إنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ بَنَى بِهِنَّ أَوْ بِبَعْضِهِنَّ أَوْ لَا كَانَتْ الْأَرْبَعُ هِيَ الْأَوَاخِرُ أَوْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كُنَّ (أَوَاخِرَ) ، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا مِنْهُنَّ.
(وَ) اخْتَارَ (إحْدَى أُخْتَيْنِ) وَنَحْوَهُمَا مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ إذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا (مُطْلَقًا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ كَانَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَا (وَ) اخْتَارَ (أُمًّا وَابْنَتَهَا لَمْ يَمَسَّهُمَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ يَخْتَارُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأُمٍّ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أُخْتَيْنِ فَالْوَاوُ عَلَى بَابِهَا (وَإِنْ مَسَّهُمَا) أَيْ تَلَذَّذَ بِهِمَا (حَرُمَتَا) أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ (وَ) إنْ مَسَّ (إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ) أَيْ لِلْبَقَاءِ إنْ شَاءَ أَيْ إنْ أَرَادَ إبْقَاءَ وَاحِدَةٍ تَعَيَّنَتْ الْمَمْسُوسَةُ لِلْبَقَاءِ وَحَرُمَتْ الْأُخْرَى أَبَدًا (وَلَا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا (أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا) يَتَبَادَرُ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِمَا وَعَلَيْهِ فَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ إنْ كَانَ الْفِرَاقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْعَقْدُ وَعَقْدُ الْكُفْرِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلِلتَّحْرِيمِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ مُطْلَقًا أَوْ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَعَلَيْهِ فَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ إنْ كَانَتْ الَّتِي فَارَقَهَا مَسَّهَا؛ لِأَنَّ مَسَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ فَتَحْرُمُ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ) أَيْ يُعَدُّ مُخْتَارًا بِسَبَبِ طَلَاقٍ، إذْ لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً كَانَ لَهُ مِنْ الْبَوَاقِي ثَلَاثٌ، وَإِنْ طَلَّقَ أَرْبَعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ كَأَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً (أَوْ ظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ (أَوْ إيلَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الزَّوْجَةِ (أَوْ وَطْءٍ) فَمَتَى وَطِئَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَاحِدَةً أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا مِمَّنْ أَسْلَمْنَ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ عُدَّ مُخْتَارًا لَهَا فَإِنْ وَطِئَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَوَّلِ (وَ) اخْتَارَ (الْغَيْرَ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِشَرْطِهِ وَطَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا كَانَ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا، وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِطَوْلِ الْحُرَّةِ وَقَوْلُهُ: أَرْبَعًا أَيْ وَإِنْ مُتْنَ وَفَائِدَتُهُ الْإِرْثُ وَقَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا أَيْ وَفَارَقَ الْبَاقِيَ وَالْفُرْقَةُ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(قَوْلُهُ: إنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ) أَيْ وَكُنَّ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مَجُوسِيَّاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَيْ وَبَقِينَ عَلَى دِينِهِنَّ وَلَمْ يُسْلِمْنَ مَعَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنَّ أَوَاخِرَ) أَيْ فِي الْعَقْدِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِتَعَيُّنِ الْأَوَائِلِ دُونَ الْأَوَاخِرِ
(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ) أَيْ غَيْرَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا لِذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا بَعْدُ وَذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا.
(قَوْلُهُ: كَانَا أَيْ مُحَرَّمَتَا الْجَمْعِ) أَيْ كَانَ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَلِمَتْ الْأُولَى وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا جَمَعَهُمَا بِعَقْدَيْنِ وَعَلِمَتْ الْأُولَى فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ فَهُوَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَا فِي الْفَاسِدِ كَمَا هُنَا اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَمَسَّهُمَا) أَيْ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَإِنَّمَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا فِيهِ عَقْدًا وَاحِدًا وَعَقْدَيْنِ وَأَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ كَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ وَأَسْلَمَ عَلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ) أَيْ وَإِلَّا لَوْ كَانَ لَهُ أَثَرٌ لَحَرُمَتْ الْأُمُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتَ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ مَسَّ الْبِنْتَ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَتْ الْأُخْرَى أَبَدًا) فَإِنْ كَانَتْ الْمَمْسُوسَةُ الْبِنْتَ تَعَيَّنَ بَقَاؤُهَا وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَمْسُوسَةُ الْأُمَّ تَعَيَّنَ بَقَاؤُهَا وَحَرُمَتْ الْبِنْتُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ إبْقَاءُ الْأُمِّ وَمَسُّهَا كَلَامِسٍ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ ابْنُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا) الْحَقُّ كَمَا كَتَبَ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ وَانْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ بْن آخِرًا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْأُمِّ وَابْنَتِهَا وَأَنَّهُ إذَا كَانَ الْفِرَاقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالنَّهْيُ لِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ فَقَطْ لِوُجُودِ الْعَقْدِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ عَقْدُ الْكُفْرِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ كَانَ الْفِرَاقُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: فَلِلتَّحْرِيمِ) أَيْ لِأَنَّ الْوَطْءَ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ.
(قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ) نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الِاخْتِيَارِ أَنْ يَكُونَ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ كَاخْتَرْتُ فُلَانَةَ بَلْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ يُعَدُّ مُخْتَارًا بِسَبَبِ طَلَاقٍ) فَإِذَا طَلَّقَ بَعْدَ إسْلَامِهِ إحْدَى الزَّوْجَاتِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ بِطَلَاقِهِ مُخْتَارًا لَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهُ يُمَكَّنُ مِنْهَا أَوْ لَا فَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ بَائِنًا لِأَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا بِحَسْبِ الْأَصْلِ لَكِنْ صَحَّحَهُ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ كَوْنِهِ رَجْعِيًّا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ بَالِغِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إيلَاءٍ) وَهَلْ هُوَ اخْتِيَارٌ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَرَجَّعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ إنَّمَا هُوَ اخْتِيَارٌ إنْ وُقِّتَ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك إلَّا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ أَوْ قُيِّدَ بِمَحَلٍّ كَلَا أَطَؤُك إلَّا فِي بَلَدِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا يُعَدُّ اخْتِيَارًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّعَانَ مِنْ الرَّجُلِ فَقَطْ يُعَدُّ اخْتِيَارًا وَمِنْ الْمَرْأَةِ لَا يُعَدُّ اخْتِيَارًا، وَأَمَّا لِعَانُهُمَا مَعًا فَيَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَطْءٍ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَا يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ أَوْ يُوجِبُ خَلَلًا فِيهَا يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِيَارُ فَأَوْلَى الْوَطْءُ الْمُتَرَتِّبُ اعْتِبَارُهُ عَلَى وُجُودِهَا.
(قَوْلُهُ: عُدَّ مُخْتَارًا لَهَا) أَيْ سَوَاءٌ نَوَى بِذَلِكَ الْوَطْءِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ فَظَاهِرٌ وَإِذَا لَمْ يَنْوِهِ لَوْ لَمْ نَصْرِفْهُ لِجَانِبِ الِاخْتِيَارِ لَتَعَيَّنَ صَرْفُهُ