للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُكَاتَبٍ) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِلتَّوَثُّقِ وَالْمُكَاتَبُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِ النَّجْمِ مَتَى شَاءَ فَلَا مَعْنَى لِتَوْثِيقِهِ.

(وَالْجُعْلُ) أَيْ: وَلَا يَجْعَلُ الْجَعَالَةَ (مَا لَمْ يَكْمُلَا) أَيْ: الْعَمَلُ، وَإِنْ شُرِعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ لِعَاقِدَيْهَا فَسْخَهَا فَيَسْقُطُ بِهِ الْجُعْلُ، وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ بِفَسْخِهِ وَحْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ، وَفَارَقَ الرَّهْنَ بِالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِأَنَّ مُوجِبَ الثَّمَنِ الْبَيْعُ، وَقَدْ تَمَّ بِخِلَافِ مُوجِبِ الْجُعْلِ، وَهُوَ الْعَمَلُ، وَبِأَنَّ الثَّمَنَ وَضْعُهُ عَلَى اللُّزُومِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْجُعْلِ، بَلْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ. وَخَرَجَ بِمَا لَمْ يَكْمُلْ مَا إذَا كَمُلَ الْعَمَلُ لِلُزُومِ الدَّيْنِ حِينَئِذٍ وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُمَا، فَلَوْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الضَّمَانِ، ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَنَصُّ الْأُمِّ يَشْهَدُ لَهُ.

(وَالرَّهْنَ فَوْقَ الرَّهْنِ زِدْ) أَيْ: وَزِدْ جَوَازًا رَهْنًا عَلَى رَهْنٍ (بِدَيْنِ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ تَوَثُّقِهِ ثُمَّ هُوَ كَمَا رَهَنَهُمَا بِهِ مَعًا (لَا الدَّيْنَ فَوْقَ الدَّيْنِ بِالرُّهَيْنِ) بِالتَّصْغِيرِ أَيْ: لَا تُزِدْ دَيْنًا عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ وَفَّى بِهِمَا كَمَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ هَذَا شَغْلُ مَشْغُولٍ، وَذَاكَ شَغْلُ فَارِغٍ، نَعَمْ لَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ، فَأَصْلَحُ الطَّرِيقَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الرَّهْنِ لِتَضَمُّنِهِ اسْتِبْقَاءَهُ، وَيَجْرِي الطَّرِيقَانِ فِيمَا لَوْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمَرْهُونِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِعَجْزِ الرَّاهِنِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ غَيْبَتِهِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ، كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّاهِنَ فِي صُورَةِ عَجْزِهِ كَالْحَاكِمِ فَيَكْفِي إذْنُهُ.

