للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ) وَيُعَدُّ الثَّانِي نَدَمًا (وَهُمَا) أَيْ التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ (فِي التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا) أَيْ لِأَجْلِ تَعْلِيقِ الزَّوْجِ كُلًّا مِنْهُمَا (بِمُنَجِّزٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ بِمُوجِبٍ لِلتَّنْجِيزِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ كَالطَّلَاقِ وَتَقَدَّمَ وَنُجِّزَ إذَا عُلِّقَ بِمَاضٍ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا أَوْ بِمُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ إلَخْ فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ مُخَيَّرَةٌ وَمُمَلَّكَةٌ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا أَوْ يَوْمَ مَوْتِي أَوْ إنْ حِضْت فَإِنَّهُمَا يُنَجَّزَانِ الْآنَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُخَيَّرُ فِي الْحُضُورِ أَوْ حِينَ عِلْمِهَا إنْ غَابَتْ وَبَلَغَهَا (وَغَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى التَّنْجِيزِ أَيْ غَيْرِ التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ مُنَجَّزٍ فَلَا يُنَجَّزَانِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى دُخُولِهَا (كَالطَّلَاقِ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَهُمَا.

(وَلَوْ عَلَّقَهَا) أَيْ التَّخْيِيرَ أَوْ التَّمْلِيكَ أَيْ أَحَدَهُمَا (بِمَغِيبِهِ شَهْرًا) كَإِنْ غِبْت عَنْك شَهْرًا فَقَدْ خَيَّرْتُك أَوْ مَلَّكْتُك (فَقَدِمَ) قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ (وَلَمْ تَعْلَمْ) بِقُدُومِهِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ إثْبَاتِ غَيْبَتِهِ وَأَنَّهُ خَيَّرَهَا وَحَلَّفَهَا أَنَّهُ مَا قَدِمَ إلَيْهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَتَزَوَّجَتْ فَكَالْوَلِيَّيْنِ) فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِقُدُومِ الْأَوَّلِ فَاتَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا

(وَ) لَوْ عَلَّقَهُمَا (بِحُضُورِهِ) أَيْ عَلَى حُضُورِ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ فَالْأَوْلَى حَذْفُ الضَّمِيرِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ حَضَرَ زَيْدٌ مِنْ سَفَرِهِ فَأَمْرُك بِيَدِك فَحَضَرَ (وَلَمْ تَعْلَمْ) بِحُضُورِهِ (فَهِيَ) بَاقِيَةٌ (عَلَى خِيَارِهَا) وَلَوْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَعْلَمَ بِحُضُورِهِ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا إلَّا إذَا مَكَّنَتْهُ عَالِمَةً بِقُدُومِهِ (وَاعْتُبِرَ التَّنْجِيزُ) أَيْ تَنْجِيزُ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ أَوْ التَّوْكِيلِ الْوَاقِعِ مِنْهَا (قَبْلَ بُلُوغِهَا) إذْ لَيْسَ بُلُوغُهَا شَرْطًا فِي اعْتِبَارِهِ فَإِذَا اخْتَارَتْ الصَّغِيرَةُ نَفْسَهَا لَزِمَ الطَّلَاقُ حَيْثُ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا الْبَالِغُ (وَهَلْ إنْ مَيَّزَتْ) وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ (أَوْ مَتَى تُوطَأُ) أَيْ زَمَنَ إطَاقَتِهَا الْوَطْءَ مَعَ التَّمْيِيزِ فَالتَّمْيِيزُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَوْ قَالُوا قَبْلَ بُلُوغِهَا إنْ مَيَّزَتْ وَهَلْ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ (قَوْلَانِ) لَكَانَ أَحْسَنَ

(وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (التَّفْوِيضُ) بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ (لِغَيْرِهَا) أَيْ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا لَيْسَ مِنْ شَرْعِهِ طَلَاقُ النِّسَاءِ

(وَهَلْ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (عَزْلُ وَكِيلِهِ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى التَّفْوِيضِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَعَيَّنَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمْتَدُّ لِذَلِكَ الْأَمْرِ وَلَا يَسْقُطُ مَا لَمْ تُوقَفْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ) أَيْ، فَإِنْ قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت زَوْجِي وَنَفْسِي لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فِيهِمَا، فَإِنْ شَكَّ فِي أَيِّهِمَا الْمُتَقَدِّمِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا، وَإِنْ قَالَتْ: اخْتَرْتهمَا فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْمُتَقَدِّمِ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ بِالْعَكْسِ فَقَالَتْ اخْتَرْتهمَا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّحْرِيمِ.

