(بِأَبْعَدَ مَعَ) وُجُودِ (أَقْرَبَ) كَعَمٍّ مَعَ أَخٍ وَأَبٍ مَعَ ابْنٍ وَكَغَيْرِ شَقِيقٍ مَعَ شَقِيقٍ (إنْ لَمْ يُجْبِرْ) الْأَقْرَبُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ أَجَازَ مُجْبَرٌ إلَخْ (وَلَمْ يَجُزْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهُ وَشُبِّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ قَوْلُهُ: (كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ) كَكُلِّ وَلِيَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ غَيْرِ مُجْبِرَيْنِ كَعَمَّيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ دُونَ عَدَمِ الْجَوَازِ، إذْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَرْضِيِّ، وَأَمَّا الْمُجْبِرَانِ كَوَصِيَّيْنِ وَشَرِيكَيْنِ فِي أَمَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ، وَإِنْ أَجَازَ الْآخَرَ.
وَلَمَّا كَانَتْ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا وَرِضَاهَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِضَاءُ الْبِكْرِ) بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ (صَمْتٌ) يَعْنِي صَمْتُهَا رِضًا وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا (كَتَفْوِيضِهَا) لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي صَمْتُهَا بِأَنْ قِيلَ لَهَا هَلْ تُفَوِّضِينَ لَهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ نَشْهَدُ عَلَيْك أَنَّك قَدْ فَوَّضْتِ الْعَقْدَ لَهُ؟ فَسَكَتَتْ (وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ) أَيْ بِأَنَّ صَمْتَهَا رِضًا مِنْهَا (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا) بَعْدَ الْعَقْدِ (دَعْوَى جَهْلِهِ) أَيْ جَهْلِهَا أَنَّ صَمْتَهَا رِضًا (فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ شَأْنُهَا الْجَهْلَ وَالْبَلَادَةَ (وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ) لِعَدَمِ رِضَاهَا (لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ) فَتُزَوَّجُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ بُكَاهَا عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَنْعٌ لَمْ تُزَوَّجْ (وَالثَّيِّبُ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ (تُعْرِبُ) أَيْ تُبَيِّنُ بِاللَّفْظِ عَمَّا فِي نَفْسِهَا وَلَمَّا كَانَ يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ سَبْعَةُ أَبْكَارٍ أَشَارَ لَهُنَّ بِالتَّشْبِيهِ بِهَا بِقَوْلِهِ.
(كَبِكْرٍ) بَالِغٍ (رُشِّدَتْ) مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ، وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْوُجُوبَ غَيْرُ شَرْطِيٍّ.
(قَوْلُهُ: بِأَبْعَدَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْأَبْعَدُ هُوَ الْحَاكِمَ كَمَا قَالَهُ ح فَإِذَا لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِحُضُورِ أَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهَا وَزَوَّجَهَا الْحَاكِمُ كَانَتْ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ إلَّا بِوَكَالَةِ وَاحِدٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْحَاكِمِ جَرَى فِيهِ قَوْلُهُ: سَابِقًا وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْعَدِ الْمُؤَخَّرُ عَنْ الْآخَرِ فِي الْمَرْتَبَةِ وَبِالْأَقْرَبِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ، وَلَوْ كَانَتْ جِهَتُهُمَا مُتَّحِدَةً فَيَشْمَلُ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَقْرَبَ وَالْأَبْعَدَ فِي الْجِهَةِ وَإِلَّا لَأَوْهَمَ أَنَّ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً لِاتِّحَادِ جِهَتِهِمَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ عَدَمُ الْجَوَازِ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إلَخْ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ إلَخْ اهـ بْن وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِيهَا هُوَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْجَوَازُ ابْتِدَاءً، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ حُكِمَ بِالْجَوَازِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ بَلْ كَانَ الْقِيَاسُ الْعَكْسُ.
(قَوْلُهُ: فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِعَدَمِ شُمُولِ مَا قَبْلَهَا لِمَا بَعْدَهَا خِلَافًا لعبق حَيْثُ جَوَّزَ جَعْلَهَا لِلتَّمْثِيلِ فَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: كَأَحَدِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إذَا تَوَلَّاهُ أَحَدُ الْمُعْتِقِينَ
(قَوْلُهُ: بَيَّنَهُ) أَيْ بَيَّنَ أَنَّ رِضَاهَا يَكُونُ بِأَيِّ شَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي صَمْتَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَلْبًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ عَنْ الصَّمْتِ بِكَوْنِهِ رِضًا لَا الْإِخْبَارُ عَنْ الرِّضَا بِالصَّمْتِ.
(قَوْلُهُ: رِضًا) أَيْ بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ إلَخْ) يَعْنِي إذَا قِيلَ لَهَا: فُلَانٌ يُرِيدُ تَزَوُّجَك وَجَعَلَ لَك مِنْ الصَّدَاقِ كَذَلِكَ فَسَكَتَتْ فَقِيلَ لَهَا: هَلْ تُفَوِّضِينَ لِفُلَانٍ فِي الْعَقْدِ فَسَكَتَتْ فَعَقَدَ لَهَا فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالصَّدَاقِ الَّذِي سُمِّيَ لَهَا فَبَعْدَ الْعَقْدِ ادَّعَتْ أَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ الزَّوْجِ أَوْ الصَّدَاقِ أَوْ الْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهَا، وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَجْهَلُ أَنَّ الصَّمْتَ رِضًا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا وَتَمَّ النِّكَاحُ وَهَذَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَتَأْوِيلُ الْأَقَلِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَاهَا أَنَّهَا تَجْهَلُ أَنَّ الصَّمْتَ رِضًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ إعْلَامِهَا بِهِ، وَقَالَ حَمْدِيسٌ: إنْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ قُبِلَ دَعْوَاهَا الْجَهْلَ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ.
(قَوْلُهُ: كَتَفْوِيضِهَا لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ) فَيَكْفِي صَمْتُهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ حَاضِرَةً فِيهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا فِي التَّفْوِيضِ لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَائِبَةً فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَكْفِي صَمْتُ الثَّيِّبِ فِي الْإِذْنِ لِلْوَلِيِّ حَضَرَتْ أَوْ غَابَتْ فَهِيَ كَالْبِكْرِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ فَفِي الْبِكْرِ يَكْفِي الصَّمْتُ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النُّطْقِ.
(قَوْلُهُ: دَعْوَى جَهْلِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: لِشُهْرَتِهِ) أَيْ لِشُهْرَةِ أَنَّ صَمْتَهَا رِضًا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَتْ) أَيْ بِالْقَوْلِ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهَا الصَّدَاقُ أَوْ الزَّوْجُ بِأَنْ قَالَتْ: لَا أَتَزَوَّجُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَفَرَتْ أَيْ بِالْفِعْلِ بِأَنْ قَامَتْ أَوْ غَطَّتْ وَجْهَهَا حَتَّى ظَهَرَ كَرَاهَتُهَا وَقَوْلُهُ: لَمْ تُزَوَّجْ لِعَدَمِ رِضَاهَا فَإِنْ زُوِّجَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا أَبَدًا، وَلَوْ بَعْدَ بِنَاءٍ وَطُولٍ، وَلَوْ أَجَازَتْهُ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ اُشْتُرِطَ فِي الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهَا مَنْعٌ وَهَذِهِ قَدْ أَظْهَرَتْهُ.
(قَوْلُهُ: فَتُزَوَّجُ) أَيْ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَى الرِّضَا صَرِيحًا وَلِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ ضِمْنًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ بُكَاهَا عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا وَتَقُولُ فِي نَفْسِهَا: لَوْ كَانَ أَبِي حَيًّا لَمْ أَحْتَجْ لِاسْتِئْذَانٍ.
(قَوْلُهُ: عَمَّا فِي نَفْسِهَا) أَيْ مِنْ الرِّضَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا إذْنُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ، كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا فِي التَّفْوِيضِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا مَا قَالَهُ عبق فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَخْ) صَوَابُهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا؛ لِأَنَّ الرُّشْدَ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