(وَيَمْزُجُ الرَّهْنَ بِبَيْعٍ) بِبِنَاءِ يَمْزُجُ لِلْفَاعِلِ، وَهُوَ (مَنْ يَرَى) أَيْ: الْمَزْجَ أَيْ: يُرِيدُهُ زَادَهُ عَلَى الْحَاوِي تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمَزْجَ جَائِزٌ لَا مَطْلُوبٌ، (وَالْقَرْضِ) عَطْفٌ عَلَى بَيْعٍ أَيْ وَيَمْزُجُ الرَّهْنَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ (لَكِنْ طَرَفَاهُ) أَيْ: الرَّهْنِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (أُخِّرَا) وُجُوبًا عَنْ طَرَفَيْ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ فِيهِ الْمَقْصُودُ شَيْئًا فَشَيْئًا كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ يَثْبُتُ فِيهِ بَعْضُ الْجُعْلِ بِفِعْلِ بَعْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ إلَّا بِالْفَرَاغِ، وَمَا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ إلَّا دَفْعَةً كَرَدِّ الْآبِقِ وَالضَّالِّ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ مُطْلَقًا، إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صُورَتَيْ الْفِدَاءِ وَالْإِنْفَاقِ كَوْنُ الْفِدَاءِ وَالنَّفَقَةِ مَعْلُومَيْنِ كَأَنْ يَقُولَ: أَذِنْت فِي فِدَائِهِ بِكَذَا أَوْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ. كُلُّ يَوْمٍ دِرْهَمَانِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَبِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ بِهِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ هُنَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ هُنَا تَابِعٌ فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ لَكِنْ طَرَفَاهُ أُخِّرَا) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ، فَإِنَّ طَرَفَيْهِ لَمْ يُؤَخَّرَا عَنْ طَرَفَيْ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ، وَكَيْفَ وَأَحَدُ طَرَفَيْهِ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ طَرَفَيْ مَا ذُكِرَ؟ ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَجْمُوعَ طَرَفَيْهِ أُخِّرَا عَنْ مَجْمُوعِ طَرَفَيْ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَسَّرَ قَوْلَ الرَّوْضِ بِشَرْطِ تَأَخُّرِ طَرَفَيْ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ: يَعْنِي تَأَخُّرِ أَحَدِهِمَا عَنْ طَرَفَيْ الْآخَرِ وَالْآخَرِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ. ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى مَا قَرَّرْته هُنَا فِي قَوْلِهِ بِشَرْطِ تَأَخُّرِ الطَّرَفَيْنِ يُحْمَلُ كَلَامِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، إذْ لَا يَتَأَتَّى تَأَخُّرُ كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الرَّهْنِ عَنْ كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الْآخَرِ اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ بِهَا، أَوْ بِالذِّمَّةِ كَأَنْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَالتَّمَكُّنِ جَازَ. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ إلَخْ) أَيْ إنْ ظَهَرَ أَثَرُ الْعَمَلِ عَلَى الْمَحَلِّ كَأَنْ جَاعَلَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارٍ، فَبَنَى بَعْضَهَا، وَإِلَّا كَأَنْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَشَرَعَ فِي رَدِّهِ شَخْصٌ وَفَسَخَ قَبْلَ رَدِّهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ (قَوْلُهُ وَالثَّمَنَ وَضَعَهُ عَلَى اللُّزُومِ) لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا) فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، فَلَوْ رَهَنَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ لَمْ يَصِحَّ.

(قَوْلُهُ لَا الدَّيْنُ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ كَمَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ) تَفْصِيلُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَا تَحَرَّرَ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ: أَنَّهُ إنْ صُرِّحَ بِبَقَاءِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ رَهْنُهُ ثَانِيًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِذَا فُسِخَ الْأَوَّلُ جَازَ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ بِإِشْرَاكِ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ مَعَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُصَرَّحْ بِشَيْءٍ مِنْ فَسْخٍ وَبَقَاءٍ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ بِإِشْرَاكِهِ لِلْمُرْتَهِنِ وَمَعَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ جَازَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ عَقْدُهُ مَعَهُ فَسْخًا وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ بِرَهْنِهِ مَعَ دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يَصِحَّ وَيَجُوزُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ بِهِمَا أَيْ الدَّيْنَيْنِ.

وَيَكُونُ فَسْخًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْفَسْخِ فَمَحَلُّ قَوْلِهِ: لَا الدَّيْنُ فَوْقَ الدَّيْنِ إلَخْ حَيْثُ صُرِّحَ بِبَقَاءِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يُصَرَّحْ، وَكَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ مَعَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ مَعَهُ بِلَا تَصْرِيحٍ بِالْفَسْخِ عَلَى مَا قَالَهُ م ر اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَبَعْضُهُ فِي ع ش عَلَى م ر. لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْحَاشِيَةِ اعْتِمَادُ مَا نُقِلَ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَيَجُوزُ، وَإِذَا أَقْبَضَهُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ لَزِمَ رَهْنُهُ عِنْدَهُ، وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي رَهْنِهِ بِدَيْنٍ آخَرَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ اهـ. عَمِيرَةُ.

(قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ أَنْفَقَ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ النَّفَقَةِ وَعِلْمُ الْأَيَّامِ الَّتِي يُنْفَقُ فِيهَا أَيْضًا لِيَكُونَ الْمَرْهُونُ بِهِ مَعْلُومًا اهـ. مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْبَتِهِ) أَوْ امْتِنَاعِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّهْنَ إلَخْ) فَلَوْ فُقِدَ الرَّاهِنُ وَالْحَاكِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>