للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سِوَى مَا يَدَّعِي) بِهِ مُعَيَّنًا، أَوْ فِي الذِّمَّةِ (مِنْ بَعْدِ إقْرَارٍ) بِهِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (هُوَ فِي الْعَيْنِ) الْمُصَالَحِ عَلَيْهَا كَأَنْ صَالَحَ مِنْ دَارٍ، أَوْ دَيْنٍ عَلَى ثَوْبِهِ، أَوْ عَشَرَةٍ فِي الذِّمَّةِ (بَيْعٌ) مِنْ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (يَثْبُتُ الْخِيَارُ) وَغَيْرُهُ مِمَّا يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ لَفْظِ الصُّلْحِ (فِيهِ) لِصِدْقِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ (وَفِي مَنْفَعَةٍ) صُولِحَ عَلَيْهِمَا كَأَنْ صَالَحَ مِنْ دَارٍ، أَوْ دَيْنٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا (إيجَارُ) فَيَثْبُتُ فِيهِ مَا يَثْبُتُ فِي الْإِيجَارِ بِغَيْرِ لَفْظِ الصُّلْحِ لِصِدْقِ الْإِيجَارِ عَلَيْهِ وَهَذَانِ النَّوْعَانِ يُسَمَّيَانِ صُلْحَ الْمُعَاوَضَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الصُّلْحَ مِنْ مَنْفَعَةٍ عَلَى عَيْنٍ بَيْعٌ وَلَيْسَ مُرَادًا

(وَهُوَ) أَيْ الصُّلْحُ عَمَّا يَدَّعِي بِهِ (بِبَعْضِ الْمُدَّعَى) بِهِ (فِي الدَّيْنِ) كَأَنْ صَالَحَ مِنْ أَلْفٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى نِصْفِهَا (إبْرَا) مِنْ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ لِصِدْقِ الْإِبْرَاءِ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ فِيهِ مَا يَثْبُتُ فِي الْإِبْرَاءِ فَإِنْ اسْتَعْمَلَ لَفْظَ الْإِبْرَاءِ، أَوْ نَحْوَهُ كَقَوْلِهِ أَبْرَأْتُك عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي عَلَيْك وَصَالَحْتُك عَلَى الْبَاقِي لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الصُّلْحِ كَقَوْلِهِ صَالَحْتُك عَنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي عَلَيْك عَلَى خَمْسَةٍ اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَقْتَضِيه وَلَوْ ضَمِنَ عَشَرَةً وَأَدَّى خَمْسَةً وَأَبْرَأَهُ الدَّائِنُ عَنْ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ لَمْ يَبْرَأْ عَنْهَا الْأَصِيلُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ إبْرَاءَ الضَّامِنِ لَا يُوجِبُ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ مِنْ الْعَشَرَةِ عَلَى خَمْسَةٍ فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ عَنْهَا أَيْضًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ إبْرَاءٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ بِخِلَافِ لَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهِ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الضَّمَانِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ (وَلَكِنْ هِبَةٌ فِي الْعَيْنِ) أَيْ، وَالصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي الْعَيْنِ كَأَنْ صَالَحَ مِنْ دَارٍ عَلَى بَعْضِهَا هِبَةً لِلْبَعْضِ الْآخَرِ لِصِدْقِ الْهِبَةِ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ فِيهِ مَا يَثْبُتُ فِيهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: هُوَ فِي الْعَيْنِ) أَرَادَ بِهَا مُقَابِلَ الْمَنْفَعَةِ بِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ بِقَوْلِهِ: وَفِي مَنْفَعَةٍ.

وَلِذَا مَثَّلَ لَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَشَرَةٍ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: بَيْعٌ مِنْ الْمُدَّعِي) الْمُلَائِمُ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ فِي الْعَيْنِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهَا أَنْ يَقُولَ هُنَا: بَيْعٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بِرّ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ لَفْظِ الصُّلْحِ) وَإِلَّا فَهَذَا بَيْعٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إيجَارُ) أَيْ لِمَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَمَّا يَدَّعِيه شَامِلٌ لِلْمَنْفَعَةِ وَحِينَئِذٍ فَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ الصُّلْحَ مِنْ مَنْفَعَةٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ إيجَارٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَفِي مَنْفَعَةٍ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مَنْفَعَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادًا) بَلْ هُوَ إيجَارٌ

