أَجِدْهُ مَنْقُولًا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً، ثُمَّ وَجَدْت الرُّويَانِيَّ نَقَلَ ذَلِكَ وَصَحَّحَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا اسْتَظْهَرْته وَهُوَ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقَتَيْ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَكَنِيَّةِ الْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَلَفْظُ السَّادِسِ، وَكُلُّ بَدَلٍ عَنْهُ مِنْ زِيَادَةِ النَّاظِمِ (وَلَيْسَ) التَّرْتِيبُ (سَاقِطًا) عَنْهُ (لِنِسْيَانٍ حَدَثْ) لَهُ كَبَقِيَّةِ الْفُرُوضِ (بَلْ) سَاقِطٌ (لِجَنَابَةٍ) وَنَحْوِهَا لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فِي الْأَكْبَرِ، سَوَاءٌ أَجْنَبَ قَبْلَ الْحَدَثِ أَمْ بَعْدَهُ، أَوْ مَعَهُ لِظَوَاهِرِ الْأَخْبَارِ كَخَبَرِ «أَمَّا أَنَا فَيَكْفِينِي أَنْ أَصُبَّ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ.
فَلَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ إلَّا رِجْلَيْهِ مَثَلًا، ثُمَّ أَحْدَثَ كَفَاهُ غَسْلُهُمَا عَنْ الْجَنَابَةِ بَعْدَ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، أَوْ قَبْلَهَا، أَوْ فِي أَثْنَائِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
أَنَّ مَحَلَّ الْإِجْزَاءِ إذَا أَتَى بِنِيَّةِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْغَلَطِ عَلَى مَا حَلَفَ وَأَنَّهُ إذَا أَتَى الشَّخْصُ بِنِيَّةٍ مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ لَا يَكُونُ كَافِيًا لِمَا عَلَّلَ بِهِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّ اعْتِمَادَ الشَّارِحِ لِذَلِكَ إلَخْ مَا قَرَّرَهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمَتْنِ السَّابِقِ أَوْ الْحَدَثِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ الطَّهَارَةُ عَنْهُ الْمُرَادُ نِيَةُ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ وَجَدْت الرُّويَانِيَّ إلَخْ أَقُولُ فِيهِ قَدْ يَكُونُ الرُّويَانِيُّ يَرَى اشْتِرَاطَ الْمُكْثِ كَمَا هُوَ طَرِيقُ الرَّافِعِيِّ وَالْوَجْهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنْ نَقُولَ إنْ كَانَ مُرَادُ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ أَنَّهُ اغْتَسَلَ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ مِثْلُهَا عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ أَيْ: ابْنِ الصَّلَاحِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ أَتَى بِالْغُسْلِ قَاصِدًا جَعْلَهُ وُضُوءًا فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فِي كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَهَذَا الْوَجْهُ الْأَخِيرُ تَشْهَدُ لَهُ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَهُوَ مُرَادُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بُرُلُّسِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا عَلَّلَ بِهِ) وَلِفَقْدِ الْمُكْثِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَكَنِيَّةِ الْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) اقْتَضَى صَنِيعُهُ هَذَا مَعَ الَّذِي اخْتَارَهُ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ انْحِصَارَ النِّيَّةِ فِي نِيَّةِ رَفْعِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِرّ.
(قَوْلُهُ: لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ) أَيْ:، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِاغْتِسَالُ بِالِانْغِمَاسِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْوُضُوءُ فَلَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ جُمْلَةِ أَرْكَانِهِ التَّرْتِيبُ، فَإِذَا نَوَى مَا ذُكِرَ فَقَدْ نَوَى التَّرْتِيبَ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ إذْ الْغُسْلُ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ فَلَا بُدَّ حَتَّى عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ قَالَ الشَّارِحُ وَجَدْت الرُّويَانِيَّ قَيَّدَهُ بِذَلِكَ وَهَذَا التَّقْيِيدُ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَمَّا طَرِيقُ الرَّافِعِيِّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا طَرِيقُ النَّوَوِيِّ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُقِمْ الْغُسْلَ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَالنَّوَوِيُّ، إنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُكْثَ فِيمَا إذَا أَقَامَهُ مَقَامَهُ؛ بِأَنْ لَا يَتَعَرَّضَ فِي نِيَّتِهِ لِلتَّرْتِيبِ ثُمَّ قَالَ وَكَنِيَّةِ الْوُضُوءِ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُكْثِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ مِنْ جُمْلَةِ أَجْزَاءِ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَقَدْ يَحْصُلُ بِلَا تَرْتِيبٍ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ وَقُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) هَذَا، إنَّمَا يَرِدُ عَلَى مُقْتَضَى الْعِلَّةِ الْأُولَى وَهُوَ أَنَّ الْغُسْلَ، إنَّمَا أَجْزَأَهُ لِكَوْنِهِ جَعَلَهُ قَائِمًا مَقَامَ الْوُضُوءِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ كَذَلِكَ؛ بِأَنْ جَعَلَ الْغُسْلَ نَفْسَهُ وُضُوءًا؛ بِأَنْ نَوَى بِهِ الْوُضُوءَ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَمْ يَصِحَّ، هَذَا مُرَادُ ابْنِ الصَّلَاحِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ هُوَ الثَّانِي لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ الصِّحَّةَ وَإِنْ اغْتَسَلَ مُنَكَّسًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، فَالْأَوْجَهُ الْإِجْزَاءُ هُنَا وَإِنْ جَعَلَهُ وُضُوءًا خِلَافًا لِشَيْخِنَا وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ اعْتَمَدَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.
(قَوْلُهُ: جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقَتَيْ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) أَيْ: عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَإِلَّا فَالرُّويَانِيُّ أَقْدَمُ مِنْ الرَّافِعِيِّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