للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ قَرْضٍ لَا مَنْ عَجَّلْ مَا أُجِّلَ عُدَّ مُسْلِفًا وَقَدْ انْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ انْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ سُوءِ الْخُصُومَاتِ وَسُوءِ الِاقْتِضَاءَاتِ عَنْ نَفْسِهِ أَيْ لِاحْتِمَالِ عُسْرِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ فَيُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ (أَوْ لَا) يَمْنَعُ وَلَا يَرُدُّ الدَّيْنَ إلَى أَجَلِهِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى (تَأْوِيلَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي لِأَنَّ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَا يُعَدُّ تَعْجِيلُهُ سَلَفًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَدَفْعُ سُوءِ الْخُصُومَاتِ فِي قُدْرَتِهِ إذْ لَوْ عَجَّلَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَإِسْقَاطُ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فِي قُدْرَتِهِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَقَوْلُهُ (وَبَانَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْهُ حَيْثُ وَقَعَ بِعِوَضٍ ثُمَّ الْعِوَضُ لِلزَّوْجِ أَمْ لَا بَلْ (وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ) إنْ (نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى لَفْظِ الْخُلْعِ فَالْمُصَنِّفُ سَقَطَ مِنْهُ أَدَاةُ الشَّرْطِ (أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ أَيْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَوْ وَقَعَ بِلَا عِوَضٍ أَوْ بِعِوَضٍ وَنَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ بِأَنْ قَالَ طَلُقَتْ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَكَذَا إذَا تَلَفَّظَ بِالْخُلْعِ وَنَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ لَا يَقَعُ إلَّا بَائِنًا (كَإِعْطَاءِ مَالٍ) لِزَوْجِهَا (فِي الْعِدَّةِ) مِنْ طَلَاقِهَا الرَّجْعِيِّ (عَلَى نَفْيِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ فَتَبِينُ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ (كَبَيْعِهَا) أَيْ بَيْعِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي مَجَاعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ تَزْوِيجِهَا) أَيْ تَزْوِيجِهِ إيَّاهَا لِشَخْصٍ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ هَزْلًا وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا (وَالْمُخْتَارُ نَفْيُ اللُّزُومِ) أَيْ لُزُومِ الطَّلَاقِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ (و) بَانَتْ بِكُلِّ (طَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الضَّمَانَ وَأَزِيدُك (قَوْلُهُ مِنْ قَرْضٍ) رَاجِعٌ لِلْعَرْضِ وَالطَّعَامِ (قَوْلُهُ بِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بِلَا خُلْعٍ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ فِي قُدْرَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي قُدْرَتِهِ بِغَيْرِ تَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ إذْ لَا يُقَالُ إلَّا إذَا كَانَ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ إلَّا تَعْجِيلُ الْمُؤَجَّلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَقَوْلُهُ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ تَمَّ الْعِوَضُ هَذَا دَالٌّ عَلَى الْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ، وَقَوْلُهُ وَبَانَتْ الزَّوْجَةُ مِنْهُ إذَا وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ شَامِلٍ لِمَا إذَا تَمَّ لَهُ الْعِوَضُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبًا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ) مُبَالَغَةٌ فِي بَيْنُونَةِ الْمُخْتَلِعَةِ أَيْ وَبَانَتْ الْمُخْتَلِعَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْخُلْعُ مُلْتَبِسًا بِعِوَضٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِلَا عِوَضٍ، وَقَوْلُهُ إنْ نَصَّ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ بَاؤُهُ لِلْمُلَابَسَةِ مُتَعَلِّقٌ بِنَصَّ وَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِلْخُلْعِ أَيْ وَبَانَتْ الْمُخْتَلِعَةُ هَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْخُلْعِ بَلْ وَلَوْ نَصَّ عَلَى الْخُلْعِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِلَا عِوَضٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا خَالَعْتكِ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ وَمِثْلُ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي لُزُومِ الْبَيْنُونَةِ بِهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ لَفْظُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَالِافْتِدَاءِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا صَالَحْتُك أَوْ أَنَا مُصَالِحٌ لَك أَوْ أَنْتِ مُصَالَحَةٌ أَوْ أَنَا مُبْرِيكِ أَوْ أَنْتِ مُبْرَأَةٌ أَوْ أَنَا مُفْتَدٍ مِنْك أَوْ أَنْتِ مُفْتَدَاةٌ مِنِّي قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنْتِ بَارِزَةٌ عَنْ ذِمَّتِي أَوْ عَنْ عِصْمَتِي أَوْ أَنْتِ خَالِصَةٌ مِنِّي أَوْ خَالِصَةٌ مِنْ عِصْمَتِي أَوْ لَسْتِ لِي عَلَى ذِمَّةٍ كَذَا قَرَّرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَعَ التَّنْصِيصِ عَلَى الرَّجْعَةِ يَكُونُ بَائِنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْعِوَضَ طَلَّقْتُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَإِعْطَاءِ مَالٍ) أَيْ أَوْ إبْرَاءٍ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا تَلَفَّظَ بِالْخُلْعِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ وَلِي عَلَيْكِ الرَّجْعَةُ (قَوْلُهُ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ) أَيْ بِقَبُولِ الْمَالِ عَلَى عَدَمِ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الِارْتِجَاعِ الَّذِي قَبِلَ الْمَالَ لِأَجْلِهِ مَلْزُومٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَمَتَى حَصَلَ الْمَلْزُومُ حَصَلَ اللَّازِمُ وَهُوَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فَالطَّلَاقُ الَّذِي أَنْشَأَهُ الْآنَ وَقَبُولُهُ الْمَالَ غَيْرُ الطَّلَاقِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا إذْ الْحَاصِلُ مِنْهُ أَوَّلًا رَجْعِيٌّ، وَهَذَا الَّذِي أَنْشَأَهُ بِقَبُولِ الْمَالِ الْبَائِنُ وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى فَتَنْقَلِبُ الْأُولَى بَائِنًا قَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ بِقَبُولِ الْمَالِ شَيْءٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَيَرُدُّ لَهَا مَالَهَا وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قُلْت هُوَ ظَاهِرٌ إنْ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ بِأَنْ قَالَ قَبِلْتُ هَذَا الْمَالَ عَلَى عَدَمِ الرَّجْعَةِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ الْقَبُولُ بِغَيْرِ اللَّفْظِ بِأَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَسَكَتَ فَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ اللَّفْظِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْقَبُولِ كَالسُّكُوتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اللَّفْظِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ.

(قَوْلُهُ أَيْ بَيْعُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ أَوْ تَزْوِيجُهَا أَيْ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ فَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَمِثْلُ بَيْعِهِ وَتَزْوِيجِهِ لَهَا مَا لَوْ بِيعَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ زُوِّجَتْ وَالزَّوْجُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَإِنَّهَا تَبِينُ أَيْضًا، وَأَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ أَنْكَرَهُ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ هَزْلًا) أَيْ هَذَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ جِدًّا بَلْ وَلَوْ فَعَلَهُ هَزْلًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِنَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ بَاعَ امْرَأَتَهُ أَوْ زَوَّجَهَا هَازِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ الْهَازِلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ اهـ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ وَبَيْنَ غَيْرِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ هَازِلٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ هَازِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا) أَيْ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِهَا وَلَا مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِهَا حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَبِيعَهَا ثَانِيًا (قَوْلُهُ حَكَمَ بِهِ) أَيْ بِإِنْشَائِهِ لِكَعَيْبٍ أَوْ إضْرَارٍ أَوْ نُشُوزٍ أَوْ فَقْدٍ أَمَّا إذَا حَكَمَ بِصِحَّتِهِ أَوْ لُزُومِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ فَإِذَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ مَجْنُونٌ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ عَاقِلًا فَحُكِمَ بِصِحَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>