(قَوْلُهُ فِي الْحُضُورِ) أَيْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ حِينَ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ لِتَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ مُنَجَّزٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ حَذَفَ تَعْلِيلَ الثَّانِي لِدَلَالَةِ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك) أَيْ فَكَمَا لَا يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ إذَا عُلِّقَ بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَإِنْ لَمَسْت السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، كَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك إنْ لَمَسْت السَّمَاءَ وَكَمَا يُنْتَظَرُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، كَذَلِكَ يُنْتَظَرُ فِي أَمْرُك بِيَدِك إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ.

(قَوْلُهُ كَالطَّلَاقِ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ التَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَ وَعَلَّلَهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَخْتَارُ الْبَقَاءَ مَعَ الزَّوْجِ وَبِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَخْتَرْنَ الْفِرَاقَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ وَتَشْبِيهُهَا بِالطَّلَاقِ يَقْتَضِي عَدَمَ اللُّزُومِ فِيهِمَا اهـ عَدَوِيٌّ

(قَوْلُهُ وَلَمْ تَعْلَمْ بِقُدُومِهِ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ عَلِمَتْ بِقُدُومِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَتَزَوَّجَتْ لَمْ تَفُتْ بِدُخُولِ الثَّانِي اتِّفَاقًا وَالظَّاهِرُ حَدُّهَا وَلَا تُعْذَرُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَدَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَمْ يَعْذُرُوهُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِقُدُومِ الْأَوَّلِ) أَيْ قَبْلَ الشَّهْرِ أَيْ وَغَيْرُ عَالِمَةٍ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِقُدُومِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الشَّهْرِ

(قَوْلُهُ عَلَى حُضُورِ شَخْصٍ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حُضُورَ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى حَذْفُ الضَّمِيرِ) أَيْ لِيُطَابِقَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالضَّمِيرِ يُوهِمُ عَوْدَهُ عَلَى الزَّوْجِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا أَوْ وَكَّلَهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَهُوَ لَازِمٌ إنْ مَيَّزَتْ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ زِيَادَةٌ عَلَى التَّمْيِيزِ إطَاقَتُهَا لِلْوَطْءِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّمْيِيزِ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُمَيِّزَةً فَلَا يُعْتَبَرُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَمَا جُعِلَ لَهَا مِنْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَهُوَ ثَابِتٌ لَا يَبْطُلُ فَيَسْتَأْنِي بِهَا حَتَّى تُمَيِّزَ أَوْ تُوطَأَ (قَوْلُهُ فَالتَّمْيِيزُ لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ أَدْخَلَ كَلِمَةَ هَلْ عَلَى شَرْطِ التَّمْيِيزِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ قَرِيبًا لَهَا أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا وَسَوَاءٌ شَكَرَهَا مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ لِغَيْرِهَا أَيْ مُجْتَمِعًا مَعَهَا أَيْ مُنْفَرِدًا عَنْهَا إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَرْضَى بِهِ هُوَ حَالَةَ الِانْفِرَادِ وَالْعِبْرَةُ بِمَا تَرْضَى بِهِ هِيَ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ، وَلَوْ قَالَ الْأَبُ أَنَا أَدْرَى بِحَالِهَا مِنْهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ التَّفْوِيضِ لِغَيْرِهَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ فِي إبَاحَةِ التَّخْيِيرِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ بِأَنْ يُرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ لَا الْإِبَاحَةُ أَوْ أَنَّهُ مَشَى هُنَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>