قَبْلَ التَّجْدِيدِ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ بَلْ وَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يُجْزِهِ لِتَلَاعُبِهِ بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ (أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً) مِنْ مَغْسُولِ فَرَائِضِهِ (فَانْغَسَلَتْ) فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ (بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) فَلَا يُجْزِئُ لِأَنَّ نِيَّةَ غَيْرِ الْفَرْضِ لَا تُجْزِئُ عَنْهُ وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ، وَمِثْلُ الْغَسْلِ الْمَسْحُ (أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ) بِأَنْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِلُ مَا بَعْدَهُ وَهَكَذَا لَمْ يُجْزِهِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ جَزَّأَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ بِأَنْ جَعَلَ لِكُلِّ عُضْوٍ رُبْعَهَا مَثَلًا، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَعْنًى لَا تَقْبَلُ التَّجَزِّي (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (فِي) هَذَا الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ) وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَدَّرَ بِهِ (وَعُزُوبُهَا) أَيْ النِّيَّةِ أَيْ الذُّهُولُ عَنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْوَجْهِ أَيْ بَعْدَ وُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا وَهُوَ أَوَّلُ مَفْعُولٍ مُغْتَفَرٌ لِمَشَقَّةِ الِاسْتِصْحَابِ (وَرَفْضُهَا) أَيْ إبْطَالُهَا أَيْ تَقْدِيرُهَا مَعَ مَا فُعِلَ مَعَهَا بَاطِلًا كَالْعَدَمِ (مُغْتَفَرٌ) لَا يُؤَثِّرُ بُطْلَانًا إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَلَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اغْتِفَارَهُ وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَيَبْطُلَانِ بِرَفْضِهِمَا فِي الْأَثْنَاءِ قَطْعًا وَفِيمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إذَا تَوَضَّأَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ، فَإِنْ تَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ غَيْرِ جَازِمَةٍ بِأَنْ عَلَّقَهَا بِالْحَدَثِ الْمُحْتَمَلِ كَانَ هَذَا الْوُضُوءُ الثَّانِي بَاطِلًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّجْدِيدِ) مُتَعَلِّقٌ بِحَدَثِهِ أَيْ فَتَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ التَّجْدِيدِ أَنَّهُ أَحْدَثَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَنُوبُ عَنْ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ) أَيْ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حَدَثَ عَلَيْهِ فَنِيَّتُهُ رَفْعُ الْحَدَثِ حِينَئِذٍ تَلَاعُبٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا عِنْدَ فِعْلِ الْفَضِيلَةِ وَهِيَ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِئُ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ خَصَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى وَأَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الَّتِي غُسِلَتْ بِهِمَا اللُّمْعَةُ.
وَأَمَّا لَوْ نَوَى أَنَّ الْفَرْضَ مَا عَمَّمَ مِنْ الْغَسَلَاتِ وَبَقِيَتْ لُمْعَةٌ لَمْ تُغْسَلْ بِالْأُولَى وَغُسِلَتْ بِالثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، فَإِنَّ الْغَسْلَ يُجْزِي قَالَ عبق وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَالَ سَنَدٌ إذَا نَوَى بِمَا بَعْدَ الْأُولَى الْفَضِيلَةَ وَكَانَتْ الْأُولَى لَمْ تَعُمَّ فَلَا تُعْتَبَرُ تِلْكَ النِّيَّةُ وَلَا يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ إلَّا إذَا عَمَّتْ الْأُولَى فَعَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ لُمْعَةً فَغُسِلَتْ بِالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ الَّتِي نَوَى بِهَا الْفَضِيلَةَ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ اهـ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَنَدٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَفْعُ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَعْتَبِرُ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ كَغَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغُسْلِ الْمَسْحُ) أَيْ فَإِذَا تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ فَانْمَسَحَتْ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا عِنْدَ رَدِّ الْمَسْحِ كَذَلِكَ لَا يُجْزِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ) أَيْ جِنْسَهَا الْمُتَحَقِّقَ فِي مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِلُ الْيَدَيْنِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِنِيَّةٍ وَهَكَذَا لِتَمَامِ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ أَيْ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ إتْمَامِهِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا.
وَأَمَّا لَوْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مَعَ قَصْدِهِ إتْمَامَ الْوُضُوءِ عَلَى الْفَوْرِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَلَا يَكْمُلُ وُضُوءُهُ إلَّا بِجَمِيعِ النِّيَّاتِ فَهَذَا مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ فَلَا يَضُرُّ لَا مِنْ بَابِ التَّفْرِيقِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْزِي؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَقْبَلُ التَّجَزِّي) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَجَعْلُهُ لَغْوٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ؛ لِأَنَّ رُبْعَ النِّيَّةِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فِي اعْتِقَادِ الْمُتَوَضِّئِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَدَّرَ بِهِ أَيْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ إلَّا بِالْكَمَالِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِذَا غَسَلَ الْوَجْهَ فَفِي قَوْلٍ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَفِي قَوْلٍ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ إلَّا بَعْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْهُ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَسْتَظْهِرْ فِي مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ شَيْئًا أَصْلًا وَإِنَّمَا اسْتَظْهَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِظْهَارِهِ ذَلِكَ اسْتِظْهَارُ الصِّحَّةِ فِي التَّفْرِيقِ إذْ قَدْ لَا يُسَلِّمُ ابْنُ رُشْدٍ التَّفْرِيعَ الْمَذْكُورَ لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ مَشْرُوطٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِتَقْدِيمِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِتَمَامِهِ فَتَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَعُزُوبُهَا بَعْدَهُ مُغْتَفَرٌ) اغْتِفَارُ عُزُوبِهَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِنِيَّةٍ مُضَادَّةٍ كَنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ فِي الْأَثْنَاءِ انْقِضَاءَ الطَّهَارَةِ وَكَمَالَهَا وَيَكُونُ قَدْ تَرَكَ بَعْضَهَا ثُمَّ يَأْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَلَا يُجْزِي كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَفْعُولٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَجْهَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اغْتِفَارَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَرَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ التَّمَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الرَّفْضِ الْوَاقِعِ فِي الْأَثْنَاءِ إذَا كَمَّلَهُ بِالْقُرْبِ بِالنِّيَّةِ الْأُولَى.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يُكَمِّلْهُ أَوْ كَمَّلَهُ بِنِيَّةٍ أُخْرَى أَوْ بَعْدَ طُولٍ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي بُطْلَانِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute