وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ.
(وَرَجَعَ لِأَبٍ) زَوَّجَ وَلَدَهُ وَضَمِنَ لَهُ الصَّدَاقَ (و) لِشَخْصِ (ذِي قَدْرٍ زَوَّجَ غَيْرَهُ) وَضَمِنَ لَهُ الصَّدَاقَ (و) لِأَبٍ (ضَامِنٍ لِابْنَتِهِ) صَدَاقَ مَنْ زَوَّجَهَا لَهُ (النِّصْفَ) فَاعِلُ رَجَعَ فِي الثَّلَاثِ أَيْ نِصْفِ الصَّدَاقِ (بِالطَّلَاقِ) قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ فِيهِ حَقٌّ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ إنَّمَا الْتَزَمَهُ عَلَى كَوْنِهِ صَدَاقًا وَلَمْ يَتِمَّ مُرَادُهُ وَتَأْخُذْ الزَّوْجَةُ النِّصْفَ الثَّانِيَ (وَ) رَجَعَ لَهُمْ (الْجَمِيعُ بِالْفَسَادِ) قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَهَا الْمُسَمَّى (وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْأَبِ وَذِي الْقَدْرِ وَالضَّامِنِ لِابْنَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا اسْتَحَقَّتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ النِّصْفِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ الْكُلِّ بَعْدَهُ (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الدَّافِعُ (بِالْحَمَالَةِ) كَعَلَيَّ حَمَالَةُ صَدَاقِك فَيَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ يَكُونَ) أَيْ الضَّمَانُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ ضَامِنٌ (بَعْدَ الْعَقْدِ) فَيُرْجَعُ عَلَى الزَّوْجِ بِجَمِيعِهِ إذَا دَخَلَ، وَبِمَا اسْتَحَقَّتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ النِّصْفِ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ فَلَا يُرْجَعُ وَمَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ مَا لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ أَوْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَالشَّرْطِ (وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ (الِامْتِنَاعُ) مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ (إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الرَّشِيدَ وَالْأَجْنَبِيَّ وَالْمَرْأَةَ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الصَّدَاقُ كَامِلًا وَلَا يُعَدُّ نُكُولُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ طَلَاقًا بَلْ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ لَا نِكَاحَ وَلَا صَدَاقَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا هِيَ اسْتِظْهَارٌ لَعَلَّهُ أَنْ يُقِرَّ وَقِيلَ: تَطْلُقُ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِابْنِ يُونُسَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ عبق وَالثَّانِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَصَوَّبَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَالثَّالِثُ حَكَاهُ ابْنُ سَعْدُونٍ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا ذَكَرَهَا اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهَا عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّ اللَّخْمِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَ إنْكَارِهِ فَإِنْ قَرُبَ رِضَاهُ مِنْ الْعَقْدِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْإِنْكَارِ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ رَدَدْت ذَلِكَ وَلَا فَسَخْته فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ إنْكَارَهُ الرِّضَا لَا يَقْتَضِي الرَّدَّ وَاسْتُحْسِنَ حَلِفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِإِنْكَارِهِ فَسْخًا فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ رَضِيَ بَعْدَ طُولٍ أَوْ كَأَنْ قَالَ: رَدَدْت الْعَقْدَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ اهـ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: وَرَجَعَ لِأَبٍ وَذِي قَدْرٍ زَوَّجَ غَيْرَهُ وَضَامِنٍ لِابْنَتِهِ النِّصْفَ بِالطَّلَاقِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ يَشْطُرُهُ فَالْقِيَاسُ رُجُوعُ النِّصْفِ لِلزَّوْجِ لَا لِلضَّامِنِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَهُ فَفِي كَوْنِ النِّصْفِ لِلضَّامِنِ أَوْ لِلزَّوْجِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا مَعَ سَمَاعِهِ سَحْنُونٌ وَتَخْرِيجُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى وُجُوبِ كُلِّهِ لِلزَّوْجِ بِالْعَقْدِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّامِنَ) أَيْ وَهُوَ الْأَبُ وَذُو الْقَدْرِ.
(قَوْلُهُ: وَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ النِّصْفَ الثَّانِيَ) أَيْ فَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ دَفْعِ الْأَبِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ لَكَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ تَتْبَعُهُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ كَمَا فِي الطِّرَازِ وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا عَطِيَّةٌ وَهِيَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُعْطِي إذَا لَمْ تَجُزْ عَنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَتْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ أَشْبَهَتْ الْمُعَاوَضَةَ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِالْفَسَادِ) أَيْ الْفَسْخِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ إنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْكُلِّ بَعْدَهُ أَيْ إنْ فُسِخَ النِّكَاحُ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: بِالْحَمَالَةِ) هِيَ أَنْ يَدْفَعَ الْمَهْرَ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَا كَأَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ حَمَالَةُ صَدَاقِك كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ بِهِ) أَيْ فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا تَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجَةُ عَلَى الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ كَانَ التَّصْرِيحُ بِالْحَمَالَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ الضَّمَانُ بَعْدَ الْعَقْدِ) سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ أَوْ بِلَفْظِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْعَقْدِ ضَمَانُ صَدَاقِكِ مِنِّي أَوْ صَدَاقُك عِنْدِي أَوْ عَلَيَّ، وَقَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ أَيْ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْحَمَالَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ أَيْ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحَمْلِ كَمَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ إذَا صَرَّحَ بِالْحَمْلِ مُطْلَقًا كَأَنَا أَحْمِلُ عَنْك الصَّدَاقَ سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّافِعَ إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِلَفْظِ الْحَمْلِ أَوْ الْحَمَالَةِ أَوْ الضَّمَانِ وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ فِيهِ فَالتَّصْرِيحُ بِالْحَمَالَةِ يُرْجَعُ فِيهِ مُطْلَقًا وَبِالْحَمْلِ لَا يُرْجَعُ مُطْلَقًا وَالتَّصْرِيحُ بِالضَّمَانِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ لَمْ يُرْجَعْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ رُجِعَ وَمِثْلُ الْحَمْلِ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ الدَّفْعُ كَأَنَا أَدْفَعُ صَدَاقَكَ أَوْ أَدْفَعُ الصَّدَاقَ عَنْكَ، وَقَدْ نَظَمَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ أَقْسَامَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:
انْفِ رُجُوعًا عِنْدَ حَمْلٍ مُطْلَقَا ... حَمَالَةٌ بِعَكْسِ ذَا فَحَقِّقَا
لَفْظُ ضَمَانٍ عِنْدَ عَقْدٍ لَا ارْتِجَاعِ ... وَبَعْدَهُ حَمَالَةٌ بِلَا نِزَاعِ
وَكُلُّ مَا اُلْتُزِمَ بَعْدَ عَقْدِ ... فَشَرْطُ هَذَا الْحَوْزُ فَافْهَمْ قَصْدِي
(قَوْلُهُ: تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ مَنْ دَفَعَ عَنْ إنْسَانٍ صَدَاقَهُ أَوْ تَحَمَّلَ بِهِ عَنْهُ بِأَيِّ لَفْظٍ يَرْجِعُ بِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ، وَكَذَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ) الْمُرَادُ