بَعْدَ إسْلَامِهَا وَالْبِنَاءِ بِهَا، إذْ لَا عِبْرَةَ بِطَلَاقِ الْكُفْرِ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ بَانَتْ مِنْهُ (وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا عَلَيْهِ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَ إسْلَامَيْهِمَا (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ) مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لَهَا النَّفَقَةُ وَاخْتَارَهُ أَصْبَغُ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ اتِّفَاقًا (وَ) إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ.
(قَبْلَ الْبِنَاءِ بَانَتْ مَكَانَهَا) لِعَدَمِ الْعِدَّةِ وَلَا تُحَلَّلُ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَقِبَ إسْلَامِهَا وَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ، وَقَدْ قَالَ فِيمَا مَرَّ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ (أَوْ أَسْلَمَا) مَعًا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِالْمَعِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ بِأَنْ جَاءَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ أَيْ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِمَا إلَّا وَهُمَا مُسْلِمَانِ، وَلَوْ تَرَتَّبَ إسْلَامُهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعَ فِيهِمَا إذَا تَرَتَّبَ إسْلَامُهُمَا مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّا إذَا لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِمَا إلَّا وَهُمَا مُسْلِمَانِ فَكَأَنَّ إسْلَامَهُمَا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا حَالَ الِاطِّلَاعِ فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (إلَّا الْمَحْرَمَ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِحَالٍ، وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوَطْءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَأُمًّا وَابْنَتَهَا (وَ) إلَّا إنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ وَأَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا.
(قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَ) قَبْلَ انْقِضَاءِ (الْأَجَلِ وَتَمَادَيَا لَهُ) أَيْ لِلْأَجَلِ بِأَنْ قَالَا أَوْ أَحَدُهُمَا نَتَمَادَى إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فَإِنْ قَالَا مَعًا نَتَمَادَى عَلَيْهِ أَبَدًا أُقِرَّا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلُ أَنَّهُمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَسَّرَ الْعِدَّةَ بِالِاسْتِبْرَاءِ مِنْ مَائِهِ؛ لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ وَالْعِدَّةُ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ إسْلَامِهَا) وَأَوْلَى لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ إسْلَامِهَا.
(قَوْلُهُ: وَالْبِنَاءِ بِهَا) أَيْ وَبَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا وَإِلَّا بَانَتْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا، وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا عِبْرَةَ بِطَلَاقِ الْكُفْرِ) أَيْ لِأَنَّ لُزُومَ الطَّلَاقِ فَرْعٌ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ) أَيْ مُدَّةَ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَشَارَ بِالْأَحْسَنِ لِقَوْلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا بِإِسْلَامِهَا وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَجْهُ كَوْنِ الْمَنْعِ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا أَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ أَنَا عَلَى دِينِي لَمْ أَنْتَقِلْ عَنْهُ وَهِيَ فَعَلَتْ مَا أَوْجَبَ الْحَيْلُولَةَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا بَيْنَ إسْلَامِهَا نَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا تُوهِمُ أَنَّ الْقَوْلَ بِثُبُوتِ النَّفَقَةِ مَشْرُوطٌ بِإِسْلَامِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي النَّفَقَةِ مَوْجُودَانِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَلَيْسَ كَمَا يُعْطِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُمَا مَقْصُورَانِ عَلَى مَا بَيْنَ إسْلَامِهِمَا اهـ بْن إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ مُدَّةَ عِدَّتِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ.
(قَوْلُهُ: بَانَتْ مَكَانَهَا) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ بَانَتْ مَكَانَهَا حَكَى ابْنُ يُونُسَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَظَاهِرُهُ قَرُبَ إسْلَامُهُ مِنْ إسْلَامِهَا أَوْ بَعُدَ وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيُّ فِيمَا إذَا قَرُبَ إسْلَامُهُ قَوْلَيْنِ هَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ أَمْ لَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى هَذَا فَالِاتِّفَاقُ مَعَ الطُّولِ اهـ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَانَتْ أَيْ اتِّفَاقًا مَعَ الطُّولِ وَعَلَى الرَّاجِحِ مَعَ الْقُرْبِ. وَقَوْلُنَا: إنَّهُ الرَّاجِحُ مَعَ الْقُرْبِ لِحِكَايَةِ ابْنِ يُونُسَ الِاتِّفَاقَ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الِاتِّفَاقُ فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَشْهُورَ وَأَيْضًا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
(قَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ) نَائِبُ فَاعِلِ يُرَاعَ مَا تَقَدَّمَ هُوَ أَنَّهُ إنْ أَسْلَمَ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ أُقِرَّ عَلَيْهَا إنْ قَرُبَ كَالشَّهْرِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ أُقِرَّ عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَ إسْلَامُهُ قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُرَاعَى حَيْثُ عَلِمْنَا إسْلَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الْمُحَرَّمَ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَأُقِرَّ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَوْ أَسْلَمَا مَعًا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يُقَرُّ عَلَى زَوْجَتِهِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ مَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ فِي الْإِسْلَامِ، كَمَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى عَمَّتِهِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُقِرُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوَطْءِ) فَلَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ إلَّا بِنِكَاحِ الْأُمِّ وَلَا تَحْرُمُ الْأُمُّ إلَّا بِنِكَاحِ الْبِنْتِ فَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى امْرَأَةٍ أُقِرَّ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَكُنْ نَكَحَ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا، وَكَذَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ وَلَا عَلَى ابْنِهِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي وَأُمًّا وَابْنَتَهَا) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الدَّلَالَةِ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَحَرُمَتَا عَلَيْهِ إنْ مَسَّهُمَا فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَيْ وَإِلَّا نِكَاحًا فِي الْعِدَّةِ أَسْلَمَا فِيهِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا حَصَلَ دُخُولٌ أَوْ لَا فَلَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ يُؤَدِّي لِسَقْيِ زَرْعِ غَيْرِهِ بِمَائِهِ فَكَلَامُهُ يَشْمَلُ إسْلَامَهُمَا وَإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا لَكِنْ إنْ وَقَعَ وَطْءٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ تَأَبَّدَ التَّحْرِيمُ هَذَا حَاصِلُ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِرَاقَ مُطْلَقًا، وَأَمَّا تَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِحُصُولِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ: وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَتَمَادَيَا لَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا قَالَا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ نَتَمَادَى لِذَلِكَ الْأَجَلِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلَا يُقَرَّانِ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ وَيُفْسَخُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا عَلَيْهِ فِيهِ إجَازَةٌ لِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَا مَعًا نَتَمَادَى عَلَيْهِ أَبَدًا) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَقَوْلُهُ: أُقِرَّا عَلَيْهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ حِينَئِذٍ نِكَاحَ مُتْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَالَا ذَلِكَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا