وَهُوَ الْمُسَمَّى بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَيُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَقِيلَ بِهِ وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُحَدَّانِ وَحَقِيقَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ الَّذِي يُفْسَخُ أَبَدًا أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ مَعَ ذِكْرِ الْأَجَلِ لِلْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يُعْلِمْهَا الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا قَصَدَهُ فِي نَفْسِهِ وَفَهِمَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا الْمُفَارَقَةَ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهِيَ فَائِدَةٌ تَنْفَعُ الْمُتَغَرِّبَ (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك) فَرَضِيَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا وَجَعَلَا ذَلِكَ اللَّفْظَ هُوَ الصِّيغَةُ بِحَيْثُ لَا يَأْتَنِفَانِ غَيْرَهُ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحُ مُتْعَةٍ قُدِّمَ فِيهِ الْأَجَلُ.
وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَمَا يُفْسَخُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ كَانَ الْمَقَامُ مَظِنَّةَ أَسْئِلَةٍ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ هَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا وَهَلْ التَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ أَمْ لَا وَهَلْ فِيهِ الْإِرْثُ أَمْ لَا وَإِذَا فُسِخَ فَهَلْ لِلْمَرْأَةِ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ أَمْ لَا فَأَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْفَسْخُ (طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ) بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ حَيْثُ كَانَ قَوِيًّا بِأَنْ قِيلَ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً كَمَا فِي الشِّغَارِ، إذْ لَا قَائِلَ بِجَوَازِهِ ابْتِدَاءً وَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ فَهُوَ بَائِنٌ لَا رَجْعِيٌّ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَقَوْلُهُ: (كَمُحْرِمٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ (وَشِغَارٍ) أَيْ صَرِيحِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ بِالْبُضْعِ مِثَالَانِ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ.
وَأَجَابَ عَنْ السُّؤَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَالتَّحْرِيمُ) فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ يَقَعُ تَارَةً (بِعَقْدِهِ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مُحْرِمٌ مَثَلًا فَفُسِخَ نِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّهَا دُونَ بِنْتِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَيَضُرُّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُسَمَّى بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ) قَالَ الْمَازِرِيُّ: قَدْ تَقَرَّرَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إلَّا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِجَوَازِهِ فَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ وَقِيلَ: صَدَاقُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْأَجَلِ أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَسْخَ بِلَا طَلَاقٍ نَاظِرٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ الْمَوْجُودَ فِي الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ بِطَلَاقٍ نَاظِرٌ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَوِيٍّ وَالْمُعْتَمَدُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَيَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ وَلَا يَبْلُغُ الْحَاكِمُ بِعِقَابِهِمَا مَبْلَغَ الْحَدِّ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُحَدَّانِ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ اقْتِصَارِ عج وَجَدَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَهْرَامُ صَدَّرَ فِي شَرْحِهِ وَفِي شَامِلِهِ بِالْفَسَادِ إذَا فَهِمَتْ مِنْهُ ذَلِكَ الْأَمْرَ الَّذِي قَصَدَهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِوَلِيِّهَا بِذَلِكَ وَلَمْ تَفْهَمْ الْمَرْأَةُ مَا قَصَدَهُ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ نِكَاحَ مُتْعَةٍ اتِّفَاقًا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَرَضِيَتْ هِيَ) أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ وَلِيُّهَا أَيْ إذَا كَانَتْ مُجْبَرَةً.
(قَوْلُهُ: قُدِّمَ فِيهِ الْأَجَلُ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ.
(قَوْلُهُ: وَجَعَلَا ذَلِكَ اللَّفْظَ هُوَ الصِّيغَةُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا عَلَى سَبِيلِ الْوَعْدِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ
(قَوْلُهُ: وَهَلْ الْفَسْخُ) أَيْ لِكُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ (قَوْلُهُ: بِعَقْدِهِ) أَيْ يَحْصُلُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَوَطِئَهُ وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا أَيْ أَوْ يَحْصُلُ بِوَطْئِهِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَهَلْ فِيهِ الْإِرْثُ) أَيْ وَهَلْ يَحْصُلُ بِهِ أَيْ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْإِرْثُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ طَلَاقٌ) إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ قَائِلَةٍ كُلُّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مُخْتَلَفٍ فِي فَسَادِهِ فَإِنَّ فَسْخَهُ يَكُونُ طَلَاقًا أَيْ أَنَّ الْفَسْخَ نَفْسَهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ أَيْ يَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً سَوَاءٌ لَفَظَ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْفَسْخُ) أَيْ لِلنِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ أَيْ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ لَا فِي جَوَازِهِ، وَعَدَمِ جَوَازِهِ إذْ لَا قَائِلَ بِجَوَازِ نِكَاحِ الشِّغَارِ، وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ بِأَنْ كَانَ مَذْهَبُنَا يَقُولُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَمَذْهَبُ غَيْرِنَا يَقُولُ بِالصِّحَّةِ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً.
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ بِهِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ لَا يُحْتَاجُ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ إلَّا إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ كَمَا فِي ح وَنَصُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي عَقَدَهُ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَأَرَادَ الْوَلِيُّ فَسْخَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِالْفِرَاقِ دُونَهُ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِثْلُهُ مِنْ أَنْ تَفَاسُخَهُمَا يَكْفِي وَمِنْ وَقْتِ الْمُفَاسَخَةِ تَكُونُ الْعِدَّةُ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِيَاجِ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْفَسْخِ إذَا حَصَلَ نِزَاعٌ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ لَمْ يُحْتَجْ لِحُكْمٍ وَيَكْفِي قَوْلُ الزَّوْجِ طَلَّقْتهَا أَوْ فَسَخْت نِكَاحَهَا.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ بَائِنٌ) أَيْ وَحَيْثُ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ فَهُوَ بَائِنٌ، وَأَمَّا إذَا أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَهَلْ يَكُونُ بَائِنًا كَالْحُكْمِ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَائِلًا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَازِمٍ أَنْ يَكُونَ رَجْعِيًّا وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق قَائِلًا وَفَائِدَتُهُ ارْتِدَافُ طَلَاقٍ ثَانٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ) أَيْ فَإِنْ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا وَعَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ أَيْ وَقَبْلَ فَسْخِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ كَطَلَاقِهِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ أَيْ وَلَوْ كَانَ عَقْدُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ التَّفْرِقَةِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَقَوْلُهُ: لَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ أَيْ غَيْرُ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا لَوْ جَدَّدَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ عَلَيْهَا عَقْدًا فَهُوَ صَحِيحٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ إمَّا تَرَاضٍ عَلَى فَسْخِ الْأَوَّلِ أَوْ تَصْحِيحٌ لَهُ وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُ طَلْقَةٌ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ الْأُولَى أَوْ لَا تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ) أَيْ فِيمَنْ تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ وَهِيَ الْأُمُّ