للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَفِي لُزُومِ) يَمِينِ (طَاعَةٍ أُكْرِهَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَلِفِ بِهَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ لَا يَغُشَّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَيَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا أَوْ لَيُصَلِّيَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَمَتَى شَرِبَ أَوْ غَشَّ وَمَتَى لَمْ يَتَصَدَّقْ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ حَنِثَ وَلَا يُعَدُّ مُكْرَهًا وَعَدَمُ اللُّزُومِ فَلَا حِنْثَ نَظَرًا لِلْإِكْرَاهِ (قَوْلَانِ) وَأَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِمَعْصِيَةٍ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ لَيَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ أَوْ بِمُبَاحٍ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ اتِّفَاقًا وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ قَوْلَهُ (كَإِجَازَتِهِ) أَيْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ (كَالطَّلَاقِ) بِمَعْنَى مِثْلُ فَيَدْخُلُ الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَنَحْوُهَا أَيْ أَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ ثُمَّ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ أَجَازَهُ (طَائِعًا) فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ نَظَرًا لِلطَّوْعِ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْإِكْرَاهِ بَاقٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا لَا يَصِحُّ بَعْدُ قَوْلَانِ (وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ) فَيَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَدْخُلُ النِّكَاحُ تَحْتَ الْكَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ اتِّفَاقًا

(وَمَحَلُّهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (مَا مَلَكَ) مِنْ الْعِصْمَةِ فَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى عِصْمَةٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ (وَإِنْ تَعْلِيقًا كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَيْ قَالَ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ دَخَلْت) الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ (وَنَوَى) إنْ دَخَلْتهَا (بَعْدَ نِكَاحِهَا) (وَتَطْلُقُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (عَقِبَهُ) بِدُونِ يَاءٍ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ أَيْ عَقِبَ النِّكَاحِ فِي الْأُولَى وَعَقِبَ دُخُولِ الدَّارِ فِي الثَّانِيَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (النِّصْفُ) أَيْ نِصْفُ صَدَاقِهَا لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَمَّا لَوْ كَانَتْ طَائِعَةً وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ فَيَجُوزُ لَهُ الزِّنَا بِهَا إذَا خُوِّفَ بِالْقَتْلِ لَا بِغَيْرِهِ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ سَحْنُونًا سَوَّى بَيْنَ الزِّنَا بِالطَّائِعَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ وَبَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَكُونُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مُطْلَقًا اهـ بْن

(قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِ يَمِينِ طَاعَةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى طَاعَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الطَّاعَةُ تَرْكًا أَوْ فِعْلًا فَهَلْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْيَمِينُ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ عَلَى الْحَلِفِ بِهَا أَيْ بِالطَّاعَةِ أَيْ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ نَفْيًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الطَّاعَةِ نَفْيًا أَيْ تَرْكًا لِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ إثْبَاتًا أَيْ فِعْلًا لِشَيْءٍ.

(قَوْلُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْمَعْصِيَةِ أَوْ الْمُبَاحِ وَلَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ فِعْلِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهَا أَيْ وَفِعْلُهُ وَقَوْلُهُ أَجَازَهُ أَيْ أَجَازَ مَا فَعَلَهُ مُكْرَهًا (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا) أَيْ حَالَ الْإِكْرَاهِ وَقَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَعْدَ أَيْ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَاسِدًا (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) هُمَا لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَأَحْكَامُ الطَّلَاقِ مِنْ عِدَّةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ طَلَاقِ الْفُضُولِيِّ إذَا أَجَازَهُ الزَّوْجُ فَإِنَّ أَحْكَامَ الطَّلَاقِ تُعْتَبَرُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُوقِعَ وَالْمُجِيزَ هُنَا وَاحِدٌ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ فَالْمُوقِعُ لَهُ غَيْرُ الْمُجِيزِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِجَازَتِهِ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَلَوْ انْعَقَدَ لَبَطَلَ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ تَحْقِيقًا بَلْ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ تَعْلِيقًا أَيْ ذَا تَعْلِيقٍ أَوْ مُعَلَّقًا عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَلِقَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ التَّعْلِيقِ غَيْرَ صَرِيحٍ بِأَنْ كَانَ بِالنِّيَّةِ كَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ تَزْوِيجِهِ بِهَا، وَكَالْمِثَالِ الثَّانِي فِي الْمَتْنِ أَوْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَانَ صَرِيحًا كَإِنْ تَزَوَّجَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ طَالِقٌ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّصْرِيحَ بِهِ لِوُضُوحِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّعْلِيقِ غَيْرِ الصَّرِيحِ لِخَفَائِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْعِصْمَةُ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ الطَّلَاقِ لَا حَقِيقَةً وَلَا تَعْلِيقًا فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ كَمَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مِنْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ) أَيْ لَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِهِ لَهَا فَوُقُوعُ هَذَا الْكَلَامِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجَهَا (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ) حَذْفُهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ إنْ دَخَلْت فَقَطْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ إذْ لَوْ رَجَعَ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا (قَوْلُهُ وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ فَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ بِلُزُومِ التَّعْلِيقِ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْعَقِبِ الْمُقَارَنَةُ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُمْ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَيْ قَدْ يَقَعَانِ فَلَيْسَ كُلِّيًّا تَأَمَّلْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ) أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ وَهُمَا الَّتِي قَالَ لَهَا عِنْدَ الْخِطْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>