(ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ) الْحَاكِمُ لِيَرْفَعَ خِلَافَ مَنْ لَا يَرَى أَمْرَ الْقَاضِي لَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمًا.
(قَوْلَانِ وَلَهَا) أَيْ لِزَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ إنْ رَضِيَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْمُقَامِ مَعَهُ لِأَجَلٍ آخَرَ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا) بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ (بِلَا) ضَرْبِ (أَجَلٍ) ثَانٍ وَلَا رَفْعٍ لِحَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَرَبَ أَوَّلًا وَمَفْهُومُ مَا فِي الرِّوَايَةِ مِنْ قَوْلِهَا إلَى أَجَلٍ آخَرَ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ بَعْدَ السَّنَةِ رَضِيتُ بِالْمُقَامِ مَعَهُ أَبَدًا أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا فِرَاقُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ لَمْ يَرْضَ (وَ) لَهَا (الصَّدَاقُ بَعْدَهَا) أَيْ السَّنَةِ كَامِلًا؛ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا وَطَالَ مُقَامُهَا مَعَهُ وَتَلَذَّذَ بِهَا وَأَخْلَقَ شُورَتَهَا فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَهَا فَلَهَا النِّصْفُ وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا بِالِاجْتِهَادِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي وُجُوبِ الصَّدَاقِ قَوْلُهُ: (كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ) ، ثُمَّ يُطَلِّقَانِ بِاخْتِيَارِهِمَا لَا إنْ طَلَّقَ عَلَيْهِمَا لِعَيْبِهِمَا فَإِنَّهُ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْخَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْمَجْبُوبِ.
(وَفِي) (تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ) عَلَى الْمُعْتَرَضِ (إنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فِيهَا) أَيْ فِي السَّنَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا حَيْثُ طَلَبَتْهُ الزَّوْجَةُ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ حِينَئِذٍ وَعَدَمُ تَعْجِيلِهِ بَلْ تَبْقَى حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ، إذْ لَعَلَّهَا تَرْضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ (قَوْلَانِ) .
(وَأُجِّلَتْ الرَّتْقَاءُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ لِيَرْفَعَ خِلَافَ إلَخْ) الْأَوْلَى لِيَرْفَعَ خِلَافَ مَنْ يَرَى أَنَّ طَلَاقَ الْمَرْأَةِ لَا يَقَعُ أَصْلًا، ثُمَّ إنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ حَقِيقَةُ الْحُكْمِ وَاَلَّذِي قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ هُنَا الْإِشْهَادُ أَيْ أَوْ يَأْمُرَهَا بِهِ فَإِذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَشْهَدَ الْحَاكِمَ عَلَى ذَلِكَ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَاتٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ الْحُكْمِ فَفِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ عَاتٍ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لَهَا بَعْدَ كَمَالِ نَظَرِهِ: إنْ شِئْتَ أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَكِ، وَإِنْ شِئْتِ التَّرَبُّصَ عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ اهـ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَلَا أَعْذَارَ فِي الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِأَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، إذْ لَا أَعْذَارَ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ مِنْ إقْرَارٍ، وَإِنْكَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَرْجِيحٌ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ الْمُتَيْطِيُّ فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ بِالْعَيْبِ الْإِمَامُ يُوقِعُهُ أَوْ يُفَوِّضُ إلَيْهَا قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ قَالَ ح وَأَفْتَى بِالثَّانِي ابْنُ عَاتٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَابْنُ سَهْلٍ اهـ وَعَلَيْهِ فَحَقُّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ يَقُولُ خِلَافٌ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ لِزَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ حَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا رَضِيَتْ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ الَّتِي ضُرِبَتْ لَهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ مُدَّةً لِتَتَرَوَّى وَتَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا فَلَهَا ذَلِكَ وَلَا تَحْتَاجُ لِضَرْبِ أَجَلٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ قَدْ ضُرِبَ أَوَّلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَضِيَتْ ابْتِدَاءً بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ لِتَتَرَوَّى فِي أَمْرِهَا بِلَا ضَرْبِ أَجَلٍ، ثُمَّ قَامَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ هَذَا كُلُّهُ فِي زَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا فِي نَصِّ الْمَوَّاقِ وَقَوْلُهُ: وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ لَمْ يَرْضَ أَيْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ رِضًا مُطْلَقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ وَقَالَ بْن الَّذِي فِي شَرْحِ ابْنِ رَحَّالٍ مَا نَصُّهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا فِي الرِّوَايَةِ غَيْرُ شَرْطٍ بَلْ، وَكَذَا إذَا قَالَتْ: رَضِيت بِالْمَقَامِ مَعَهُ فَلَهَا فِرَاقُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي زَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ، وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمُجْذَمِ إذَا طَلَبَتْ فِرَاقَهُ فَأَجَّلَ لِرَجَاءِ بُرْئِهِ فَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ، ثُمَّ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ فَإِنْ قَيَّدَتْ رِضَاهَا بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِأَجَلٍ لِتَتَرَوَّى كَانَ لَهَا الْفِرَاقُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ ثَانٍ، وَإِنْ لَمْ تُقَيِّدْ بَلْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ أَبَدًا، ثُمَّ أَرَادَتْ الْفِرَاقَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ الْجُذَامُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَحَكَى فِي الْبَيَانِ قَوْلًا ثَالِثًا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ زَادَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ قَالَ بْن وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِتَقْيِيدِ الْخِيَارِ فِيمَا سَبَقَ بِعَدَمِ الرِّضَا.
(قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَيْ إذَا حَصَلَ الطَّلَاقُ بَعْدَهَا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَرَضَ إذَا أَجَّلَ سَنَةً وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ بَعْدَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَهَا نِصْفَهُ.
(قَوْلُهُ: وَتَلَذَّذَ بِهَا) أَيْ بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اللَّذَّةَ الْكُبْرَى.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَهَا فَلَهَا النِّصْفُ) يَعْنِي إذَا لَمْ يَطُلْ مَقَامُهَا مَعَهُ وَإِلَّا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا وَلَفْظُ ح، وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ إذَا لَمْ يَطُلْ مَقَامَهَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَ السَّنَةِ فِيمَا إذَا رَضِيَ بِالْفِرَاقِ تَمَامَهَا وَفِيمَا إذَا قَطَعَ ذَكَرَهُ فِي السَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى وَمَعَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالْخَصِيُّ) أَيْ الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمُ الذَّكَرِ
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ مَالِكٍ وَبَقِيَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا تُطَلِّقُ أَصْلًا وَتَكُونُ مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهَا وَقَوْلُهُ: إنْ قُطِعَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهُ هُوَ فَيُعَجِّلُ الطَّلَاقَ قَطْعًا وَلَهَا النِّصْفُ حِينَئِذٍ فَلَوْ قَطَعَتْهُ عَمْدًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا فَلَا تَطْلُقُ أَصْلًا وَتَبْقَى زَوْجَةً لِتَعَدِّيهَا خُصُوصًا، وَقَدْ قِيلَ بِذَلِكَ إذَا قَطَعَهُ غَيْرُهَا
(قَوْلُهُ: وَأُجِّلَتْ الرَّتْقَاءُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَدْوَاءَ الْمُشْتَرَكَةَ وَالْمُخْتَصَّةَ بِالرَّجُلِ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهَا فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ فِيهَا الْحُرُّ سَنَةً وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا، وَأَمَّا الْأَدْوَاءَ الْمُخْتَصَّةَ بِالنِّسَاءِ فَالتَّأْجِيلُ فِيهَا إنْ رُجِيَ الْبُرْءُ بِالِاجْتِهَادِ وَقَوْلُهُ: وَأُجِّلَتْ الرَّتْقَاءُ أَيْ وَهِيَ الَّتِي انْسَدَّ مَسْلَكُ الذَّكَرِ مِنْهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ فَإِذَا طَلَبَ الزَّوْجُ رَدَّهَا وَطَلَبَتْ التَّدَاوِيَ فَإِنَّهَا تُؤَجَّلُ لِذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ وَرَدُّهَا حَالًا لِأَهْلِهَا بَلْ يَلْزَمُهُ