للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ.

وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ هِبَةِ الرَّشِيدَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ هِبَةِ السَّفِيهَةِ فَقَالَ (وَإِنْ) (أَعْطَتْهُ سَفِيهَةٌ مَا يَنْكِحُهَا بِهِ) قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ (ثَبَتَ النِّكَاحُ وَ) لَكِنْ (يُعْطِيهَا مِنْ مَالِهِ) وُجُوبًا (مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ مَا أَعْطَتْهُ وَيُجْبَرُ إنْ امْتَنَعَ فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا رَدَّهُ لَهَا وَأَعْطَاهَا مِنْ مَالِهِ صَدَاقَ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ الْمُجْبَرِ لَيْسَ لَهُ عَقْدٌ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ.

(وَإِنْ وَهَبَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ سِيَاقِهِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْتَبَرُ هِبَتُهَا فَاتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى أَيْ وَهَبَتْ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهُ الزَّوْجُ لَهَا (الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ غَيْرُ الزَّوْجِ (وَقَبَضَهُ) مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ (ثُمَّ طَلَّقَ) الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (اتَّبَعَهَا) بِنِصْفِهِ (وَلَمْ تَرْجِعْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمَا غَرِمَتْهُ لِلزَّوْجِ (إلَّا إنْ تَبَيَّنَ) لَهُ (أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ) وَيَنْبَغِي إنْ عَلِمَهُ كَبَيَانِهَا فَإِنْ بَيَّنَتْ أَوْ عَلِمَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي مَلَكَتْهُ بِالطَّلَاقِ فَلَا تَرْجِعُ بِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ جَمِيعَ مَا وَهَبَتْهُ وَإِلَّا بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْحَجْرِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ حَتَّى يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي تَبَرُّعِهَا فِي خَالِصِ مَالِهَا وَهُنَا الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَ فَقَدْ تَبَرَّعَتْ بِمَا نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ) الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ وَطَلَّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (أُجْبِرَتْ هِيَ) عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مُعْسِرَةً كَانَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ مُوسِرَةً وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي مَالِهَا (وَ) يُجْبَرُ (الْمُطَلِّقُ) أَيْضًا عَلَى إنْفَاذِ هِبَتِهَا (إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ) فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَهُ لَمْ يُجْبَرْ هُوَ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِنِصْفِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي جَبْرِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا هِيَ فَتُجْبَرُ مُطْلَقًا.

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْ صَدَاقِهَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا فَفَارَقَهَا أَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا أَمَّا إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى فَتَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى فَقَالَ ح فِي الِالْتِزَامَاتِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ أَوْ بِالْبُعْدِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي الشُّرُوطِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَمَا فَرَّقُوا فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا مَا لَمْ يَقِفَا عَلَى نِصْفِ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ) أَيْ إنَّ مَحَلَّ رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِالْعَطِيَّةِ إذَا فَارَقَهَا عَنْ قُرْبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ فِيهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ طَلَاقُهَا لَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ وَتَعَمَّدَ الْحِنْثَ فِيهَا فَالْأُولَى كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا ابْتِدَاءً لِتَشَاجُرٍ وَالثَّانِيَةُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِهِ الدَّارَ، ثُمَّ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ فَدَخَلَ الدَّارَ عَمْدًا فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا إنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ بِضَمِّ التَّاءِ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ نَاسِيًا أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِهَا فَدَخَلَتْ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ أَيْ الْقَائِلِ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا فَارَقَهَا عَنْ قُرْبٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُفَارَقَةُ لِأَجْلِ يَمِينٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ فِيهَا قَالَ بْن وَهَذَا الْقَيْدُ لِأَصْبَغَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَإِنَّ قُصَارَى الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْفِرَاقُ هُنَا كَالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ فِيهِمَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَسْخِ الرُّجُوعُ فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا قَوْلُ أَصْبَغَ اهـ كَلَامُهُ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ إلَخْ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَرْجِعُ عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا وَهَبَتْهُ هِبَةً مُطْلَقَةً وَقَالَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: أَقْبِضُهَا مِنْ زَوْجِي، وَلَوْ صَرَّحَتْ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الصَّدَاقِ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ اهـ وَنَحْوُهُ مَا لِابْنِ يُونُسَ لِلَّخْمِيِّ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ بِالْوِفَاقِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ جَمِيعَ مَا وَهَبَتْهُ) أَيْ ثُلُثَ مَالِهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الثُّلُثَ إذَا لَمْ يَحْمِلْ جَمِيعَهُ بَطَلَ الْجَمِيعُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ مِثْلُهُ فِي خش وعبق، وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ هِبَتَهَا مَاضِيَةٌ مُطْلَقًا وَلَا كَلَامَ لِلزَّوْجِ فِيهَا لِخُرُوجِ الزَّوْجَةِ مِنْ عِصْمَتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ) أَيْ إنْ أَيْسَرَتْ بِالنِّصْفِ الَّذِي وَجَبَ لِلزَّوْجِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَلَا يُشْتَرَطُ يُسْرُهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ بِالْجَمِيعِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُطَلِّقِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِحَقِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّمَسُّكُ) أَيْ وَلَهُ حَبْسُ نِصْفِهِ لِحَقِّهِ فِيهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ فِي إنْفَاذِهَا حِينَئِذٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهَا مَالٌ غَيْرُ الصَّدَاقِ الْمَوْهُوبِ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ أَيْضًا أَمْ لَا فَإِنَّهَا تُجْبَرُ هِيَ وَزَوْجُهَا الْمُطَلِّقُ عَلَى إنْفَاذِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي مَالِهَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ أَيْسَرَتْ يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>