للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَى فُلَانٍ لَك، أَوْ مَلَّكْتُك الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ بِحَقِّك ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ: وَهَلْ تَجُوزُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ؟ إنْ رَاعَيْنَا اللَّفْظَ لَمْ تَنْعَقِدْ، أَوْ الْمَعْنَى انْعَقَدَتْ كَالْبَيْعِ بِلَفْظِ السَّلَمِ وَفِي الْكَافِي لَوْ قَالَ: أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَلَمْ يَقُلْ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَك عَلَيَّ.

قِيلَ: هُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَوَالَةِ وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ فَلَا يَكُونُ حَوَالَةً إلَّا بِالنِّيَّةِ انْتَهَى، وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَكِنَّ الشَّارِحَ صَحَّحَ فِي تَنْقِيحِهِ الثَّانِيَ

(وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا (ثُبُوتِ الدَّيْنِ) عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ بِالْعَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلَا بِالدَّيْنِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّهَا اعْتِيَاضٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ لِيُجْعَلَ عِوَضًا (وَأَنْ يَكُونَ لَازِمًا) كَالثَّمَنِ بَعْدَ زَمَنِ الْخِيَارِ (، أَوْ) يَكُونَ (أَصْلُهُ لُزُومُهُ) كَالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمَبِيعَ أَمْ لَا (عَلَى الَّذِي يُحِيلُهُ عَلَيْهِ) الْمُحِيلُ وَهُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ عَلَى نَجْمِ الْكِتَابَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا كَالنَّجْمِ فِي الْكِتَابَهْ أَيْ فِي حَوَالَةٍ) مِنْ السَّيْرِ لِغَرِيمِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ النَّجْمِ، فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِعَدَمِ لُزُومِهِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ إذْ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطُهُ فَلَا يُمْكِنُ إلْزَامُهُ الدَّفْعَ لِلْمُحْتَالِ. وَخَرَجَ بِالنَّجْمِ مَا لَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ فَفِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْمُتَوَلِّي إنْ قُلْنَا بِبَقَائِهِ لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ.

لَكِنْ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ صِحَّتُهَا وَبِهِ قَطَعَ فِي الشَّامِلِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

لِلْمُعَلَّلِ (قَوْلُهُ: إنْ رَاعَيْنَا اللَّفْظَ) اعْتَمَدَ م ر (قَوْلُهُ: قِيلَ هُوَ صَرِيحٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَلَا يُنَافِي الصَّرَاحَةَ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَرَدْت بِأَحَلْتُكَ الْوَكَالَةَ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ. نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْوَكَالَةِ فَيُشْكِلُ بِقَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: ثُبُوتُ الدَّيْنِ) قِيَاسُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ الْحَوَالَةُ قَبْلَ الثُّبُوتِ، ثُمَّ ثَبَتَ الدَّيْنُ تَبَيَّنَ صِحَّتُهَا (فَرْعٌ)

التَّسْوِيغُ الْوَاقِعُ فِي الْأَوْقَافِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْحَوَالَةِ بَلْ حَاصِلُهُ إذْنُ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي قَبْضِ مَا يَثْبُتُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ فَفِيهِ اتِّحَادُ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ فَيُسَامَحُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَصْرِفَ مَا عَلَيْهِ فِي الْعِمَارَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُسْتَحِقُّ وَكِيلُ النَّاظِرِ فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. نَعَمْ لَوْ ثَبَتَ لِلْمُسْتَحِقِّ دَيْنٌ عَلَى الْوَقْفِ بِأَنْ اسْتَحَقَّ الْجَامِكِيَّةِ وَصَارَتْ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ فَلِلنَّاظِرِ أَنْ يُحِيلَهُ عَلَى مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ لِلْوَقْفِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَوَالَةِ لُزُومُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَوُجُودُ ذِمَّةٍ يُحَالُ عَلَيْهَا وَقَدْ وُجِدَ الْأَمْرَانِ هُنَا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ فِي ذِمَّةٍ فَلَا يَقْدَحُ خُلُوُّ ذِمَّةِ النَّاظِرِ وَانْتِفَاءُ الذِّمَّةِ عَنْ الْوَقْفِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُحِيلَ دَائِنَهُ عَلَى النَّاظِرِ، أَوْ الْوَقْفِ لَمْ يَصِحَّ لِخُلُوِّ ذِمَّةِ النَّاظِرِ وَانْتِفَاءِ الذِّمَّةِ عَنْ الْوَقْفِ مَعَ اشْتِرَاطِ ذِمَّةٍ يُحَالُ عَلَيْهَا م ر (قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ صِحَّتُهَا) يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ اسْتَمَرَّتْ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ بَقَائِهِ لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ لَتَعَلَّقَ الْحَقُّ هُنَا بِثَالِثٍ وَعَلَى هَذَا هَلْ يُقْضَى مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ يَتَأَخَّرُ لِلْعِتْقِ؟

(قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا) سَيَأْتِي فِي هَامِشِ بَابِ الضَّمَانِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانٌ بِدَيْنِ مُعَامَلَةِ السَّيِّدِ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ) أَيْ نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ ق ل فَقَوْلُهُمْ: مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضِعِهِ كَانَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ لَيْسَ عَامًّا تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: لَمْ تُنَفَّذْ) مُعْتَمَدٌ م ر قَالَ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ، أَيْ الْغَالِبَ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ اهـ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ بِالْعَيْنِ) أَيْ عَلَيْهَا، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَلَا بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: كَالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، أَوْ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَحَالَ عَلَيْهِ فَقَدْ أَجَازَ فَوَقَعَتْ الْحَوَالَةُ مُقَارِنَةً لِلْمِلْكِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إذْ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطُهُ إلَخْ) أَيْ لَوْ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ وَحِينَئِذٍ يَضِيعُ الْمُحْتَالُ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ عَلَى الثَّمَنِ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَوْ فَسَخَ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ لِتَزَلْزُلِ الْعَقْدِ بِالْخِيَارِ كَمَا قَالَهُ م ر وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ مَا كَتَبْنَاهُ (قَوْلُهُ إذْ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطُهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يَأْتِي مِثْلُهُ فِي إحَالَةِ الْبَائِعِ عَلَى الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ كَوْنِ الْخِيَارِ لَهُمَا وَلِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ سَقَطَ خِيَارُ الْبَائِعِ بِالْحَوَالَةِ فَخِيَارُ الْمُشْتَرِي بَاقٍ، فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَيْسَ آيِلًا إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ) أَيْ لِلُزُومِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعَامَلَةً وَبِهِ يَسْقُطُ مَا قِيلَ: هُوَ قَادِرٌ عَلَى إسْقَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالتَّعْجِيزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>