(وَ) لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ كَأُخْتَيْنِ وَكَامْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي نِكَاحٍ (فُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ) مِنْهُمَا (صَدَّقَتْ) الزَّوْجَ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَأَوْلَى إنْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ (وَإِلَّا) تُصَدِّقُهُ بِأَنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى أَوْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي وَلَا بَيِّنَةَ فُسِخَ نِكَاحُهَا بِطَلَاقٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا وَ (حَلَفَ) الزَّوْجُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَمَا هِيَ الْأُولَى إنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (لِلْمَهْرِ) أَيْ لِسُقُوطِ نِصْفِهِ عَنْهُ الْوَاجِبِ لَهَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا الْأُولَى وَأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ وَلِذَا لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَوْ دَخَلَ بِهَا لِوُجُوبِ الْمَهْرِ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ وَيَبْقَى عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى بِدَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ فَلَوْ نَكَلَ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي وَبَعْدَ يَمِينِهَا إنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ سَقَطَ حَقُّهَا وَقَوْلُهُ: (بِلَا طَلَاقٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صُدِّقَتْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَإِلَّا لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَأَخَّرَهُ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ (كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا) أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ جَمَعَهُمَا (بِعَقْدٍ) أَيْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ لَكِنْ تَخْتَصُّ الْأُمُّ وَبِنْتُهَا بِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ إلَّا أَنَّ لِتَأْبِيدِهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهِمَا أَوْ لَا يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ فَأَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا) مَعًا (إنْ دَخَلَ) بِهِمَا وَعَلَيْهِ صَدَاقُهُمَا (وَلَا إرْثَ) إنْ مَاتَ لِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ (وَإِنْ تَرَتَّبَتَا) فِي الْعَقْدِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَى إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ الْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدُ تَحْرِيمِهَا إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ وَلُزُومُ الصَّدَاقِ فَعُلِمَ أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، وَلَوْ قَالَ كَأَنْ تَرَتَّبَتَا كَانَ أَحْسَنَ وَأَشَارَ لِلْوَجْهِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
اللَّتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا لِأَجْلِ الْوَطْءِ أَمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ وَهُوَ مَا مَرَّ، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ وَسَيَأْتِي، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ) أَيْ وَأَفْرَدَ كُلًّا مِنْهُمَا بِعَقْدٍ، وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ فَسَيَأْتِي بَعْدُ فِي قَوْلِهِ كَأُمٍّ وَبِنْتِهَا بِعَقْدٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَالَتِهَا) أَيْ أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا أَوْ أُمِّهَا أَوْ بِنْتِهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إنْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إنْ دَخَلَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا لِإِقْرَارِهَا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا وَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ حِينَئِذٍ وَالْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُصَدِّقُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُصَدِّقْهُ بِأَنْ قَالَتْ أَنَا الْأُولَى أَوْ لَا عِلْمَ عِنْدِي فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فُسِخَ بِطَلَاقٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَحَلَفَ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِأَجْلِ إسْقَاطِ النِّصْفِ الْوَاجِبِ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا الْأُولَى وَأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي؛ لِأَنَّهَا شِبْهُ دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ يَمِينِهَا إنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا أَصْلًا، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فُسِخَ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَكَانَ لَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا بِالْبِنَاءِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى بِدَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى) أَيْ وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ أَنْتِ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي أَيْ، وَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: أَنْتِ ثَانِيَةٌ.
(قَوْلُهُ: الْوَاجِبِ لَهَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِّ عَلَى تَقْدِيرٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ إنْ حَلَفَهُ لِأَجْلِ سُقُوطِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَنْهُ لَا يَمِينَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ) أَيْ بِطَلَاقٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَلَ) أَيْ فِي حَالَةِ مَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَحَلَفَ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَإِلَّا) أَيْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَهَا وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ فَسْخَهُ بِطَلَاقٍ دَخَلَ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا قَبْلَ إلَّا وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَتْ الزَّوْجَ عَلَى أَنَّهَا ثَانِيَةٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا.
(قَوْلُهُ: فَيُفْسَخُ) أَيْ أَبَدًا.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَخْتَصُّ الْأُمُّ وَبِنْتُهَا) أَيْ عَنْ بَقِيَّةِ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ لِتَأْبِيدِهِ) أَيْ تَأْبِيدِ تَحْرِيمِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا الْمَجْمُوعَتَيْنِ فِي عَقْدٍ.
(قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهِمَا) الْمُرَادُ بِالدُّخُولِ مُطْلَقُ التَّلَذُّذِ.
(قَوْلُهُ: وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا) أَيْ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَوَطِئَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ عَلَيْهِ أَبَدًا يُرِيدُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ بِأَنْ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ يَعْتَقِدُ حِلَّ نِكَاحِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى نِكَاحِهِ هَلْ يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ بِأَنْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّهَا بِنْتُهَا أَوْ لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ بِأَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا بِنْتُهَا وَيَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ وَإِلَّا كَانَ زِنًا فَلَا يَحْرُمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ صَدَاقُهُمَا) أَيْ وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ.
(قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهِ لَا يُوجِبُ الْمِيرَاثَ، وَلَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ الْفَسْخِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَتَّبَتَا) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُبَالَغَةً وَأَنَّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا بَلْ، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فِي الْعَقْدِ وَتَكُونُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَسْخِ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَلُزُومُ الصَّدَاقِ وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ إنْ شَرْطِيَّةً وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُبَالَغَةِ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا وَاحِدٌ