للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) حَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ (فُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ) وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَذُرِّيَّتُهُمْ، وَإِنْ سَفَلُوا (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِ (أَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ) بِخِلَافِ ذُرِّيَّتِهِ كَبِنْتِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْخَالَةِ فَحَلَالٌ (وَ) حَرُمَ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ (أُصُولُ زَوْجَتِهِ) وَهُنَّ أُمَّهَاتُهَا، وَإِنْ عَلَوْنَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] (وَ) حَرُمَ (بِتَلَذُّذِهِ) بِزَوْجَتِهِ (وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرٍ) إنْ وُجِدَ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ لَا إنْ قَصَدَ فَقَطْ (فُصُولَهَا) وَهُنَّ كُلُّ مَنْ لَهَا عَلَيْهِنَّ وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ ذَكَرًا وَأُنْثَى، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] فَسَّرَ الْإِمَامُ الدُّخُولَ بِالتَّلَذُّذِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣] لِجَرْيِهِ عَلَى الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَظَرٍ أَيْ فِيمَا عَدَا الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَحْرُمُ فِيهِمَا إلَّا اللَّذَّةُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ الْقُبْلَةِ (كَالْمِلْكِ) تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ الْمُحَرَّمَ هُنَا التَّلَذُّذُ بِهَا لَا مُجَرَّدُ الْمِلْكِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى سَيِّدِهَا أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا وَلَا تَحْرُمُ هِيَ عَلَى أُصُولِهِ وَفُصُولِهِ إلَّا إذَا تَلَذَّذَ بِهَا وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ مِثْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ بُلُوغِهِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْبُلُوغُ وَلَا إطَاقَةُ الْوَطْءِ فَتَلَذُّذُهُ بِالصَّغِيرَةِ جِدًّا كَافٍ فِي التَّحْرِيمِ (وَحُرِّمَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (وَإِنْ فَسَدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ) بِأَنْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ بِصِحَّتِهِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ كَمُحْرِمٍ وَشِغَارٍ وَتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا فَعَقْدُهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالصَّحِيحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أُجْمِعَ عَلَى فَسَادِهِ (فَ) الْمُحَرَّمُ (وَطْؤُهُ) ، وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ (إنْ دَرَأَ) وَطْؤُهُ (الْحَدَّ) عَنْ الْوَاطِئِ كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ وَذَاتِ مَحْرَمٍ وَرَضَاعٍ غَيْرَ عَالِمٍ فَإِنْ عَلِمَ حُدَّ إلَّا الْمُعْتَدَّةُ فَقَوْلَانِ فَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ كَانَ مِنْ الزِّنَا.

(وَفِي) نَشْرِ حُرْمَةِ (الزِّنَا خِلَافٌ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ نَشْرِهِ الْحُرْمَةَ فَيَجُوزُ لِمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِفُرُوعِهَا وَأُصُولِهَا وَلِأَبِيهِ وَابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (وَإِنْ) (حَاوَلَ) زَوْجٌ (تَلَذُّذًا بِزَوْجَتِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الصُّورَتَيْنِ لَكَانَ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ إلَخْ تَكْرَارًا مَعَ هَذَا وَيَكُونُ كَلَامُهُ هُنَا مُوهِمًا أَنَّ فُصُولَ الزَّوْجَةِ يَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ فُصُولُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَهُمْ إخْوَتُهُ أَشِقَّاءٌ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ.

(وَقَوْلُهُ: وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ) أَيْ مَا عَدَا الْأَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي عَدَا الْأَصْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْجَدُّ الْأَقْرَبُ وَالْجَدَّةُ الْقُرْبَى وَابْنُ الْأَوَّلِ عَمٌّ أَوْ خَالٌ وَابْنَتُهُ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ، وَأَمَّا أَوْلَادُهُمْ فَحَلَالٌ.

