للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ) كَغَيْرِهَا مِنْ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ (وَلَوْ) كَانَتَا (نَظِيفَتَيْنِ أَوْ) وَلَوْ (أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ) خِلَافًا لِلْمُخَالِفِ فِي ذَلِكَ (مُفْتَرِقَتَيْنِ) نَدْبًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ هُوَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ

(وَ) ثَانِيهَا (مَضْمَضَةٌ) وَهِيَ إدْخَالُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَخَضْخَضَتُهُ وَمَجُّهُ أَيْ طَرْحُهُ لَا إنْ شَرِبَهُ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى سَالَ مِنْ فَمِهِ وَلَا إنْ أَدْخَلَهُ وَمَجَّهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِهِ فِي الْفَمِ وَلَا إنْ دَخَلَ فَمَهُ بِلَا قَصْدِ مَضْمَضَةٍ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ (وَ) ثَالِثُهَا (اسْتِنْشَاقٌ) وَهُوَ جَذْبُ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ إلَى دَاخِلِ أَنْفِهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِلَا جَذْبٍ فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ النِّيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ (وَبَالَغَ) نَدْبًا (مُفْطِرٌ) فِيهِمَا بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى أَقْصَى الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ لِلصَّائِمِ لِئَلَّا يَفْسُدَ صَوْمُهُ، فَإِنْ وَقَعَ وَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ (وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ) مِنْ الْغَرَفَاتِ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ بِثَلَاثٍ هَذَا مُرَادُهُ (أَفْضَلُ) مِنْ فِعْلِهِمَا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَفْعَلُهُمَا بِكُلِّ غَرْفَةٍ مِنْهَا وَإِنْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ (وَجَازَا) مَعًا (أَوْ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ) وَاحِدَةٍ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَفْضَلِ

(وَ) رَابِعُهَا (اسْتِنْثَارٌ) وَهُوَ طَرْحُ الْمَاءِ مِنْ الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلتَّعَبُّدِ بِالتَّحْدِيدِ بِالثَّلَاثِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا ذَلِكَ وَحَمَلَهُ أَشْهَبُ عَلَى أَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَافَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى التَّثْلِيثِ خِلَافًا للح تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعَبُّدِ وَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى التَّثْلِيثِ وَعَدَمِ بِنَائِهِ عَلَى الْخِلَافِ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثًا عَلَى تَعَبُّدًا وَأَخَّرَ عَنْهُ مَا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَسْلَهُمَا تَعَبُّدٌ لَا مُعَلَّلٌ بِالنَّظَافَةِ إذْ عَلَيْهِ تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِغَسْلِهِمَا وَلَوْ بِمُضَافٍ وَلَوْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ النَّظَافَةِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ أَوْ أَحْدَثَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إذَا كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِغَسْلِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَسْلَ مُعَلَّلٌ بِالنَّظَافَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمُخَالِفِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَبُّدًا إلَى هُنَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُخَالِفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: مُفْتَرِقَتَيْنِ) حَالٌ مِنْ يَدَيْهِ.

وَأَمَّا ثَلَاثًا فَهُوَ حَالٌ مِنْ الْغَسْلِ وَقَوْلُهُ: تَعَبُّدًا مَفْعُولٌ لِأَجَلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ طَلَبَ تَفْرِيقِهِمَا فِي الْغَسْلِ هُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْسِلُهُمَا مَجْمُوعَتَيْنِ وَظَاهِرٌ تَقْدِيمُ تَثْلِيثِ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. هَذَا وَقَدْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ غَسْلَهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالتَّعَبُّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَيَكُونُ ابْنُ الْقَاسِمِ خَالَفَ أَصْلَهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ أَنَّ الْغَسْلَ تَعَبُّدٌ وَالْمُنَاسِبُ لَهُ التَّفْرِيقُ فِي الْغَسْلِ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ بِغَسْلِهِمَا مَجْمُوعَتَيْنِ، وَجَمْعُهُمَا إنَّمَا يُنَاسِبُ النَّظَافَةَ وَأَجَابَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّ غَسْلَهُمَا مَجْمُوعَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مُنَاسِبًا لِلنَّظَافَةِ لَكِنَّهُ لَا يُنَافِي التَّعَبُّدَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ غَسْلُهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ هُوَ الْمُنَاسِبَ لَهُ وَلَيْسَ افْتِرَاقُهُمَا قَوْلًا لِأَشْهَبَ حَتَّى يَكُونَ مُخَالِفًا لِأَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ لَهُ عَنْ مَالِكٍ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: لَا إنْ شَرِبَهُ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى سَالَ مِنْ فَمِهِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمَجُّهُ وَقَوْلُهُ وَلَا إنْ أَدْخَلَهُ أَيْ الْمَاءَ وَمَجَّهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِهِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَخَضْخَضَتُهُ أَيْ تَحْرِيكُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا إنْ دَخَلَ أَيْ الْمَاءُ فَمَهُ إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إدْخَالُ الْمَاءِ إلَخْ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ وَفِي عبق وَلَوْ ابْتَلَعَهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ قَوْلَيْنِ وَاعْتَرَضَهُ بْن قَائِلًا اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ ح الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَذَكَرَ زَرُّوقٌ عَنْ الْقُورِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْمَجِّ مِنْ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ رَأَيْتُ شَيْخَنَا يَتَوَضَّأُ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَبْتَلِعُ الْمَضْمَضَةَ حَتَّى سَمِعْتُهُ مِنْهُ اهـ قَالَ ح وَإِذْ قُلْنَا: إنَّ الظَّاهِرَ إجْزَاءُ الِابْتِلَاعِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي إرْسَالِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ الْإِجْزَاءِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ النِّيَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ رَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فَلَا يَفْتَقِرَانِ إلَيْهَا وَنِيَّةُ الْفَرْضِ تَتَضَمَّنُ نِيَّتَهُمَا كَنِيَّةِ بَاقِي السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ اهـ خش (قَوْلُهُ: وَبَالَغَ نَدْبًا مُفْطِرٌ فِيهِمَا) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ فِيهِمَا بَهْرَامَ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالِاسْتِنْشَاقِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَاسْتَظْهَرَ فِي المج الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: هَذَا مُرَادُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ صَادِقًا بِكَوْنِهِ يَتَمَضْمَضُ بِغَرْفَةٍ وَيَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى لَكِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ لَهُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الصُّورَةَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ إنَّمَا هُوَ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ إنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُمَا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَفْعَلُهُمَا مَعًا بِكُلِّ غَرْفَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ.

وَأَمَّا فِعْلُهُمَا بِسِتِّ غَرَفَاتٍ فَهُوَ مِنْ الصُّوَرِ الْجَائِزَةِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْأَشْيَاخُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَجَازَا) أَيْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَكَانَ الْأَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>