للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَهَا الْقِيَامُ بِهَا فِي الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ.

(وَ) جَازَ تَأْجِيلُ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ (إلَى الدُّخُولِ إنْ عَلِمَ) الدُّخُولَ أَيْ وَقْتَهُ بِالْعَادَةِ عِنْدَهُمْ كَالنِّيلِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَسَدَ قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ) تَأْجِيلُهُ إلَى (الْمَيْسَرَةِ) لِلزَّوْجِ فَيَجُوزُ (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَلِيًّا) كَمَنْ عِنْدَهُ سِلَعٌ يُرْصَدُ بِهَا الْأَسْوَاقَ أَوْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي وَقْفٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيًّا فَكَمُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ.

(وَ) جَازَ نِكَاحُهَا (عَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ) الَّذِي فِي مِلْكِهِ (لِفُلَانٍ) أَوْ الصَّدَقَةُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا مَهْرَ لَهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهَا، ثُمَّ هِبَتَهُ أَوْ صَدَقَتَهُ (أَوْ) عَلَى أَنْ (يَعْتِقَ أَبَاهَا) مَثَلًا (عَنْهَا) وَالْوَلَاءُ لَهَا (أَوْ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَالْوَلَاءُ لَهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ.

وَلَمَّا كَانَ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ قَالَ (وَوَجَبَ) عَلَى الزَّوْجِ (تَسْلِيمُهُ) أَيْ تَعْجِيلُ الصَّدَاقِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا (إنْ تَعَيَّنَ) كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ الزَّوْجُ صَبِيًّا وَيُمْنَعُ تَأْخِيرُهُ كَبَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ إنْ دَخَلَا عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ الْأَجَلُ قَرِيبًا فَيَجُوزُ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُعَيَّنًا وَتَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ (فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، وَإِنْ) كَانَتْ (مَعِيبَةً) بِعَيْبٍ لَا قِيَامَ لَهُ بِهِ بِأَنْ رَضِيَ بِهِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ (مِنْ الدُّخُولِ) عَلَيْهَا (وَ) إنْ دَخَلَ فَلَهَا الْمَنْعُ مِنْ (الْوَطْءِ بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ بِمَعْنَى الِاخْتِلَاءِ بِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا بَعْدَ الْوَطْءِ (وَ) لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ (السَّفَرِ) مَعَهُ (إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ) مِنْ الْمَهْرِ أَصَالَةً أَوْ بَعْدَ التَّأْجِيلِ (لَا بَعْدَ الْوَطْءِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: فَلَهَا الْقِيَامُ بِهَا) أَيْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَاسْتِحْقَاقُهُ وَعَيْبُهُ كَالْبَيْعِ

(قَوْلُهُ: إلَى الدُّخُولِ) أَيْ كَأَتَزَوَّجُك بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا أَدْفَعُهُ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ عِنْدَ الدُّخُولِ.

(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ وَقْتُهُ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ بِالْعَادَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتُ الدُّخُولِ مَعْلُومًا لِأَنَّ الدُّخُولَ بِيَدِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ كَالْحَالِّ مَتَى شَاءَتْ أَخَذَتْهُ.

(قَوْلُهُ: كَالنِّيلِ) أَيْ عِنْدَ بَعْضِ فَلَّاحِي مِصْرَ وَكَالرَّبِيعِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْأَلْبَانِ وَالْجُذَاذِ عِنْدَ أَرْبَابِ الثِّمَارِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَأْجِيلُهُ إلَى الْمَيْسَرَةِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَلِيًّا أَيْ بِالْقُوَّةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَنَاقُضًا؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لِلْمَلَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَلِيءٍ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَلِيًّا يَقْتَضِي وُجُودَهُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَمَنْ عِنْدَهُ سِلَعٌ يَرْصُدُ بِهَا الْأَسْوَاقَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَيْعَهَا مَجْهُولٌ زَمَنُهُ فَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِتِلْكَ السِّلَعِ وَكَأَنَّ الصَّدَاقَ حَالٌّ بِاعْتِبَارِهَا.

(قَوْلُهُ: فَكَمُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ) أَيْ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ وَأَجَّلَهُ إلَى أَنْ تَطْلُبَهُ الْمَرْأَةُ مِنْهُ فَهَلْ هُوَ كَتَأْجِيلِهِ بِالْمَيْسَرَةِ فَيَكُونُ جَائِزًا أَوْ كَتَأْجِيلِهِ بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَيَكُونُ مَمْنُوعًا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ

(قَوْلُهُ: وَعَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ) الْبَاجِيَّ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْعَبْدِ وَصَارَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ فَاتَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ تَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَا يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ بِشَيْءٍ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن فَمَا قِيلَ: إنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ نِصْفِهِ كَالْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهَا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ النِّكَاحُ فَلَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ فَإِنْ قُلْتَ فِي مَسْأَلَةِ إذَا تَزَوَّجَهَا بِعِتْقِ أَبِيهَا عَنْهَا: كَيْفَ يُقَدِّرُ مِلْكَهَا لَهُ مَعَ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا؟ قُلْتُ: إنَّ تَقْدِيرَ مِلْكِهَا لَهُ فَرْضٌ لَا يُوجِبُ الْعِتْقَ حَتَّى يَتَعَطَّلَ تَمَلُّكُهَا لَهُ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْغَائِبِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُعَيَّنٍ بَعِيدٍ كَخُرَاسَانَ.

(قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: كَبَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ تَسْلِيمِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ بَيْعِهِ لِمَا يَلْحَقُ ذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَقْبِضُ لِإِمْكَانِ هَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ إنْ دَخَلَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّأْجِيلِ هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْجِيلَ حَقٌّ لِلَّهِ وَأَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَالْحَقُّ لَهَا فِي تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَلَهَا التَّأْخِيرُ، إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهَا بِالْعَقْدِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَالَهُ طفي وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ الرَّقِيقِ أَوْ الْحَيَوَانِ أَوْ الْأُصُولِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ صَحَّ النِّكَاحُ إنْ أَجَّلَ قَبْضَهُ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ غَالِبًا وَإِلَّا فَسَدَ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ وَجَبَ تَسْلِيمُهُ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ حَيْثُ اشْتَرَطَ التَّأْخِيرَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَانَ تَعْجِيلُهُ مِنْ حَقِّهَا فَإِنْ رَضِيَتْ بِالتَّأْخِيرِ جَازَ (قَوْلُهُ: وَتَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ) بِأَنْ طَلَبَ الزَّوْجُ قَبْلَ دَفْعِهِ وَطَلَبَتْ هِيَ دَفْعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ.

(قَوْلُهُ: فَلَهَا الْمَنْعُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْمَنْعِ وَالتَّمْكِينِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّمْكِينُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ مَالِكٍ حَيْثُ كَانَ قَبْلَ قَبْضِهَا رُبْعَ دِينَارٍ فَقَوْلُهُ: فَلَهَا أَيْ فَيُنْدَبُ لَهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الِاخْتِلَاءِ بِهَا) أَيْ لَا بِمَعْنَى الْوَطْءِ بِدَلِيلِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ) أَيْ وَغَايَةُ مَنْعِهَا مِنْ الدُّخُولِ وَمِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ إذَا مَكَّنَتْهُ مِنْ الدُّخُولِ وَمِنْ السَّفَرِ مَعَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا مَا حَلَّ مِنْ الْمَهْرِ وَإِنَّمَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>