للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَرْدَفَ فِي الْعِدَّةِ (وَلَمْ يُجْبَرْ) الْمُطَلِّقُ (عَلَى الرَّجْعَةِ) فِي الْمَكْرُوهِ وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فَقَطْ قَوْلُهُ (كَقَبْلِ الْغُسْلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ (أَوْ) قَبْلَ (التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ) بِهِ الْوَطْءُ بَعْدَ الطُّهْرِ لِمَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ وَإِنَّمَا كَانَ تَشْبِيهًا فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فَقَطْ دُونَ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَنْعُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَمُنِعَ) الْوَاقِعُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ وَكَذَا فِي النِّفَاسِ.

(وَوَقَعَ) أَيْ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ (وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ) وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ الْإِيقَاعَ فِيهِ كَمَنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْحَيْضِ فَدَخَلَتْهَا زَمَنَهُ.

(وَلَوْ) أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي طُهْرٍ (لِمُعَادَةِ الدَّمِ) أَيْ عَلَى امْرَأَةٍ يُعَاوِدُهَا الدَّمُ (لِمَا) أَيْ فِي زَمَنٍ (يُضَافُ فِيهِ) الدَّمُ الثَّانِي (لِلْأَوَّلِ) وَهِيَ الَّتِي تَقْطَعُ طُهْرَهَا بِأَنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ طُهْرٍ تَمَّ وَقَدْ طَلَّقَهَا وَقْتَ طُهْرِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ عَوْدِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَالْأَحْسَنُ) عِنْدَ الْبَاجِيَّ (عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ الْجَبْرِ لِأَنَّهُ طَلَّقَ حَالَ الطُّهْرِ وَالْجَبْرُ يَسْتَمِرُّ (لِآخِرِ الْعِدَّةِ) أَيْ إذَا غَفَلَ عَنْهُ حِينَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ إلَى أَنْ طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَوْلُهُ أَبَاحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ طَلَاقَهَا فَلَمْ يَكُنْ لِلْإِجْبَارِ مَعْنًى وَالْإِجْبَارُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْحَاكِمُ أَوْ بِارْتِجَاعِهَا فَإِنْ امْتَثَلَ فَظَاهِرٌ (وَإِنْ أَبَى هُدِّدَ) بِالسِّجْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إيقَاعُ اثْنَتَيْنِ مَكْرُوهٌ وَثَلَاثَةٍ مَمْنُوعٌ وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاللُّبَابِ وَعَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ لَكِنْ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ مُرَادُهُ التَّحْرِيمُ اهـ مِنْ التَّوْضِيحِ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ مَنْ أَوْقَعَهَا وَحُكِيَ فِي الِارْتِشَافِ عَنْ بَعْضِ الْمُبْتَدِعَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَا ذَبَحْت بِيَدِي دِيكًا قَطُّ وَلَوْ وَجَدْت مَنْ يَرُدُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَذَبَحْته بِيَدِي، وَهَذَا مِنْهُ مُبَالَغَةٌ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ اهـ بْن وَقَدْ اشْتَهَرَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ ابْنِ تَيْمِيَّةَ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ ضَالٌّ مُضِلٌّ لِأَنَّهُ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَسَلَكَ مَسْلَكَ الِابْتِدَاعِ وَبَعْضُ الْفَسَقَةِ نَسَبَهُ لِلْإِمَامِ أَشْهَبَ لِأَجْلِ أَنْ يُضِلَّ بِهِ النَّاسَ وَقَدْ كَذَبَ وَافْتَرَى عَلَى هَذَا الْإِمَامِ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الْإِمَامُ الْمُحِيطُ قَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ الثَّلَاثِ وَأَنَّ صَاحِبَ الِارْتِشَافِ نَقَلَ لُزُومَ الْوَاحِدَةِ عَنْ بَعْضِ الْمُبْتَدِعَةِ اهـ مُؤَلَّفٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَرْدَفَ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ أَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ لَكِنَّهُ أَرْدَفَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ طَلْقَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فَقَطْ) أَيْ لَا فِي عَدَمِ الْجَبْرِ وَالْكَرَاهَةِ لِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الْحُرْمَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الرَّجْعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ كَقَبْلِ الْغُسْلِ) أَيْ كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَبَعْدَ أَنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ مِنْ قَصَّةٍ أَوْ جُفُوفٍ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ التَّيَمُّمِ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ الْوَطْءُ بَعْدَ رُؤْيَةِ عَلَامَةِ الطُّهْرِ لِأَجْلِ مَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ فَقَدْ أُعْطِيت تِلْكَ الْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ حُكْمَ الْحَائِضِ مِنْ حَيْثُ مَنْعُ الطَّلَاقِ وَحُكْمَ الطَّاهِرِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الطُّهْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْجَائِزِ وَكَذَا قَوْلُهُ لِمَرَضٍ أَيْ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ الْوَطْءُ بَعْدَ الطُّهْرِ لِأَجْلِ مَرَضٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَمُنِعَ فِيهِ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَى) (الرَّجْعَةِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الطَّلَاقُ بِالثَّلَاثِ أَوْ مُكَمِّلًا لَهَا

. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُعَادَةِ الدَّمِ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ لَا فِيهِ وَفِي الْحُرْمَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا انْقَطَعَ عَنْهَا دَمُ الْحَيْضِ قَبْلَ تَمَامِ عَادَتِهَا وَطَهُرَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ طُهْرٍ تَامٍّ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ وَقَعَ فِي طُهْرٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الدَّمُ الْعَائِدُ بَعْدَ ذَلِكَ الطُّهْرِ يُضَافُ لِلدَّمِ قَبْلَهُ لِعَوْدِهِ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ دَمٍ وَاحِدٍ وَنُزِّلَ الطُّهْرُ بَيْنَهُمَا كَلَا طُهْرَ وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ عَوْدِهِ) أَيْ بِسَبَبِ ظَنِّهِ عَدَمَ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْبَاجِيَّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالْأَحْسَنُ عَدَمُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّهِ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ لِمُعَادَةِ الدَّمِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ طَلَّقَ حَالَ الطُّهْرِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَعْتَبِرُ الْحَالَ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَعْتَبِرُ الْمَآلَ (قَوْلُهُ وَالْجَبْرُ يَسْتَمِرُّ لِآخِرِ الْعِدَّةِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِآخِرِ الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَقَوْلُهُ لِآخِرِ الْعِدَّةِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْهَا قَبْلَ ارْتِجَاعِهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَلَا رَجْعَةَ لَهَا (قَوْلُهُ مَا بَقِيَ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ وَهَذِهِ قَدْ بَقِيَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ لِأَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي إلَّا بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيْضَةِ الَّتِي أَوْقَعَ فِيهَا الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ أَبَاحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ طَلَاقَهَا) أَيْ طَلَاقَ الْمَرْأَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ الْمَرْأَةُ بِحَقِّهَا فِي الرَّجْعَةِ لِأَنَّ الِارْتِجَاعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>