للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إلَّا لِتَأَوُّلٍ) بِأَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَالْأَوْزَاعِيِّ إنَّ الْحَرْبِيَّ يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ فَيَمْضِي الْقَسْمُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْضِ إذَا لَمْ يَتَأَوَّلْ بِأَنْ قَسَّمَهُ مُتَعَمِّدًا لِلْبَاطِلِ أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ جَهْلًا أَوْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ يَجِبُ نَقْضُهُ إجْمَاعًا، وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ عَالِمٍ (لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) رَبُّهُ بِعَيْنِهِ، وَلَا نَاحِيَتِهِ كَمِصْرِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ فِي الْجُمْلَةِ كَمُصْحَفٍ، وَكُتُبِ حَدِيثٍ كَالْبُخَارِيِّ فَلَا يُحْمَلُ بَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْمُجَاهِدِينَ وَلَا يُوقَفُ وَالنَّصُّ أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ ابْتِدَاءً فَإِخْرَاجُهُ مِنْ أَخْذِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْ لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ غَيْرُ مُخَلِّصٍ، وَالْمُخَلِّصُ إخْرَاجُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ فَتَأَمَّلْ (بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ) تُوجَدُ عِنْدَهُمْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُقْسَمُ بَلْ تُوقَفُ اتِّفَاقًا ثُمَّ إنْ عُرِفَ رَبُّهَا حُمِلَتْ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا.

(وَبِيعَتْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَ) خِدْمَةُ (مُدَبَّرٍ) وُجِدَا فِي الْغَنِيمَةِ، وَعُرِفَ أَنَّهُمَا لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُمَا خَيْرًا لَهُ ثُمَّ إنْ جَاءَ السَّيِّدُ فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا بِالثَّمَنِ وَلَهُ تَرْكُهُمَا فَيَصِيرُ حَقُّ مُشْتَرِيهَا فِي الْخِدْمَةِ، وَيَخْرُجُ عِنْدَ الْأَجَلِ حُرًّا، وَاسْتُشْكِلَ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ بِأَنَّ غَايَتَهَا مَوْتُ السَّيِّدِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى بَيْعِهَا أَنَّهُ يُؤَاجَرُ إلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ تُظَنُّ حَيَاةُ السَّيِّدِ إلَيْهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَعَبْدٌ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا ثُمَّ مَا زَادَ مِنْ الْخِدْمَةِ عَنْ ذَلِكَ يَكُونُ كَاللُّقَطَةِ فَيُوضَعُ خَرَاجُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى. فَإِنْ جَهِلَ السَّيِّدُ فَالْخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي، فَلْيُتَأَمَّلْ.

(وَ) بِيعَتْ (كِتَابَةٌ) لِمُكَاتَبٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَإِذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ عَلَى الْجَيْشِ الشَّيْءَ الَّذِي عُلِمَ مَالِكُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْقَسْمِ كَمَا فَرَضَ ابْنُ بَشِيرٍ أَوْ غَائِبًا كَمَا فَرَضَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِتَأَوُّلٍ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ الَّذِي قَسَّمَ الْغَنِيمَةَ (قَوْلُهُ: كَالْأَوْزَاعِيِّ) مَا قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ مِثْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ. اهـ.

بْن (قَوْلُهُ: أَوْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ) أَيْ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُخَلِّصٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْجَوَازَ ابْتِدَاءً لِصِدْقِهِ بِالْوَقْفِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ جَوَازُ قَسْمِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَالْمُخَلِّصُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ جَعَلَ مَخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ، وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ إلَخْ يَكُونُ الْمَعْنَى، وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَا يَأْخُذُهُ وَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْجَيْشِ أَوْ يُوقَفُ يُحْتَمَلُ، وَإِنْ جَعَلَ مَخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ كَانَ الْمَعْنَى لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَإِنَّهُ يَمْضِي قَسْمُهُ وَهَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً قَسْمُهُ أَوْ لَا يَجُوزُ يُحْتَمَلُ فَالْجَوَازُ ابْتِدَاءً غَيْرُ مَعْلُومٍ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ يُجْعَلَ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا إذْ مَعْنَاهُ وَحُمِلَ مَا كَانَ خَيْرًا لِرَبِّهِ إنْ تَعَيَّنَ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ رَبُّهُ فَلَا يُحْمَلُ لَهُ بَلْ يُقْسَمُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ رَبُّهُ فَلَا يُحْمَلُ لَهُ صَادِقٌ بِأَنْ يُقْسَمَ أَوْ يُوقَفَ فَهُوَ مِثْلُ إخْرَاجِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ. (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ إخْرَاجَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ مُمَاثِلٌ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ فِي احْتِمَالِهِ لِلْقَسْمِ وَالْوَقْفِ فَلَمْ يَتِمَّ الْجَوَابُ، وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِبَهْرَامَ وَالْجَوَابُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: تُوجَدُ عِنْدَهُمْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا لُقَطَةٌ قَالَ طفى هَذَا التَّقْرِيرُ لِبَهْرَامَ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ لِأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ لَهُمْ سَوَاءٌ أَخَذُوهُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا فَإِنَّهَا تُوقَفُ فَالْمُرَادُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ اللُّقَطَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فِيهِمَا، وَقَالُوا هُنَا أَيْ إذَا وُجِدَ مَالٌ لِمُسْلِمٍ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بِالْقَسْمِ، وَعَدَمُ الْإِيقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْإِيقَافِ فِي اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ عَلَى الْجُمْلَةِ فَهَلْ يُقْسَمُ أَوْ يُوقَفُ لِصَاحِبِهِ كَاللُّقَطَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى مِلْكِ الْغَانِمِينَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ طفى. اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُمَا) أَيْ أَوْ لِمُعَيَّنٍ حَمْلُهُمَا خَيْرًا لَهُ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ الثَّمَنُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ جَاءَ السَّيِّدُ فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا إلَخْ) هَذَا صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ بَيْعُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ خَيْرًا فَغَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ لَازِمٌ لِلسَّيِّدِ نَقْضُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا) أَيْ مِمَّنْ اشْتَرَى خِدْمَتَهُمَا بِثَمَنِ الْخِدْمَةِ وَقَوْلُهُ: فِي الْخِدْمَةِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَالْمُرَادُ فَيَصِيرُ حَقُّ مُشْتَرِي الْخِدْمَةِ فِيهَا فَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ مُشْتَرِيهِ لَلْأَجَلِ خَرَجَ حُرًّا وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا الْخِدْمَةُ لِلْأَجَلِ وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا الْمُشْتَرِي وَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ بَعْدَ نِصْفِ خِدْمَتِهِ مَثَلًا خُيِّرَ فِي فِدَائِهِ عَمَّا بَقِيَ يُبْقِيهِ الثَّمَنُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا زَادَ مِنْ الْخِدْمَةِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي يَكُونُ كَاللُّقَطَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إذَا عَاشَ الْمُدَبَّرُ وَسَيِّدُهُ بَعْدَهَا تَكُونُ الْخِدْمَةُ الزَّائِدَةُ عَلَيْهَا كَاللُّقَطَةِ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِافْتِرَاقِ الْجَيْشِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَعْيَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ السَّيِّدُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ظَنُّ الزَّمَانِ الَّذِي يَعِيشُ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فَالْخَمْسَةَ عَشَرَ أَيْ فَلْيُؤَجَّرْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>