للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الْبَيْعِ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَيْعُ مِلْكِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَمِنْ الِاسْتِيفَاءِ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ.

وَيَدْخُلُ الثَّمَنُ فِي ضَمَانِهِ، إنْ اسْتَوْفَاهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ، وَإِنْ نَوَى إمْسَاكَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ فِعْلٍ مِنْ نَقْلٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، وَلَا يَبْرَأُ الرَّاهِنُ عَنْ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ تَرْكُ تَكْمِلَةٍ وَإِيضَاحٍ، وَخَرَجَ بِمَا لِلْمُرْتَهِنِ مَا لِلرَّاهِنِ مِنْ الْبَيْعِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَيَصِحُّ لِصِحَّةِ الْإِذْنِ كَمَا لَوْ قَالَ: ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ، نَعَمْ إنْ بَاعَهُ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي تَرْكِ النَّظَرِ اسْتِعْجَالًا لِحَقِّهِ، فَلَوْ قُدِّرَ الثَّمَنُ صَحَّ الْبَيْعُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، لَكِنَّهُ إنْ وُجِدَ رَاغِبًا بِأَكْثَرَ مِمَّا قُدِّرَ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبَيْعُ بِدُونِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ مُعَيَّنٍ.

وَ (لَوْ ادَّعَى) وَاحِدٌ (عَلَيْهِمَا) أَيْ: عَلَى اثْنَيْنِ (أَنَّهُمَا قَدْ رَهَنَا) (بِمِائَةٍ) لَهُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ (عَبْدَهُمَا) مَثَلًا، (وَأَقْبَضَا) الْمَرْهُونَ (فَوَاحِدٌ) مِنْهُمَا (صَدَّقَهُ) وَالْآخَرُ كَذَّبَهُ، (فَاجْعَلْ بِنِصْفِ الدِّينِ رَهْنًا حَقَّهُ) أَيْ: فَاجْعَلْ حَقَّ الْمُصَدِّقِ مِنْ الْعَبْدِ رَهْنًا عِنْدَ الْمُدَّعِي بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَهُوَ خَمْسُونَ فِي مِثَالِنَا وَالْقَوْلُ فِي نَصِيبِ الْمُكَذِّبِ: قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الرَّهْنِ كَمَا مَرَّ، (ثُمَّ الَّذِي صَدَّقَ) الْمُدَّعِيَ (إنْ يَشْهَدْ عَلَى مُكَذِّبٍ بِالرَّهْنِ) لِنَصِيبِهِ (أَيْضًا قُبِلَا) أَيْ: قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِخُلُوِّهَا عَنْ جَلْبِ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضَرَرٍ، فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ رَهْنُ الْكُلِّ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ، (وَحَيْثُ كُلُّ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنْ لَا رَهْنَ مِنْهُ، بَلْ شَرِيكُهُ رَهَنْ) نَصِيبَهُ (يُقْبَلُ) كُلٌّ مِنْهُمَا فِي شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ (إنْ يَشْهَدْ) ، وَيَجُوزُ فَتْحُ أَنْ وَالْجَزْمُ بِهَا لُغَةً أَيْ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَرُبَّمَا نَسِيَا، وَإِنْ تَعَمَّدَا فَالْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُوجِبُ الْفِسْقَ، وَلِهَذَا لَوْ تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَا فِي حَادِثَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فِي التَّخَاصُمِ، فَإِنْ شَهِدَ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا آخَرُ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ رَهْنُ الْكُلِّ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمُدَّعِي بِظُلْمِهِمَا بِالْإِنْكَارِ بِلَا تَأْوِيلٍ، فَإِنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَهُمَا انْتَهَى، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِتَعَمُّدِهِمَا كَذْبَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ الْفِسْقَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ.

