وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا يَتَعَدَّدُ وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ لَا عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ (كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ أَيْ فَكَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَلْزَمُهُ أَيْضًا إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ حَيْثُ أَبْقَى مِنْ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنْ النِّسَاءِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَأَنْ أَبْقَى أَهْلَ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ نِسَاءٍ أَوْ زَمَانٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ زَمَانٍ وَقَوْلُهُ (بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَبْقَى كَمَا مَثَّلْنَا لَهُمَا
(أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ فِي مُدَّةِ عَشْرِ سِنِينَ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ ظَاهِرًا أَيْ غَالِبًا وَهِيَ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ الْآتِي بَيَانُهَا وَلَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ مُدَّةٍ بَعْدَ مَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا يَتَزَوَّجُ فِيهَا وَيَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزَوُّجِ (لَا فِيمَنْ) أَيْ زَوْجَةٍ (تَحْتَهُ) حَالَ الْيَمِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا (إلَّا إذَا) أَبَانَهَا ثُمَّ (تَزَوَّجَهَا) فَتَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ (وَلَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا إلَخْ وَلِمَنْ أَبَانَهَا حَيْثُ كَانَتْ الْأَدَاةُ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ بِالْحِنْثِ وَبِحُرْمَةِ الْوَطْءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَالِمَةً طَائِعَةً (قَوْلُهُ كَانَ أَبْقَى كَثِيرًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِتَعْلِيقٍ أَوْ بِدُونِهِ وَقَدْ مَثَّلَ الشَّارِحُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا.
(قَوْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ فَهِيَ طَالِقٌ) فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَأَهْلِ بَلَدِ كَذَا وَالسُّودَانُ وَالرُّومِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَقِيَ فَإِذَا تَزَوَّجَ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ طَلُقَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ مِنْ كَذَا) أَيْ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَيْ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ حَيْثُ أَبْقَى إلَخْ) هَذِهِ حَيْثِيَّةُ تَقْيِيدٍ أَيْ إنْ أَبْقَى وَهُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا إذَا قَالَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَأَنْ أَبْقَى أَهْلَ مَكَّةَ) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (قَوْلُهُ مِنْ نِسَاءٍ) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَهِيَ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ زَمَانٍ نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ زَمَانٍ) أَيْ فَذِكْرُهُ الزَّمَانَ يَقْتَضِي أَنْ يُقَدِّرَ الْمَوْصُوفُ شَيْئًا إذْ لَوْ قَدَّرَ نِسَاءً فَقَطْ لَزِمَ أَنْ يُفَسِّرَ كَثِيرًا بِمَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَهُ
(قَوْلُهُ الْآتِي بَيَانُهَا) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا سَبْعِينَ سَنَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ ثَمَانِينَ أَوْ خَمْسًا وَسَبْعِينَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُعَمَّرُ هُنَا بِالتِّسْعِينَ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ احْتِيَاطًا فِي الْفُرُوجِ أَيْ بِخِلَافِ الْمَفْقُودِ فَإِنَّهُ يُعَمَّرُ فِيهِ بِسَبْعِينَ أَوْ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ لَهُ النَّفْعُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزْوِيجِ مِنْ حَيْثُ الْوَطْءُ لَا مُجَرَّدُ الْعَقْدِ كَأَنْ يُقَدَّرَ لَهُ سَنَتَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِانْتِفَاعُ بِوِلَادَةِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً وَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي مُدَّةِ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ أَوْ عِشْرِينَ عَامًا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِذَا ضُمَّتْ الْمُدَّةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ كَانَتْ الْجُمْلَةُ ثَلَاثِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ فَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْعُمْرِ الْمُعْتَادِ ثَلَاثُونَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعُونَ وَهَذِهِ الْمُدَّةُ يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّزَوُّجُ وَالِانْتِفَاعُ بِالزَّوَاجِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ فِي الزَّمَانِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ وَأَمَّا إذَا كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً وَحَلَفَ عَلَى تَرْكِ الزَّوَاجِ خَمْسِينَ سَنَةً فَلَا يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ السَّبْعِينَ مُدَّةُ الْعُمْرِ الْمُعْتَادِ فَلَمْ يَبْقَ زَمَانٌ يَتَزَوَّجُ فِيهِ وَيَنْتَفِعُ بِالزَّوَاجِ فِيهِ.
ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا غَيْرَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ يُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى التَّزَوُّجِ فِي زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ وَمَا يَأْتِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سَنَةٍ وَحَيْثُ كَانَ الْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفًا فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي تَكْرَارًا مَعَ مَا هُنَا (قَوْلُهُ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ وَلَهُ زَوْجَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ الْبَلَدِ تَحْتَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ نِكَاحُهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ وَنَوَى إذَا تَزَوَّجَهَا أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ وَهِيَ أَنَّ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ، وَالْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِهَذَا الْعَقْدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنِّي طَالِقٌ عَقِبَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ صَدَاقًا إنْ تَزَوَّجَتْهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّ جَوَازَ تَزَوُّجِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْوَطْءُ لَكِنْ لَهُ فَائِدَةٌ تَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ حِلِّيَّتُهَا لَهُ وَتَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَلِذَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ لَمْ يُبَحْ لَهُ تَزَوُّجُهَا لَأَنْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ أَبَانَهَا) أَيْ وَلِمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ الْأَدَاةُ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) هَذَا الْقَيْدُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