للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ عَلَيْهَا وَذِكْرُ مَفْهُومٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ عَلِمَ) الْوَلِيُّ (دُونَهَا) الْوَجْهُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عِلْمِهِ عَلِمَتْ أَمْ لَا (لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا) جَزْمًا (وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ الْعِتْقِ.

(قَوْلَانِ) وَعَلَى الْعِتْقِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَى عَدَمِ الْعِتْقِ يَكُونُ رَقِيقًا لِلزَّوْجِ وَيَغْرَمُ لَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَلَا يَكُونُ رَقِيقًا لَهُمَا، إذْ لَا يَبْقَى فِي مِلْكِهَا مَنْ يَعْتِقُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَيْهَا.

(وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ) الصَّدَاقَ حَالَ كَوْنِهِ (فِي يَدِهِ) أَيْ الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا وَأَوْلَى فِي يَدِهَا (فَلَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لَهَا (، وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا نِصْفَ قِيمَتِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ (إلَّا أَنْ تُحَابِيَ) فِي إسْلَامِهِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَالشَّرِكَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَبْدِ بِالنِّصْفِ وَلَهُ إجَازَةُ فِعْلِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ (وَإِنْ فَدَتْهُ بِأَرْشِهَا) أَيْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (فَأَقَلَّ لَمْ يَأْخُذْهُ) الزَّوْجُ أَيْ لَمْ يَأْخُذْ نِصْفَهُ مِنْهَا (إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ بِدَفْعِ نِصْفِ الْفِدَاءِ (وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وَ) إنْ فَدَتْهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ أَرْشِهَا (فَكَالْمُحَابَاةِ) فَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ فِعْلَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا نِصْفَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَقَطْ دُونَ الزَّائِدِ وَيَأْخُذَ نِصْفَ الْعَبْدِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهَا فِيهِ (وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ) عَلَى الزَّوْجِ (بِمَا) أَيْ بِجَمِيعِ الَّذِي (أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ) صَدَاقٍ (أَوْ ثَمَرَةٍ) ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ فَفَسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ حَيْثُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ.

(وَجَازَ) (عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ الْمُجْبَرَةَ) كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِ (عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] لَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ (ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَبْلَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَهَلْ) وَهُوَ (وِفَاقٌ) لِقَوْلِ الْإِمَامِ بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ خِلَافٌ بِحَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ (تَأْوِيلَانِ) لَا بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ رَشَدَتْ (وَقَبَضَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (مُجْبَرٌ وَصِيٌّ) ، وَكَذَا وَلِيُّ سَفِيهَةٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوَصِيِّ وَصِيَّ الْمَالِ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبَرٍ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى الْمُجْبَرِ فَيَشْمَلُ وَلِيَّ السَّفِيهَةِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَيْهِ قَوْلَانِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ أَيْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ عِتْقِهِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ عَلَيْهَا أَيْ كَمَا فَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ عَلِمْت نَصَّهَا

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لَهَا) أَيْ فَإِنْ شَاءَتْ دَفَعَتْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَأَبْقَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ أَسْلَمَتْهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْجِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عِشْرِينَ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ أَيْ وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ.

(قَوْلُهُ: وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) ذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ بِمَا أَنْفَقَتْ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ) الْأَوْلَى عَفْوُ أَبِي الْمُجْبَرَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا صَغُرَتْ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ أَيْ دُونَ غَيْرِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا مُجْبَرًا وَخَصَّ الْأَبَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ شَفَقَتِهِ دُونَ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ) أَيْ وَأَوْلَى عَنْ أَقَلَّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) حَمَلَهُ أَصْحَابُنَا عَلَى الْأَبِ وَحَمَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الزَّوْجِ عَنْ التَّشْطِيرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بِيَدِهِ حَلُّ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَ.

(قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ) أَيْ وَجَازَ الْعَفْوُ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِمَصْلَحَةٍ كَعُسْرِ الزَّوْجِ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِطَرْحِ الْبَعْضِ.

(قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الدُّخُولِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ رَشَدَتْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ ثَيِّبًا صَارَ الْكَلَامُ لَهَا فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ صَغِيرَةً فَالْكَلَامُ لِلْأَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ لِمَصْلَحَةٍ، كَذَا فِي خش وعبق وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، إذْ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا عَفْوَ لَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ كَانَتْ رَشِيدَةً أَوْ لَا فَفِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَافْتَضَّهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ لَا مِنْ الْأَبِ وَلَا مِنْهَا. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَافْتَضَّهَا فَقَدْ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا بِالْمَسِيسِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَضَعَ حَقًّا قَدْ وَجَبَ لَهَا إلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَهُوَ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] الْآيَةَ وَإِذَا مُنِعَ الْعَفْوُ فِي الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَفِي السَّفِيهَةِ أَحْرَى اهـ بْن، وَكَذَا لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَقَبَضَهُ مُجْبَرٌ) أَيْ وَهُوَ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَلَوْ عَانِسًا وَالثَّيِّبُ إنْ صَغُرَتْ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ بَالِغَةً أَمْ لَا ثَيِّبًا أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَوَصِيٌّ) أَيْ أَوْصَاهُ الْأَبُ بِإِنْكَاحِهَا وَأَمَرَهُ بِجَبْرِهَا أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا وَلِيُّ سَفِيهَةٍ) أَيْ الْمُوَلَّى عَلَى النَّظَرِ فِي مَالِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ تَوْلِيَةُ الْعَقْدِ كَالْأَبِ أَوْ لَا كَالْأَجْنَبِيِّ، فَوَلِيُّ الْعَقْدِ فَقَطْ لَا يَقْبِضُ صَدَاقَهَا، وَلَوْ كَانَ أَخًا أَوْ أَبًا فَإِنْ كَانَتْ السَّفِيهَةُ مُهْمِلَةً فَلَا تَقْبِضُ صَدَاقَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَلْ يُرْفَعُ أَمْرُهَا لِلْحَاكِمِ فَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ وَاشْتَرَى لَهَا بِهِ جَهَازًا، وَإِنْ شَاءَ عَيَّنَ لَهَا مَنْ يَقْبِضُهُ وَيَصْرِفُهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ بِهِ مِمَّا يَجِبُ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّفْعُ إلَيْهِ أَوْ خِيفَ عَلَى الصَّدَاقِ مِنْهُ حَضَرَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ فَيَشْتَرُونَ لَهَا بِصَدَاقِهَا جَهَازًا وَيُدْخِلُونَهُ بَيْتَ الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ عَازِيًا ذَلِكَ لِمَالِكٍ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَصِيُّ الْمَالِ) أَيْ الْوَصِيُّ الَّذِي أَوْصَاهُ الْأَبُ أَوْ أَقَامَهُ الْقَاضِي عَلَى النَّظَرِ فِي مَالِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>