(وَإِنْ شَخْصَانِ يَدَّعِيَا) بِالْجَزْمِ بِكَوْنِهِ تَفْسِيرَ الْمَجْزُومِ إنْ أَيْ: وَإِنْ يَدَّعِ اثْنَانِ (أَلْفًا) لَهُمَا (عَلَى إنْسَانِ، وَأَنَّهُ أَقْبَضَ هَذَا الْعَبْدَ) مَثَلًا (رَهْنًا بِهِ) أَيْ: بِالْأَلْفِ (فَإِنْ يُصَدِّقْ) أَيْ: الْإِنْسَانُ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ يُكَذِّبُهُ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ يُصَدِّقُ (فَرْدَا) أَيْ: وَاحِدًا مِنْهُمَا وَيُكَذِّبُ الْآخَرَ (فَنِصْفُ هَذَا الْعَبْدِ مَرْهُونٌ لَدَى مُصَدَّقٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ عِنْدَهُ وَيَحْلِفُ لِلْمُكَذَّبِ، (ثُمَّ لَهُ) أَيْ: الْمُصَدَّقِ (أَنْ يَشْهَدَا لِغَيْرِ مَنْ صُدِّقَ) بِضَمِّ الصَّادِ أَيْ: لِلْمُكَذَّبِ بِرَهْنِ النِّصْفِ لِمَا مَرَّ، (بَلْ) بِمَعْنَى لَكِنْ (إنْ اقْتَضَى حَالُهُمَا الشَّرِكَةَ) بَيْنَهُمَا فِيمَا ادَّعَاهُ الْمُصَدَّقُ كَأَنْ قَالَا: رَهَنْته مِنْ مُورِثِنَا أَوْ مِنَّا صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَشَهَادَتُهُ لَهُ (لَيْسَتْ تُرْتَضَى) لِلتُّهْمَةِ فِي دَفْعِ مُزَاحَمَةِ الشَّرِيكِ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا سَلِمَ لَهُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا ادَّعَيَا مِلْكًا بِابْتِيَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَا يَسْتَبِدُّ الْمُصَدَّقُ بِالنِّصْفِ الْمُسَلَّمِ، بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْمُكَذَّبُ، وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: رَهَنْت عَبْدَك عِنْدِي فَقَطْ، فَإِنْ كَذَّبَهُمَا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا، وَإِنْ كَذَّبَ أَحَدَهُمَا قُضِيَ لِلْمُصَدَّقِ وَلِلْمُكَذَّبِ تَحْلِيفُهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ السَّبْقَ أَوْ ادَّعَاهُ وَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ فَصَدَّقَاهُ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَذَّبَاهُ فَالْقَوْلُ: قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَاذِبًا فِي التَّخَاصُمِ) وَنَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا غَيْرَ مُفَسِّقَةٍ مَا إذَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهَا غَيْرُ جَحْدِ الْحَقِّ، أَمَّا هُنَا فَبِتَقْدِيرِ تَعَمُّدِهِ يَكُونُ جَاحِدًا لِحَقٍّ وَعَلَيْهِ فَيَفْسُقُ بِذَلِكَ وَرُدَّ، بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ مُفَسِّقًا أَنْ يُفَوِّتَ الْمَالِيَّةَ عَلَى الْغَيْرِ، وَهُنَا لَمْ يُفَوِّتْ إلَّا حَقَّ الْوَثِيقَةِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: إلَّا حَقَّ الْوَثِيقَةِ الْوَجْهُ خِلَافُ هَذَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَثِيقَةِ حَقٌّ مَالِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ م ر. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْكَذْبَةَ هُنَا تَتَضَمَّنُ قَطْعَ حَقٍّ

(قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْته إلَخْ) اُنْظُرْ عَلَى هَذَا كَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَصْدِيقُ أَحَدِهِمَا؟ ، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: بَلْ رَهَنْت نِصْفَهُ عِنْدَك بِرّ. (قَوْلُهُ أَوْ مِنَّا صَفْقَةً) إذْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ بَعْضٍ مِنْهُ مَرْهُونٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ انْفَكَّ بَعْضُهُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا

ــ

[حاشية الشربيني]

إذْنِ مَدِينٍ أَوْ وَارِثٍ أَوْ سَيِّدِ قِنٍّ جَانٍ فِي الْبَيْعِ وَالِاسْتِيفَاءِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ مِلْكِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ لِأَجْلِهَا (قَوْلُهُ لِأَجْنَبِيٍّ) تَقْيِيدٌ لِمَفْهُومِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ إنْ حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَأُذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ قُدِّرَ إلَخْ) أَوْ كَانَ الثَّمَنُ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ، وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ فِي غَيْبَتِهِ اهـ. م ر خِلَافًا لِحَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

(قَوْلُهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الرَّاهِنِ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ الْمُكَذِّبُ فَيَغْرَمَ لَهُ الْقِيمَةُ لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّحْلِيفِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر. بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَلَوْ قَالَ: نَسِيت السَّابِقَ أَوْ رَهَنْت مِنْ أَحَدِهِمَا وَنَسِيت، فَصَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ، فَحَلَفَ لَهُمَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ السَّابِقَ أَوْ الْأَحَدَّ تَدَاعِيًا، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَطَلَ الرَّهْنُ، إلَّا إنْ قَالَ: عَرَفْت السَّابِقَ وَنَسِيته فَيُتَوَقَّفُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>