْ) صُورَتُهُ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَأَخَّرَهُ بِذَلِكَ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِي إنْ أَبْرَءُوا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخَّرُوا بِهِ الْحَالِفَ، وَمَحَلُّ إجْزَاءِ تَأْخِيرِ الْغَرِيمِ إذَا وَقَعَ التَّأْخِيرُ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ أَخَّرَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ وَجَبَ التَّعْجِيلُ لِمَنْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ، وَكَذَا الْوَرَثَةُ، وَمَنْ غَابَ فَالْحَاكِمُ يَقُومُ مَقَامَهُ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَكُونَ كَالْقَابِضِ مِنْ الْمَدِينِ الْحَالِفِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>