للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِحْدَاثُ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ شَرَطَ أَوْ لَا (كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ فَلَا، فَيُمْنَعُ مِنْ الرَّمِّ مُطْلَقًا شَرَطَ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَمَّا الْبَلَدُ الَّتِي اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ كَالْقَاهِرَةِ فَلَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ كَمَا يَأْتِي لَكِنَّ مُلُوكَ مِصْرَ لِضَعْفِ إيمَانِهِمْ وَحُبِّهِمْ الْفَانِي مَكَّنُوهُمْ مِنْ ذَلِكَ (وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ) شَرَطَ أَوْ لَا لَكِنْ فِي بَلَدٍ لَمْ يَخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ (وَ) لِلصُّلْحِيِّ (بَيْعُ عَرْصَتِهَا) أَيْ عَرْصَةِ كَنِيسَتِهِ (أَوْ) بَيْعِ (حَائِطٍ) لَهَا، وَأَمَّا الْعَنْوِيُّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَقْفٌ بِالْفَتْحِ (لَا) يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الْعَنْوِيِّ وَالصُّلْحِيِّ إحْدَاثٌ (بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) ، وَلَوْ اخْتَطَّهَا مَعَهُ الْكَافِرُ عَنَوِيًّا أَوْ صُلْحِيًّا (إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ) مِنْ الْإِحْدَاثِ فَلَا يُمْنَعُ ارْتِكَابًا لِأَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ.

(وَمُنِعَ) الذِّمِّيُّ عَنَوِيًّا أَوْ صُلْحِيًّا (رُكُوبَ الْخَيْلِ) نَفِيسَةً أَمْ لَا (وَالْبِغَالِ) النَّفِيسَةِ (وَالسُّرُوجِ) وَالْبَرَاذِعِ النَّفِيسَةِ وَلَوْ عَلَى الْحَمِيرِ وَإِنَّمَا يَرْكَبُونَ عَلَى الْحَمِيرِ فَقَطْ أَوْ الْإِبِلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي رُكُوبِهَا عِزٌّ كَالْخَيْلِ كَمَا هُوَ فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ وَيَجْعَلُ رِجْلَيْهِ فِي جَانِبِ الدَّابَّةِ (وَ) مُنِعَ (جَادَّةَ الطَّرِيقِ) أَيْ وَسَطَهَا بَلْ عَلَى جَانِبِهَا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ (وَأُلْزِمَ بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ يُؤْذِنُ بِذُلِّهِ كَعِمَامَةٍ زَرْقَاءِ وَبُرْنِيطَةٍ وَطُرْطُورٍ (وَعُزِّرَ لِتَرْكِ الزُّنَّارِ) بِضَمِّ الزَّايِ خُيُوطٌ مُتَلَوِّنَةٌ بِأَلْوَانٍ شَتَّى يَشُدُّ بِهَا وَسَطَهُ عَلَامَةً عَلَى ذُلِّهِ.

(وَ) عُزِّرَ عَلَى (ظُهُورِ) أَيْ إظْهَارِ (السُّكْرِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (وَ) عَلَى إظْهَارِ (مُعْتَقَدِهِ) فِي الْمَسِيحِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَ) عَلَى (بَسْطِ لِسَانِهِ) عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بِحَضْرَتِهِ (وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ) إنْ أَظْهَرَهَا (وَكُسِرَ النَّاقُوسُ) إنْ أَظْهَرُوهُ.

