للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا) فِي ذَاتِهِ بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا) فَطَالِقٌ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ وَعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ (أَوْ) إلَّا (مِنْ قَرْيَةٍ) سَمَّاهَا وَهِيَ (صَغِيرَةٌ) فِي نَفْسِهَا دُونَ الْمَدِينَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ (أَوْ) قَالَ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (حَتَّى أَنْظُرَهَا) أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا (فَعَمِيَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ (أَوْ) عَمَّ (الْأَبْكَارَ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (بَعْدَ) قَوْلِهِ (كُلُّ ثَيِّبٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْأَبْكَارِ؛ لِأَنَّهُنَّ الَّتِي حَصَلَ بِهِنَّ التَّضْيِيقُ وَيَلْزَمُهُ فِي الثِّيَابِ لِتَقَدُّمِهِنَّ (وَبِالْعَكْسِ) فَيَلْزَمُهُ فِي الْأَبْكَارِ دُونَ الثِّيَابِ (أَوْ خَشِيَ) عَلَى نَفْسِهِ (فِي الْمُؤَجَّلِ) بِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا كَكُلُّ (امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ طَالِقٌ (الْعَنَتَ وَتَعَذَّرَ) عَلَيْهِ (التَّسَرِّي) فَلَهُ التَّزَوُّجُ.

(أَوْ) قَالَ (آخِرُ امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَتَزَوَّجُ مَنْ شَاءَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ (وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ عَنْ) الزَّوْجَةِ (الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً) فَتَحِلُّ الْأُولَى (ثُمَّ كَذَلِكَ) أَيْ يُوقَفُ عَنْ الثَّانِيَةِ حَتَّى يَنْكِحَ ثَالِثَةٌ فَتَحِلُّ لَهُ الثَّانِيَةُ وَهَكَذَا ضَعِيفٌ (وَ) عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِأَنَّ الزَّوْجَةَ أَضْبَطُ لِمَا لَهُ مِنْ السُّرِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا فِي ذَاتِهِ) أَيْ كَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا مِنْ قَرْيَةِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ تَبْقِيَةَ ذَلِكَ الْقَلِيلِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ كَالْعَدَمِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ مِثَالٌ لِهَذَا، فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ عَمَّ النِّسَاءَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَطْلُقُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ، قُلْت: إنَّ الْأَوْلَى عَمَّمَ فِيهَا التَّحْرِيمَ وَلَمْ يُبْقِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَخُفِّفَ عَلَيْهِ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ خَصَّ التَّحْرِيمَ بِاَلَّتِي يَتَزَوَّجُهَا وَأَبْقَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا كَثِيرًا وَهُوَ الَّتِي لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا الصَّادِقُ بِمَنْ تَحْتَ عِصْمَتِهِ وَبِغَيْرِهَا فَشَدَّدَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ فَرُوعِيَ حَقُّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيقَ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ عَامٌّ وَلَيْسَ فِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ فَالتَّعْلِيقُ فِيهَا خَاصٌّ وَفِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ.

(قَوْلُهُ كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا) أَيْ فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَنْ تَزَوَّجَهَا غَيْرَ تَفْوِيضٍ (قَوْلُهُ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ أَيْ إنَّ شَأْنَهُ الْقِلَّةُ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْتَادًا لِقَوْمٍ لُزُومُ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ حَتَّى أَنْظُرَهَا) حَتَّى هُنَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهَا أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَبِهَذَا أَيْ جَعَلَهَا اسْتِثْنَائِيَّةً وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ ظَهَرَ كَلَامُهُ، وَأَمَّا لَوْ جُعِلَتْ غَائِيَّةً كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَيَسْتَمِرُّ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَإِذَا نَظَرْت إلَيْهَا ارْتَفَعَ الطَّلَاقُ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَرْتَفِعُ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ) أَيْ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ وَمِثْلُهُ يَنْظُرُهَا فُلَانٌ فَعَمِيَ أَوْ مَاتَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَتَزَوَّجُ حَتَّى يَخْشَى الزِّنَا وَلَمْ يَجِدْ مَا يَتَسَرَّى بِهِ وَكُلُّ هَذَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ حَتَّى أَنْظُرَهَا أَوْ يَنْظُرَهَا فُلَانٌ وَأَمَّا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ حَتَّى أَنْظُرَهَا أَوْ يَنْظُرَهَا فُلَانٌ فَعَمِيَ فَإِنَّ الْيَمِينَ لَازِمَةٌ لَهُ وَمَتَى تَزَوَّجَ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ بَعْدَ عَمَاهُ طَلُقَتْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَدْرِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَمَّ الْأَبْكَارَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَكُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْيَمِينِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ كِنَانَةَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِدَوَرَانِ الْحَرَجِ مَعَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِيهِمَا نَظَرًا لِلتَّخْصِيصِ فِيهِمَا وَقِيلَ لَا تَلْزَمُهُ فِيهِمَا وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ.

(قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَكُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (قَوْلُهُ أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ) ال فِي الْمُؤَجَّلِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ تَنْعَقِدُ فِيهِ الْيَمِينُ بِأَنْ يَبْلُغَهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا أَيْ وَأَمَّا إنْ أُجِّلَ بِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّزَوُّجُ) أَيْ بِحُرَّةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِالْأَمَةِ حَيْثُ أُبِيحَتْ لَهُ الْحُرَّةُ إلَّا إذَا عَدِمَ الطَّوْلَ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتٍ وَلِأَنَّهُ مَا مِنْ وَاحِدَةٍ إلَّا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا الْأَخِيرَةُ فَكَانَ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ) أَيْ صَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ وُقُوفَهُ إلَخْ وَظَاهِرُهُ الْوَقْفُ، وَلَوْ قَالَ لَا أَتَزَوَّجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُو لَهُ الزَّوَاجُ.

(قَوْلُهُ فَتَحِلُّ الْأُولَى) أَيْ وَيَرِثُهَا إذَا مَاتَتْ وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ الْمَوْقُوفُ عَنْهَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ ثَانِيَةً أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رُدَّ لِوَرَثَتِهَا وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجُ عَمَّنْ وَقَفَ عَنْهَا فَلَا تَرِثُهُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ؛ لِأَنَّهَا آخِرُ امْرَأَةٍ لَهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَيُلْغَزُ بِالثَّانِيَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ مَوْتِ الزَّوْجِ فَيُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>