وَقِيلَ بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَطَلْقَةٌ فِي أَرْبَعٍ قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ مَا لَمْ يُشْرِكْ فَإِنْ شَرِكَ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا وَمَسْأَلَةُ التَّشْرِيكِ الْآتِيَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَإِلَّا لَزِمَ الثَّانِيَةُ ثَلَاثًا كَالطَّرَفَيْنِ
(وَإِنْ) (قَالَ) لِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ الثَّلَاثَةِ أَنْت طَالِقٌ بِالثَّلَاثِ وَقَالَ لِثَانِيَةٍ (أَنْت شَرِيكَةٌ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا وَلِثَالِثَةٍ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا) (طَلُقَتْ) الثَّانِيَةُ (اثْنَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا شَارَكَتْ الْأُولَى اقْتَضَتْ الشَّرِكَةُ لَهَا وَاحِدَةً وَنِصْفًا (وَ) طُلِّقَ (الطَّرَفَانِ ثَلَاثًا) أَمَّا الْأُولَى فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ لَهَا مَعَ الْأُولَى طَلْقَةً وَنِصْفًا فَيَكْمُلُ النِّصْفُ وَلَهَا مَعَ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ (وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ) لِلطَّلَاقِ بِتَشْرِيكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ) تَشْبِيهٌ فِي اللُّزُومِ وَالْأَدَبِ، هَذَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ شَائِعًا كَبَعْضُك أَوْ رُبُعُك طَالِقٌ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَعْنِيًّا (كَيَدٍ) وَرِجْلٍ (وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ (بِشَعْرِك طَالِقٌ) ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الْمُتَّصِلَ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ لَا إنْ قَصَدَ الْمُنْفَصِلَ فَكَالْبُصَاقِ وَالسُّعَالِ وَمِثْلُ الشَّعْرِ كُلُّ مَا يُلْتَذُّ بِهِ كَرِيقُك أَوْ عَقْلُك (أَوْ كَلَامُك عَلَى الْأَحْسَنِ لَا بِسُعَالٍ وَبُصَاقٍ وَدَمْعٍ) وَنَحْوِهَا إذْ لَيْسَتْ مِنْ الْمَحَاسِنِ الَّتِي يُلْتَذُّ بِهَا
(وَصَحَّ) (اسْتِثْنَاءٌ) فِي الطَّلَاقِ (بِإِلَّا) وَأَخَوَاتِهَا (إنْ اتَّصَلَ) الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ اخْتِيَارًا لَمْ يَصِحَّ فَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِكَسُعَالٍ (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَطَلَ وَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ وَأَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَلَوْ سِرًّا لَا إنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا إنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ فَمُرَادُهُ بِالْمُسْتَغْرِقِ مَا يَشْمَلُ الْمُسَاوِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَغْرِقِ بِالذَّاتِ أَوْ التَّكْمِيلِ كَطَالِقٍ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَرُبْعًا، وَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطَيْنِ قَوْلَهُ (فَفِي ثَلَاثٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثَّلَاثِ مِنْ نَفْسِهَا لَغْوٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً (أَوْ) قَالَ طَالِقٌ (ثَلَاثًا) بِالنَّصْبِ وَكَانَ الْأَوْلَى الْجَرَّ بِالْعَطْفِ عَلَى ثَلَاثٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً اثْنَتَانِ (أَوْ) طَالِقٌ (أَلْبَتَّةَ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَالَ: بَيْنَكُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ وَإِنْ قَالَ: شَرِكْتُكُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ هُوَ) أَيْ كَلَامُ سَحْنُونٍ تَقْيِيدٌ لِلْأَوَّلِ أَيْ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ
(قَوْلُهُ وَاحِدَةً وَنِصْفًا) أَيْ فَيَكْمُلُ ذَلِكَ النِّصْفُ (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الثَّلَاثَ فِيهِ (قَوْلُهُ بِتَشْرِيكٍ) كَانَتْ شَرِيكَةً مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ كَانَتْ طَالِقَ نِصْفَ طَلْقَةٍ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُ الشَّعْرِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ كُلُّ مَا يُلْتَذُّ بِهِ أَيْ أَوْ يُلْتَذُّ بِالْمَرْأَةِ بِسَبَبِهِ فَالْأَوَّلُ كَالرِّيقِ وَالثَّانِي كَالْعَقْلِ؛ لِأَنَّ بِالْعَقْلِ يَصْدُرُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ لِلرَّجُلِ الْإِقْبَالَ عَلَيْهَا وَالِالْتِذَاذَ مِنْهَا بِخِلَافِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ كَرِيقُك) هُوَ الْمَاءُ مَا دَامَ فِي فَمِهَا، فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْفَمِ فَهُوَ بُصَاقٌ وَالْأَوَّلُ يُسْتَلَذُّ بِهِ بِمَصِّ لِسَانِهَا أَوْ شَفَتِهَا دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَلْزَمُ بِكَلَامِك؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ رُؤْيَةَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يُحَرِّمْ كَلَامَهُنَّ عَلَى أَحَدٍ وَرُدَّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ فَإِنَّ وَجْهَ الْأَجْنَبِيَّةِ غَيْرُ حَرَامٍ وَتَطْلُقُ بِهِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ إنْ قَالَ: اسْمُك طَالِقٌ لَمْ يَلْزَمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُنْفَصِلِ قَالَ فِي المج وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى لَفْظٍ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مُسَمَّاهُ وَقَدْ قِيلَ الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ) أَيْ إخْرَاجٌ لِعَدَدٍ (قَوْلُهُ وَأَخَوَاتِهَا) وَهِيَ سِوَى وَخَلَا وَعَدَا وَحَاشَا (قَوْلُهُ إنْ اتَّصَلَ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَلَوْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ضَرَّ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ إنْ اتَّصَلَ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ إلَخْ) أَيْ لِاتِّصَالِهِ حُكْمًا (قَوْلُهُ بَطَلَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ وَقَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ أَيْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يُقْصَدَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ وَالْإِخْرَاجُ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَلَوْ سِرًّا) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْحَلِفُ مُتَوَثِّقًا بِهِ فِي حَقٍّ فَلَا يَنْفَعُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا كَانَ سِرًّا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ كَمَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ.
(قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ الْمُسَاوِي) أَيْ لَا خُصُوصَ الزَّائِدِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُسَاوِ كَانَ أَظْهَرَ لِعِلْمِ الزَّائِدِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَفِي ثَلَاثٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الِاثْنَتَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا ثَلَاثًا مَلْغِيٌّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ لَا تَلْزَمُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الثَّلَاثَ الَّتِي أَخْرَجَ مِنْهَا الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الثَّلَاثِ اثْنَتَانِ يَبْقَى وَاحِدَةٌ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْحَقُّ وَعَلَى عَكْسِ الْقَوْلَيْنِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا الِاثْنَتَيْنِ فَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ مِنْ إلْغَاءِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَعَلَى مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ الْحَقُّ يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ اثْنَتَانِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقَةِ ابْنِ شَاسٍ وَطَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إثْبَاتٌ وَقَوْلُهُ إلَّا اثْنَتَيْنِ نَفْيٌ مِنْ الثَّلَاثِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ إلَّا وَاحِدَةً اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ الْمَنْفِيَّتَيْنِ