عَلَى الرَّاجِحِ
(وَإِنْ) (شَكَّ) شَخْصٌ (فِي إصَابَتِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (لِثَوْبٍ) أَوْ حَصِيرٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ (وَجَبَ نَضْحُهُ) فَلَوْ غَسَلَهُ أَجْزَأَ وَمِثْلُهُ الظَّنُّ الضَّعِيفُ، فَإِنْ قَوِيَ فَالْغَسْلُ لَا إنْ تَوَهَّمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ تَرَكَ) النَّضْحَ وَصَلَّى (أَعَادَ الصَّلَاةَ كَالْغَسْلِ) أَيْ كَمَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ تَارِكُ غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ فَالذَّاكِرُ الْقَادِرُ يُعِيدُ أَبَدًا وَالنَّاسِي أَوْ الْعَاجِزُ فِي الْوَقْتِ، وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا لِوُرُودِ الْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ بِالنَّضْحِ (وَهُوَ) أَيْ النَّضْحُ (رَشٌّ بِالْيَدِ) أَوْ الْمَطَرِ رَشَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ عُمُومَهَا وَأَعَادَ قَوْلَهُ (بِلَا نِيَّةٍ) مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِلَا نِيَّةٍ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّ النَّضْحَ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا أَوْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَفْتَقِرُ إلَيْهَا (لَا إنْ) تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ وَ (شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ أَوْ) شَكَّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْإِصَابَةِ وَالنَّجَاسَةِ فَلَا غَسْلَ وَلَا نَضْحَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَعَدَمُ الْإِصَابَةِ (وَ) فِي جَوَابٍ (هَلْ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ) إذَا شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لَهُ فَيَجِبُ نَضْحُهُ (أَوْ) لَيْسَ كَالثَّوْبِ بَلْ (يَجِبُ غَسْلُهُ) لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ زَوَالِ النَّجَاسَةِ جَفَافُ الْبَوْلِ بِكَثَوْبٍ وَحِينَئِذٍ إذَا لَاقَى مَحَلًّا مَبْلُولًا نَجَّسَهُ، نَعَمْ لَا يَضُرُّ الطَّعَامُ الْيَابِسُ كَمَا فِي عبق وَارْتَضَاهُ بْن خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ شب وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) مُقَابَلَةَ قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بِإِعَادَةِ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ النَّجَاسَةُ) يَعْنِي غَيْرَ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ احْتِرَازًا عَنْ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ إذَا شَكَّ فِي إصَابَتِهَا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ وَقَدْ خَفِيَتْ عَيْنُهَا، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَجَبَ نَضْحُهُ) أَيْ لِأَجْلِ قَطْعِ الْوَسْوَسَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَلًا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ النَّضْحِ فَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ وَقِيلَ: إنَّ النَّضْحَ تَعَبُّدِيٌّ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ لَا تَقْلِيلٌ لَهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الشَّكِّ فِي وُجُوبِ النَّضْحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَوِيَ) أَيْ ظَنَّ الْإِصَابَةَ وَأَوْلَى إذَا تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ أَوْ ظَنَّهَا ظَنًّا قَوِيًّا وَيَجِبُ النَّضْحُ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا شَكَّ فِي الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنَّهَا ظَنًّا ضَعِيفًا وَالْحَالَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ تَوَهُّمُ الْإِصَابَةِ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: كَالْغَسْلِ) تَشْبِيهٌ لِتَكْمِيلِ الْحُكْمِ لَا لِإِفَادَةِ حُكْمٍ غَفَلَ عَنْهُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْوُجُوبِ وَالْإِعَادَةِ أَيْ وَجَبَ نَضْحُهُ وُجُوبًا كَوُجُوبِ الْغَسْلِ فَيَكُونُ وُجُوبُ النَّضْحِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَأَعَادَ إعَادَةً كَالْإِعَادَةِ فِي تَرْكِ الْغَسْلِ فَهِيَ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ بِوُجُوبِ النَّضْحِ (قَوْلُهُ: أَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ) أَيْ بِسُنِّيَّتِهِ أَيْ وَأَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ؛ لِأَنَّ النَّضْحَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النَّضْحِ أَشْهَرَ مِنْ الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا الْقَوْلَ بِسُنِّيَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُمَا مَعًا فِي الْغَسْلِ.
(قَوْلُهُ: لِوُرُودِ الْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ بِالنَّضْحِ) فِيهِ أَنَّ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ، فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْقَوْلَ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْغَسْلِ لِكَوْنِهِ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَشْهِيرُ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِي النَّضْحِ، لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ النَّضْحَ وَصَلَّى أَعَادَ كَإِعَادَةِ تَارِكِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَعِيسَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ النَّضْحَ وَصَلَّى يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ مُطْلَقًا لِخِفَّةِ أَمْرِهِ قَالَ بْن وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ فِي مُطْلَقِ الْإِعَادَةِ لَا تَامًّا حَتَّى يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ الْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَلِخِفَّةِ النَّضْحِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِإِعَادَةِ النَّاسِي أَبَدًا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي تَرْكِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا قَوْلًا لِأَبِي الْفَرَجِ بِوُجُوبِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ فَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا أَعَادَ أَبَدًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ النَّضْحِ مُطْلَقًا بَلْ قِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: أَيْ النَّضْحُ) يَعْنِي مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ أَرْضٍ (قَوْلُهُ: بِالْيَدِ) أَيْ أَوْ الْفَمِ بَعْدَ إزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْبُصَاقِ (قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَجَبَ نَضْحُهُ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ رَشٌّ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ بِالْيَدِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا نِيَّةٍ مِنْ حَقِيقَةِ النَّضْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَفْتَقِرُ إلَيْهَا) وَذَلِكَ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِيهِ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ لَا تَقْلِيلٌ لَهَا فَقَدْ أَمَرَنَا بِهِ الشَّارِعُ وَلَمْ نَعْقِلْ لَهُ حِكْمَةً (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ النَّضْحِ وَالْغَسْلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ مِنْ وُجُوبِ النَّضْحِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِمَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ وَالنَّضْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَهُوَ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ لَمَّا تَرَكَّبَ مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعُفَ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نَضْحُهُ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ) أَيْ لِأَنَّ الْجَسَدَ لَا يَفْسُدُ بِالْغَسْلِ أَيْ وَلِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute