للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَرَجَعَ) وُجُوبًا لِمَكَّةَ مِنْ بَعْضِ الْمَشْيِ فَيَمْشِي الْأَمَاكِنَ الَّتِي رَكِبَهَا (وَأَهْدَى) لِتَبْعِيضِ الْمَشْيِ، وَأَخَّرَ هَدْيَهُ لِعَامِ رُجُوعِهِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْجَابِرِ النُّسُكِيِّ وَالْمَالِيِّ فَإِنْ قَدَّمَهُ فِي عَامِ مَشْيِهِ الْأَوَّلِ أَجْزَأَهُ (إنْ رَكِبَ كَثِيرًا) فِي نَفْسِهِ لَا قَلِيلًا فَيُهْدِي فَقَطْ (بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِكَثِيرًا أَيْ أَنَّ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ بِاعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً وَمِسَاحَةً.

(أَوْ) رَكِبَ (الْمَنَاسِكَ) ، وَهِيَ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى رُجُوعِهِ لِمِنًى (وَالْإِفَاضَةَ) أَيْ الرُّجُوعَ مِنْ مِنًى لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ، وَكَذَا الْمَنَاسِكُ فَقَطْ فَيَرْجِعُ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً فِي نَفْسِهَا إلَّا أَنَّهَا كَثِيرَةٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالذَّاتِ، وَأَمَّا رُكُوبُ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي كَالْإِفَاضَةِ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ (نَحْوُ الْمِصْرِيِّ) فَاعِلُ رَجَعَ بَلْ تُنَازِعُهُ رَجَعَ، وَأَهْدَى وَرَكِبَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَوَسَّطَتْ دَارُهُ وَأَوْلَى مَنْ قَرُبَتْ كَالْمَدَنِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْبَعِيدِ جِدًّا كَالْإِفْرِيقِيِّ فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ (قَابِلًا) ظَرْفُ رَجَعَ أَيْ زَمَنًا قَابِلًا (فَيَمْشِي مَا رَكِبَ) إنْ عَلِمَهُ، وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعَ (فِي مِثْلِ الْمُعَيَّنِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجَعَ أَيْ يَرْجِعُ مُحْرِمًا بِمَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا، وَعَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ أَوْ يَمِينِهِ بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَرْجِعُ بِعُمْرَةٍ إنْ كَانَ عَيَّنَ أَوَّلًا حَجًّا، وَلَا عَكْسِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ حِينَ نَذْرِهِ أَوْ حَلِفِهِ بَلْ نَذَرَ الْمَشْيَ مُبْهَمًا وَصَرَفَهُ فِي أَحَدِهِمَا (فَلَهُ) فِي عَامِ رُجُوعِهِ (الْمُخَالَفَةُ) لِمَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا، وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ (إنْ) (ظَنَّ) النَّاذِرُ أَوْ الْحَالِفُ (أَوَّلًا) أَيْ حِينَ خُرُوجِهِ (الْقُدْرَةَ) عَلَى مَشْيِ جَمِيعِ الْمَسَافَةِ، وَلَوْ فِي عَامَيْنِ فَخَالَفَ ظَنَّهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْإِفَاضَةِ أَوْ لِلْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ وُجُوبًا) ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ عَلَى الْفَوْرِ، وَقَوْلُهُ مِنْ بَعْضِ الْمَشْيِ أَيْ بِأَنْ مَشَى بَعْضَ الطَّرِيقِ وَرَكِبَ بَعْضَهَا، وَكَانَ مَا رَكِبَهُ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَيَمْشِي الْأَمَاكِنَ الَّتِي رَكِبَهَا) أَيْ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَتْ جُلَّ الطَّرِيقِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَمْشِي جَمِيعَ الطَّرِيقِ إنْ كَانَ رَكِبَ الْجُلَّ أَوْ لَا، وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَلَوْ رَكِبَ كَثِيرًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْشِيَ عِدَّةَ أَيَّامِ رُكُوبِهِ إذْ قَدْ يَرْكَبُ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِرُجُوعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَشْيِهِ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ، وَهَذَا إذَا عَلِمَ أَمَاكِنَ الرُّكُوبِ، وَإِلَّا مَشَى الطَّرِيقَ كُلَّهَا عَامَ رُجُوعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ هَدْيَهُ) أَيْ نَدْبًا، وَقَوْلُهُ بَعْدُ: أَجْزَأَهُ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: الْجَابِرِ النُّسُكِيِّ) أَيْ، وَهُوَ رُجُوعُهُ لِلْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ، وَهُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ: إنْ رَكِبَ كَثِيرًا) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَنَاسِكِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُخْتَارًا فِي رُكُوبِهِ أَوْ مُضْطَرًّا (قَوْلُهُ: فِي نَفْسِهِ) أَيْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَثِيرًا أَكْثَرَ الْمَسَافَةِ فَقَطْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ النِّصْفَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُهْدِي فَقَطْ) أَيْ، وَلَا يَمْشِي مَا رَكِبَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ) يَعْنِي فِي النَّفْسِ مَنْظُورٌ فِيهَا لِاعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً (قَوْلُهُ: وَمِسَاحَةً) أَيْ أَوْ مِسَاحَةً فَقَطْ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ الطُّرُقُ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ فِيهِمَا مَعَ الْمِسَاحَةِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا صَعْبَةً أَوْ سَهْلَةً اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ فِي الْمِسَاحَةِ فَقَطْ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ كَثْرَةَ الرُّكُوبِ فِي نَفْسِهِ مَنْظُورٌ فِيهَا لِصُعُوبَةِ الْمَسَافَةِ وَقِلَّتِهَا فَقَدْ يَكُونُ الرُّكُوبُ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ بِالنَّظَرِ لِمَسَافَةٍ وَقَلِيلًا بِالنَّظَرِ لِمَسَافَةٍ أُخْرَى كَالرُّكُوبِ لِلْعَقَبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِصْرِيِّ وَالْإِفْرِيقِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْمَنَاسِكَ وَالْإِفَاضَةَ) هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بِوُصُولِهِ لِمَكَّةَ بَرَّ وَإِلَيْهَا كَانَتْ الْيَمِينُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إلَى رُجُوعِهِ لِمِنًى) أَيْ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ لَا بِمَعْنَى أَوْ لِئَلَّا يُنَافِيَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَنَاسِكُ) أَيْ وَكَذَا إذَا رَكِبَ الْمَنَاسِكَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ) أَيْ وُجُوبًا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لِيَمْشِيَ مَا رَكِبَهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَنَاسِكِ مَعَ الْإِفَاضَةِ أَوْ الْمَنَاسِكِ فَقَطْ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْمَشْيِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ، وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ هُنَا اسْتِحْبَابًا، وَأَمَّا إذَا مَكَثَ فِي مَكَّةَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ فَحَجَّ، وَمَشَى الْمَنَاسِكَ الَّتِي رَكِبَهَا أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ) أَيْ إذَا ذَهَبَ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ) أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ رَكِبَ الْمَنَاسِكَ مَعَ الْإِفَاضَةِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا رَكِبَ الْمَنَاسِكَ فَقَطْ فَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ إذَا ذَهَبَ لِبَلَدِهِ، وَإِنْ رَكِبَ الْإِفَاضَةَ فَقَطْ فَلَا رُجُوعَ أَصْلًا (قَوْلُهُ: نَحْوَ الْمِصْرِيِّ) أَيْ، وَكَذَا الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَأَوْلَى الْقَرِيبُ مِنْ مِصْرَ، وَأَمَّا الْقَرِيبُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ فَيُعْطَى حُكْمَهَا أَفَادَهُ عج.