(وَيُنْتَقَضُ) عَهْدُهُ (بِقِتَالٍ) عَامٍّ لِلْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي خُرُوجَهُ عَنْ الذِّمَّةِ لَا مَا كَانَ فِيهِ ذَبٌّ عَنْ نَفْسِهِ (وَمَنْعِ جِزْيَةٍ وَتَمَرُّدٍ عَلَى الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ بِأَنْ يُظْهِرَ عَدَمَ الْمُبَالَاةِ (وَبِغَصْبِ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ) عَلَى الزِّنَا وَزَنَى بِهَا بِالْفِعْلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ شُهُودٍ أَرْبَعَةٍ عَلَى زِنَاهُ يَرَوْنَ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَبْلَ الْفَتْحِ فَإِنَّهَا تَبْقَى، وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ أَكَلَ الْبَحْرُ كَنِيسَتَهُمْ فَهَلْ لَهُمْ أَنْ يَنْقُلُوهَا أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ كَوْنِهِمْ شَرَطُوا ذَلِكَ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيَّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ: ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ ح وَالْمَوَّاقَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ الرُّمِّ مُطْلَقًا) فِي بْن مَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ تَرْمِيمِ الْمُنْهَدِمِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ غَيْرَ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِ أَبِي الْحَسَنِ فِي الْعَنْوِيِّ بِجَوَازِ رَمِّ الْمُنْهَدِمِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا شَرَطَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ لَيْسَ لَهُمْ شَرْطُ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا الْكَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ؛ لِأَنَّهَا فَيْءٌ، وَلَا تُورَثُ عَنْهُمْ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ مَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَرُمُّوا مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ التَّرْمِيمُ لِلصُّلْحِيِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُمْنَعُونَ مِنْ التَّرْمِيمِ إلَّا بِشَرْطٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ لِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثَ وَرَمَّ الْمُنْهَدِمِ مُطْلَقًا شَرَطَ ذَلِكَ أَمْ لَا عَلَى قَوْلِهِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ قَدَّمَ قَوْلَهُ كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ، وَأَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ. اُنْظُرْ طفى وَالْمَوَّاقَ.

(قَوْلُهُ: شَرَطَ) أَيْ التَّرْمِيمَ أَيْ اسْتَأْذَنَ الْإِمَامَ فِي ذَلِكَ، وَإِذْنُهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي بَلَدٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَلَدُ اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ فَفِي جَوَازِ إحْدَاثِهَا وَعَدَمِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشَونِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَنْوِيَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ سَوَاءٌ كَانَ أَهْلُهَا كُفَّارًا أَوْ سَكَنَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ فِيهَا إلَّا بِشَرْطٍ، وَأَمَّا رَمُّ الْمُنْهَدِمِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا الصُّلْحِيُّ فَيُمَكَّنُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي بَلَدٍ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ فِيهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مَعَهُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَكَذَا يُمَكَّنُونَ مِنْ رَمِّ الْمُنْهَدِمِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَطَّهَا) أَيْ أَنْشَأَهَا مَعَ الْمُسْلِمِ الْكَافِرُ عَنَوِيًّا أَوْ صُلْحِيًّا، وَهَذَا مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَأَمَّا عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا اخْتَطَّهَا فَيَجُوزُ لَهُ الْإِحْدَاثُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مُسْلِمٌ، هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفَ الْمُبَالَغَةِ وَيَقُولُ: فِي حِلِّ الْمَتْنِ لَا يَجُوزُ لِلْكُفَّارِ الْإِحْدَاثُ بِبَلَدٍ انْفَرَدَ الْمُسْلِمُونَ بِاخْتِطَاطِهَا ثُمَّ انْتَقَلَ الْكُفَّارُ إلَيْهَا وَسَكَنُوا فِيهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ

(قَوْلُهُ: وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تُكْسَرُ أَوَانِيهَا، وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهَا تُكْسَرُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَكَذَلِكَ الْمَوَّاقُ، وَكَذَلِكَ صَرَّحَ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِهِ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ بِكَسْرِهَا، وَإِنَّمَا أُرِيقَتْ الْخَمْرُ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَشْتَهِيهَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَهُ إرَاقَتُهَا، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَاكِمِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ أَظْهَرَهَا أَيْ أَوْ حَمَلَهَا مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَإِنْ لَمْ يُظْهِرْهَا، وَأَرَاقَهَا مُسْلِمٌ ضَمِنَ لَهُ قِيمَتَهَا لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرُوهُ) أَيْ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ كَسَرَهُ، وَكَذَلِكَ الصَّلِيبُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ.

(قَوْلُهُ: وَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُ) أَيْ أَمَانُهُ، وَقَوْلُهُ: بِقِتَالِ عَامٍّ أَيْ غَيْرِ مُخْتَصٍّ بِوَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَمَنْعِ جِزْيَةٍ) يُقَيَّدُ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ بِمَنْعِهَا تَمَرُّدًا أَوْ نَبْذًا لِلْعَهْدِ لَا مُجَرَّدَ بُخْلٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَبِغَصْبِ حُرَّةٍ) ، وَأَمَّا زِنَاهُ بِهَا طَائِعَةً فَإِنَّمَا يُوجِبُ تَعْزِيرَهُ وَحُدَّتْ هِيَ، وَكَذَا لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ بِحُرَّةٍ كَافِرَةٍ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>