(قَوْلُهُ: مَا ثَبَتَ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الْأَحْكَامِ) وَظَاهِرُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ صِحَّةُ الصُّلْحِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى بَعْضِهِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَأَنْ صَالَحَ مِنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا كَانَ الْبَعْضُ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ وَصَالَحْتُك عَلَى الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وَلَا يَبْعُدُ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ أَيْضًا مِنْ خَمْسَةٍ لِوُجُودِ لَفْظِ الصُّلْحِ الْمُشْعِرِ بِالْقَنَاعَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي ثُبُوتِ حَقِيقَتِهِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، أَوْ الصُّلْحُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَيَكُونُ مَا ذُكِرَ أَصْلًا لِأَخْذِهِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ، أَوْ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ فِي الْآيَةِ عَامٌّ وَلِذَا عَدَلَ عَنْ الضَّمِيرِ، وَلَا يَضُرُّ خُصُوصُ سَبَبِ النُّزُولِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِ إقْرَارٍ) مِثْلُهُ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ دَيْنِ السَّلَمِ وَلَوْ كَانَ مَبِيعًا فِي الذِّمَّةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم هُنَا عَنْ م ر لَكِنَّ الْمُتَقَدِّمَ لَهُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَمَشَى عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ عَشَرَةٍ فِي الذِّمَّةِ) هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ دَيْنًا يَكُونُ اسْتِبْدَالًا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْيِينُ الدَّيْنِ فِي الْمَجْلِسِ مَعَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ رِبَوِيَّيْنِ وَيَكُونُ الدَّيْنُ الْمُصَالَحُ بِهِ هُنَا غَيْرَ لَازِمٍ كَفَى تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ عَنْ تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ وَقَوْلُهُمْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ أَرَادُوا بِهِ اللَّازِمَ فِيهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ مَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ أَمَّا الْمُعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ فَلَيْسَ فِي الذِّمَّةِ وَقَوْلُهُ أَرَادُوا بِهِ اللَّازِمَ أَيْ مَا بَعْدَ اللُّزُومِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَعَيَّنُ بِتَرَاضِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فِي الِاسْتِبْدَالِ،

وَالْكَلَامُ فِي الدَّيْنِ الْمُخَالِفِ لِلدَّيْنِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ جِنْسًا، أَوْ نَوْعًا؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ اعْتِيَاضٌ فَجَرَتْ فِيهِ أَحْكَامُ الرِّبَا أَمَّا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لَا اعْتِيَاضٌ فَلَا يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ ع ش

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) مِنْهُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ: (قَوْلُهُ: وَصَالَحْتُك عَلَى الْبَاقِي) وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الصُّلْحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شُرُوطِهِ كَسَبَقِ الْخُصُومَةِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُبَرَّأْ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ كَلَامٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مِنْ الصُّلْحِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا ذُكِرَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ) أَيْ نَظَرًا لِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ ق ل وَانْظُرْهُ مَعَ أَنَّهُ مِنْ اجْتِمَاعِ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِ الْمُقْتَضِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: الصُّلْحُ عَنْ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ غَيْرُ مُقْتَضٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ الصُّلْحُ سَلَمًا) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ لَوْ صَالَحَ مِنْ عَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَيْعٌ، أَوْ عَبْدٌ، أَوْ ثَوْبٌ مَثَلًا مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ سَلَمٌ وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ. اهـ. قَالَ: ق ل وَجَعَلَ الثَّانِي سَلَمًا، وَالْأَوَّل بَيْعًا غَيْر مُسْتَقِيمٍ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ لَفْظِ السَّلَمِ سَلَمٌ وَمَعَ عَدَمِ لَفْظِهِ بَيْعٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: مَحَلُّ هَذَا إذَا صَدَرَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَهُنَا إنَّمَا صَدَرَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمُقَابِلِ السَّلَمِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا فَهُوَ أَعْنِي الْبَيْعَ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَوْضِعِهِ لِغَيْرِهِ فَإِذَا نَافَى لَفْظُهُ مَعْنَاهُ بِأَنْ كَانَ الْبَيْعُ فِي الذِّمَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>