للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حَنِثَ إنْ بَقِيَ) لَهُ (مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ) بِأَنْ طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ لِعَوْدِ الصِّفَةِ عِنْدَنَا لِتَمَامِ الْعِصْمَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَعُودُ مُطْلَقًا فَإِنْ قُيِّدَ بِزَمَنٍ وَمَضَى كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت أَنَا أَوْ أَنْت الدَّارَ غَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبَانَهَا ثُمَّ عَاوَدَهَا فَدَخَلَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ، بَلْ لَوْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَفَعَلَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَهَا أَيْ مُطْلَقًا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَهْدِمُ الْعِصْمَةَ السَّابِقَةَ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ بَقِيَ إلَخْ عَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا قَدْ انْهَدَمَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقُهُ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ (كَالظِّهَارِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ أَبَانَهَا فَدَخَلَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَلَوْ نَكَحَهَا فَدَخَلَتْ لَزِمَهُ الظِّهَارُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ كَمَا إذَا أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ الْأُولَى

(لَا مَحْلُوفٍ لَهَا) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ مُتَعَلِّقُ مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا لَا فِي مَحْلُوفٍ لَهَا كَأَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ (فَفِيهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى (وَ) فِي (غَيْرِهَا) فَلَوْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَاَلَّتِي تَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُهُ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فَقَطْ كَالْمَحْلُوفِ بِهَا أَيْ بِطَلَاقِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا فَلَا تَخْتَصُّ بِالْأُولَى كَمَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَهِنْدٌ وَقَالَ: إنْ وَطِئْتُ هِنْدًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَهِنْدُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّ دُخُولَ الدَّارِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مَتَى وَطِئَ هِنْدًا وَلَوْ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى بِأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ مَا دَامَتْ حَفْصَةُ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ فَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْيَمِينُ إنْ وَطِئَ هِنْدًا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَمَحْلُوفٍ لَهَا لَا عَلَيْهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ بِاخْتِصَارٍ

(لَوْ) (طَلَّقَهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهَا بِأَنْ قَالَ: كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ (ثُمَّ تَزَوَّجَ) أَجْنَبِيَّةً (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهَا بِأَنْ أَعَادَهَا لِعِصْمَتِهِ (طَلُقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ) بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا (وَلَا حُجَّةَ لَهُ) فِي دَعْوَاهُ (أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا) وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ (وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً) فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا (لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا) وَقَدْ جَمَعَ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ (وَهَلْ) عَدَمُ قَبُولِ نِيَّتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ بِعَيْنِهَا فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا (قَوْلُهُ حَنِثَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ إلَخْ) ثُمَّ بَعْدَ حِنْثِهِ بِالْفِعْلِ أَوَّلًا لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ طَلَاقُهُ لَهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ دُونَ الْغَايَةِ بِأَنْ كَانَ خُلْعًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ لِعَوْدِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَنِثَ إنْ بَقِيَ إلَخْ وَأَرَادَ الشَّارِحُ بِالصِّيغَةِ حُكْمَ الْيَمِينِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقُ فِيهَا شَيْءٌ أَمْ لَا، فَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ فَعَلْت أَنَا أَوْ أَنْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ خَالَعَهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخَلْعِ وَقَبْلَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهِيَ فَسْخَةٌ عَظِيمَةٌ يَجُوزُ لِغَيْرِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ لَا يَهْدِمُ الْعِصْمَةَ السَّابِقَةَ) أَيْ وَلَا يَهْدِمُ مَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ التَّعْلِيقِ

(قَوْلُهُ فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى) أَيْ فِي عِصْمَةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا الْأُولَى وَغَيْرِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ.

وَحَاصِلُ مَا لَهُمْ هُنَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ وَأَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهَا أَيْ بِطَلَاقِهَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ لَهَا فَهِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَاَلَّذِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ كَالْمَحْلُوفِ بِهَا فِي تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَعَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَرَأَوْا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا لَا فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا بِالطَّلَاقِ وَانْظُرْ الرَّدَّ عَلَيْهِ فِي بْن.

(قَوْلُهُ فَهِنْدٌ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا) أَيْ وَحَفْصَةٌ مَحْلُوفٌ بِهَا (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ) أَيْ طَلَاقُ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا الَّتِي هِيَ هِنْدٌ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى

(قَوْلُهُ أَيْ الْمَحْلُوفُ لَهَا) أَيْ وَهِيَ الَّتِي قَالَ لَهَا كُلُّ إلَخْ فَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلْمَحْلُوفِ لَهَا وَقَوْلُهُ طَلَاقًا بَائِنًا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ طَلَّقَهَا (قَوْلُهُ دُونَ الثَّلَاثِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا لَا يَخْتَصُّ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى أَوْ طَلَّقَهَا بِالثَّلَاثِ بِنَاءً عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا لَا يَخْتَصُّ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَحْلُوفِ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ) أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ إذَا قَالَ إنَّمَا تَزَوَّجْت الْمَحْلُوفَ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَمْ أَتَزَوَّجْ غَيْرَهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا) أَيْ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى أَنْ لَا يُحْدِثَ زَوَاجَ غَيْرِهَا عَلَيْهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِتِلْكَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا) هَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَيْ لَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>