(قَوْلُهُ: تَوَسَّطَتْ دَارُهُ) أَيْ كَانَتْ دَارُهُ بَعِيدَةً مِنْ مَكَّةَ بُعْدًا مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ) أَيْ، وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فَنَاذِرُ الْمَشْيِ أَحْوَالُهُ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ تَكُونَ بَلَدُهُ قَرِيبَةً مِنْ مَكَّةَ كَالْمَدَنِيِّ أَوْ بَعِيدَةً عَنْهَا بُعْدًا مُتَوَسِّطًا كَالْمِصْرِيِّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً جِدًّا كَالْأَفْرِيقِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ زَمَنًا قَابِلًا) وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَعَيَّنَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَيَّنَّهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ) أَيْ مَحَلُّ رُجُوعِ مَنْ رَكِبَ كَثِيرًا لِيَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ أَوَّلًا أَيْ حِينَ خُرُوجِهِ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى الْقُدْرَةُ أَيْ أَوْ جَزَمَ بِهَا، وَقَوْلُهُ: فَخَالَفَ ظَنَّهُ أَيْ أَوْ جَزَمَهُ وَتَبَيَّنَ عَجْزُهُ فَرَكِبَ كَثِيرًا، وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ تُضْرَبَانِ فِي حَالَاتِ النَّذْرِ أَوْ الْيَمِينِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ حِينَ النَّذْرِ أَوْ الْيَمِينِ مُعْتَقِدًا الْقُدْرَةَ عَلَى مَشْيِ جَمِيعِ الْمَسَافَةِ أَوْ ظَانًّا الْقُدْرَةَ أَوْ شَاكًّا فِيهَا أَوْ مُتَوَهِّمًا لَهَا أَوْ جَازِمًا بِعَدَمِهَا فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَحْوَالٍ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الرُّجُوعُ لِيَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَالْهَدْيُ

<<  <  ج: ص:  >  >>