للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالشَّهْرِ لِجَوَازِ أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَيَأْتِيهَا الْحَيْضُ وَيَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ يَأْتِيهَا لَيْلَةَ السَّادِسَ عَشَرَ، وَيَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَيْضًا ثُمَّ يَأْتِيهَا آخِرَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ بَعْدَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالطُّهْرِ فِي الْأَيَّامِ وَلَك أَنْ تُلْغِزَ بِهَا فَتَقُولَ: مَا امْرَأَةٌ مَدْخُولٌ بِهَا غَيْرُ حَامِلٍ طَلُقَتْ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ، وَلَمْ يَفُتْهَا صَوْمٌ وَلَا صَلَاةٌ مِنْهُ (وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا) إذَا قَالَتْ: كُنْت كَاذِبَةً فِي قَوْلِي: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ (وَ) لَا يُفِيدُهَا دَعْوَاهَا (أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ) مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ (وَانْقَطَعَ) قَبْلَ اسْتِمْرَارِهِ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ (وَلَا) يُفِيدُهَا إذَا قَالَتْ: إنِّي كَذَبْت فِي قَوْلِي حِضْت الثَّالِثَةَ أَوْ وَضَعْت (رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا) فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا وَضْعٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِنَّ وَقَدْ بَانَتْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا ذَلِكَ

(وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ (بَعْدُ كَسَنَةٍ) مِنْ طَلَاقِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَادِيًا لِكَوْنِ تِلْكَ الْمُدَّةِ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهَا غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ: كَالشَّهْرِ) أَيْ فَإِنْ شَهِدَتْ لَهَا أَنَّ النِّسَاءَ قَدْ يَحِضْنَ لِمِثْلِ هَذَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَوْلَانِ وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَسَأَلَ النِّسَاءَ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ: مَا أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ الِانْقِضَاءُ فِيهِ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ، وَلَا حَاجَةَ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ بَلْ هُوَ مُقْتَضٍ رَاجِعٌ لِمَا إذَا ادَّعَتْ مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ إلَّا نَادِرًا فَإِنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا فِي مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا غَالِبًا وَلَا نَادِرًا لَمْ تُصَدَّقْ، وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ لِجَوَازِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ الشَّهْرُ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهِ لِجَوَازِ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضُرُّ إتْيَانُ الْحَيْضِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا قَالَتْ أَوْ لَا عِنْدَ إرَادَةِ الزَّوْجِ رَجْعَتَهَا: عِدَّتِي قَدْ انْقَضَتْ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ وَضْعٍ، وَقُلْتُمْ: إنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَإِذَا قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: كُنْت كَاذِبَةً، وَإِنَّ عِدَّتِي لَمْ تَنْقَضِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهَا نَدَمًا وَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا دَاعِيَةٌ لِنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشُهُودٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُهَا دَعْوَاهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ رَجْعَتَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهَا رَأَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَالَتْ: كُنْت أَظُنُّ دَوَامَهُ فَانْقَطَعَ قَبْلَ اسْتِمْرَارِهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يُفِيدُهَا ذَلِكَ، وَقَدْ بَانَتْ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا قَالَهُ ابْنَ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهَا الْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ: إنَّ قَبُولَ قَوْلِهَا فِيمَا عَدَا الرَّجْعَةَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْفُرُوجِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَا عَدَاهُ قَالَ بْن: وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَكِنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا: إنَّهُ انْقَطَعَ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجْعَةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَمَادَ بِهَا الدَّمُ وَعَاوَدَهَا عَنْ بُعْدٍ أَيْ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ، وَأَمَّا إنْ عَاوَدَهَا عَنْ قُرْبٍ فَهَلْ الرَّجْعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ثَالِثَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَتَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوْ لَا تَبْطُلُ تِلْكَ الرَّجْعَةُ، وَرُجُوعُ الدَّمِ عَنْ قُرْبٍ كَرُجُوعِهِ عَنْ بُعْدٍ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عِيَاضٍ، وَنَصُّ أَبِي الْحَسَنِ عِيَاضٍ: وَاخْتَلَفُوا إذَا رَاجَعَهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ هَذَا الدَّمِ وَعَدَمِ تَمَادِيهِ ثُمَّ رَجَعَ هَذَا الدَّمُ بِقُرْبٍ هَلْ هِيَ رَجْعَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَبَانَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ثَالِثَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَتَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ رَجَعَ الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ أَنَّهُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ بَعْدَهُمَا: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ - يَعْنِي التَّفْصِيلَ عِنْدِي - أَصْوَبُ اهـ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقُرْبَ هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ طُهْرٌ تَامٌّ، إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهَا: انْقَطَعَ الدَّمُ لَا يُفِيدُ أَيْ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ لَا أَنَّهُ نَفْيٌ لِقَبُولِ قَوْلِهَا مُطْلَقًا، وَيُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ قَبُولُ قَوْلِهَا أَيْ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الرَّجْعَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ عَنْ بُعْدٍ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ رَجْعَتَهَا فَقَالَتْ: حِضْت ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت ثُمَّ قَالَتْ: إنِّي كَذَبْتَ فِي قَوْلَيْ: حِضْت ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت فَرَأَى النِّسَاءُ إلَيْهَا فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا وَضْعٍ فَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُ نَفْسِهَا، وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا وَتَصْدِيقُهُنَّ لَهَا وَبَانَتْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا: حِضْتَ ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت إذَا كَانَ فِي مِقْدَارٍ تَحِيضُ فِيهِ النِّسَاءُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا حَيْثُ قُلْتُمْ الْمَذْهَبُ قَبُولُ قَوْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ دُونَ هَذِهِ أَنَّهَا فِي هَذِهِ قَدْ صَرَّحَتْ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا وَلَمْ تَسْتَنِدْ لِمَا تُعْذَرُ بِهِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ رَأَتْهَا النِّسَاءُ نَقِيَّةً كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَالتَّتِمَّةِ لَهَا اهـ عبق

(قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا إلَخْ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>