(قَوْلُهُ: لَا إنْ قَصَدَ) أَيْ التَّلَذُّذَ فَقَطْ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحْصُلَ لَذَّةٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى تَلَذَّذَ بِالْمَرْأَةِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا كَانَتْ فِي حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: كَالْمِلْكِ) إنْ جَعَلَ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا لَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَتَى تَلَذَّذَ بِأُمِّهِ، وَلَوْ مَجُوسِيَّةً حَرُمَ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا وَبَنَاتُ بَنَاتِهَا، وَإِنْ جَعَلَ تَشْبِيهًا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ أُصُولُهُ إلَى هُنَا يُسْتَثْنَى الْعَقْدُ فَإِنَّ عَقْدَ الْأَبِ فِي النِّكَاحِ يُحَرِّمُ عَلَى الِابْنِ وَعَقْدَ الِابْنِ يُحَرِّمُ عَلَى الْأَبِ وَعَقْدَ الشِّرَاءِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا لِأَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ الْمُبْتَغَى مِنْهُ الْوَطْءَ بَلْ الْخِدْمَةَ، وَالِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَالتَّحْرِيمُ فِي الْمِلْكِ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّلَذُّذِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَحَرُمَ أُصُولُهُ إلَى هُنَا فَإِذَا تَلَذَّذَ بِأَمَةٍ حَرُمَتْ عَلَى أُصُولِهِ، وَإِنْ عَلَوْا وَعَلَى فُصُولِهِ، وَإِنْ سَفَلُوا، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي تَلَذَّذَ بِهَا أَحَدُ آبَائِهِ أَوْ مِنْ أَبْنَائِهِ، وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّلَذُّذُ بِجَارِيَةٍ مِنْ فُصُولِ أَوَّلِ أُصُولِهِ أَوْ بِجَارِيَةٍ مِنْ أَوَّلِ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِهِ وَإِذَا تَلَذَّذَ بِجَارِيَةٍ، وَلَوْ بِنَظَرٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ بُلُوغِهِ) أَيْ لَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ الْحَاصِلِ بِالتَّلَذُّذِ مِنْ بُلُوغِهِ فَوَطْءُ الصَّغِيرِ لِلْأَمَةِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا عَلَى الرَّاجِحِ فَلَا تَحْرُمُ مَوْطُوءَتُهُ عَلَى أُصُولِهِ وَلَا عَلَى فُصُولِهِ وَلَا تَحْرُمُ بَنَاتُهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ الْحَاصِلُ بِالْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِعَقْدِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَوَطْءُ الْأَمَةِ الصَّغِيرَةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالْكَبِيرَةِ فَتَحْرُمُ عَلَى أُصُولِ وَاطِئِهَا وَعَلَى فُصُولِهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا اللَّاتِي سَتَلِدُهُنَّ.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْعَقْدُ) أَيْ وَنَشَرَ الْعَقْدُ الْحُرْمَةَ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ حَرُمَتْ عَلَى أُصُولِهِ وَعَلَى فُصُولِهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهَا هَذَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ وَقَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْعَقْدُ أَيْ عَقْدُ النِّكَاحِ لِكَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ مُحَرَّمٌ بِخِلَافِ وَطْئِهِ الْأَمَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا عَقْدُ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إذَا رَدَّهُ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ بِالرَّدِّ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ عَقْدُ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِمَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ لَازِمٍ كَعَقْدِ الرَّقِيقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَازِمٌ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى حِلِّهِ بِخِلَافِ نِكَاحِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى حِلِّهِ وَقِيلَ إنَّهُ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ كَوْنُهُ لَازِمًا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ وَاَلَّذِي صَوَّبَهُ بْن هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ وَذَكَرَ أَنَّهُ نَصَّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى تَحْرِيمِ عَقْدِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: فَالْمُحَرَّمُ وَطْؤُهُ) فِي كَبِيرِ خش أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ مَا يَشْمَلُ إرْخَاءَ السُّتُورِ، وَلَوْ تَقَارَرُوا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ وَمِثْلُ الْوَطْءِ مُقَدِّمَاتُهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْوَطْءِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ عَالِمٍ) قَيْدٌ فِي عَدَمِ الْحَدِّ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَمِثْلُ الثَّلَاثَةِ الْخَامِسَةُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ

<<  <  ج: ص:  >  >>